Thursday 28th October,200411718العددالخميس 14 ,رمضان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الرأي"

رحلة إلى كازاخستان وجاراتها 5-5 رحلة إلى كازاخستان وجاراتها 5-5
محمد بن عبدالله الحمدان *

إلى قيرقيستان:
غادرت ألماتي في اتجاه الغرب بعد الحصول على تأشيرة من سفارة قيرقيستان، ونقد (40) قاحوث أخضر، تاركاً جبال ألماتي على يساري، وعن يميني الغابات والمزارع، وبعد فترة قلَّ ارتفاع الجبال، فدخل الطريق بينها متعرجاً ببعض الأودية، ثم خرجنا (السائق والسيارة وأنا) على أكمات وسهول، ومررنا بمسجد في الطريق، ثم وصلنا الحدود، فأخذ الشرطي جواز سفري (الأخيضر) وغاب قليلاً ثم عاد به، واطلع على بطاقة السائق، ثم سمح لنا بدخول الأراضي القرقيزية، وبعد سير قليل، وصلنا العاصمة بشكيك Bishkek بعد قطع حوالي 300 كيلومتر، وهي مدينة لا بأس بها، ومعظمها مغطى بالأشجار، أي لا تكاد ترى البيوت والمنشآت من كثرة الأشجار (الخضرة والماء).
نسبة المسلمين في هذا البلد 85% حسبما ذكر لي الأخ الأستاذ خليل نيازي، الذي قابلته بعد اتصال به من الأستاذ علي الحمدان سفير المملكة في كازاخستان، وقد أصر- جزاه الله خيرا - على أن أقيم معه في منزله الليلة الأولى، وتناول طعام العشاء في مطعم تركي، كما سهل لي -مشكوراً- الذهاب إلى الجبل القريب من هذه المدينة حيث الخضرة والمياه المتدفقة القادمة من الثلوج التي تكسو أعالي الجبال كما سهل لي مهمة الذهاب إلى بحيرة (ايسيكول) Issykkul المشهورة طولها 180 كيلا وعرضها 60 استغل معظم شواطئها كمناطق سياحية، وهي أكبر قليلاً من بحيرة (خروقي قادم) أقصد (كبش قاي) ghai capsh في كازاخستان عفواً لا تنسوا ان في كازاخستان بحيرة هائلة هي بلخاش Balkhash (بلكاش) طولها 600 كيلومتر (ستمائة)، نصف مائها مالح ونصفه حلو رغم بعدها عن البحار، وتسهيل مهمتي جاء من أن الأستاذ خليل ركب مرة مع صاحب سيارة أجرة فأعجب بأمانته وعدم أخذه أكثر من حقه ، أي ليس من أحفاد أشعب، وعندنا في الأمثال (أطمع من أشعب) وأكذب أو أذرق من صواية الليل، وأدل من قطاة وأطهر من حمام الحرم.. وألقف من (نوم) الصفرة بضم الصاد وإسكان الفاء.
عفواً لهذا الاستطراد.. لهذا أخذ الأخ خليل رقم هاتف هذا السائق فاتصل به وجاء وتواعدنا على التوجه للبحيرة صباح الغد، وبعد صلاة الفجر غادرت بشكيك إلى البحيرة والجبال والأنهار على يمين الطريق ويساره، ثم تلاقت الجبال، وكأنها ستسد الطريق الذي انساب بينها كالثعبان وبجانبه النهر ثم خرجنا (ثلاثتنا) على حزوم (حزون)، وأنهار تجري متجهة للبحيرة، ثم أشرفنا على البحيرة المليئة بالمياه العذبة، وسرنا بمحاذاتها حوالي 80 كيلاً فوصلنا مدينة (شولبان أتا) التي تعج بالحركة وبعدها ب 20 كيلا وصلنا فندق افرورا (Avrora) ذي الشواطىء الجميلة، والحدائق الغناء (بتشديد النون).
وذكر أبو رامي أشياء عن هذه الدولة نسيت بعضها، في مدينة جلال أباد، و (أوش) وغيرهما وفي هذه الجبال التي تقدم ذكرها آنفاً بنوا جدرانا عراضا من الأحجار تمنع الأحجار المتساقطة من الجبال أثناء الأمطار من الوصول للطريق وفي بشكيك سوق كبير (سوبر ماركت) اسمه (بيتاستور) يشبه (رام ستور) في ألماتي، وكلاهما لرجال أعمال أتراك.
منتجع أفرورا:
أقمت في هذا المنتجع الجميل يوماً واحداً فقط لضيق الوقت وقرب انتهاء مدة الضيافة المحددة من قبل الحكومات، وفي العودة مع الطريق السيئ الذي يتجه من بشكيك إلى حدود كازاخستان، وجعلت الحدود فلم أجد بطاقة تعبئة المعلومات باللغة الإنجليزية بل كلها بالروسية، فسألت موظفة الجوازات عن بطاقة بالإنجليزية، فأخذت جواز السفر مني وكتبت البطاقة ثم غابت وعادت به.
قصة الحافظة:
اشتريت من أحد المحلات التجارية في شارع الملك فيصل (شارع الوزير) حافظة (بتقديم الألف على الفاء) تحتفظ ببرودة ما يوضع فيها بارداً وهي جميلة وخفيفة ومستطيلة يسهل حملها، نفعتني كثيراً في تنقلاتي القصيرة داخل المملكة، وفي تنقلاتي خارجها، استخدمتها في (تونس) أثناء تنقلي بين مدنها، واستخدمتها في رحلتي هذه بين كازاخستان وقرقستان.
ترددت على المحل كثيراً لأشتري منه أخرى إذا تعبت هذه فلم أجد، ووجدت أخريات ليست مثلها، إما خفيفة أو مربعة أو يدها التي تعلق بها رقيقة.
لذا اصطحبها معي إلى الصين (لأنها صينية) لأشتري أخرى، وفي بكين بحثت والدكتور علي الوعر (وهي معنا) لعدة محلات فلم نجد مثلها وبها اسم الشركة المصنعة ولكن بدون هاتف.
الخبزة (قرص الجمر):
وقد وجدت في الفندق غرفة بابها على الحديقة التي يجري بجابنها النهر أي - كما قلت سابقاً- الماء والخضرة والجو الحسن، وفي الغرفة مطبخ صغير، أجهز فيه القهوة العربية مع الزنجبيل والمسمار العويدي (مسمار صلب) القرنفل (اترك عنك الهيل) فقد ثبت ضرره رغم انهم كانوا يقولون (الدالة التي ما تبهر بالهيل..) كما أعمل خبزة للفطور بل أحيانا للوجبات الرئيسية، مكونة من القمح (طحين بر) وبصل وثوم والحبة السوداء (الخضيرا) والحب الحار بفتح الحاء الأولى وليس بضمها وهو الذي لا يحبه أهل (...) بينما يموت فيه أهل (..)وكذلك أضع في الخبزة قليلاً من الكمون (السنوت).
وهذه الخبزة مفيدة جداً ومغذية، وتشبه قرص الجمر الذي نعمله في البر بفتح الباء (الصحراء)، ولهذه الباء قصة طريفة تعرفون (قرصان البر) جمع قرص مع ضم الباء، الذي كانت تقرصه النساء في بيوتهن على المقرصة - الحديدة) التي تشبه الدش (دش الفضائيات) ولما سئل أحد (العيايرة) هل عندك دش؟ أجاب: عندي خمسة.. واضاف: في كل حمام دش.
والآن أصبحت العمالة هي التي تقرص في الشوارع، ولكن توجد نساء يقرصن ويبعن قرصانهن، كما توجد بعض ربات البيوت النشميات يقرصن لأزواجهن وأولادهن ولهن إذا كن راضيات ومبسوطات!!
وهناك (قرصان البر) قرصان مفرد قراصنة، والبر بفتح الباء: الصحراء (كفانا الله شرهم).
وقرص الجمر هو الذي عناه الحطيئة في قوله (ما اغتذوا خبز ملة في بيته المشهور، والحطيئة - على فكرة- قيل انه من منطقة الغاط والزلفي بدليل ذكره لوادي (مرخ) ويرى هذا الاستاذ بدر الخريف الذي قال إنه كتب عنه مقالة في جريدة الشرق الأوسط اللندنية (لم أرها) كما يرى ذلك غيره، بينما يرى بعض المحققين أن الحطيئة ليس من هذه المنطقة، ومنهم حسن بن جريس- رحمه الله - وغيره.
المطازيز والمرقوق:
كذلك أعمل في هذا المطبخ الوجبة الشعبية المرقوق وهو الحليج سابقا ولكن ليس باللهجة المصرية التي تجعله (المرجوج) يا صخيف الذرعان ما نيب مرجوج)، والمطازيز التي كان اسمها في بعض القرى (القبابيط) ثم (المقابيط) ثم اصبحت الآن (المطازيز) وبمناسبة قرص الجمر يقول عمي عبدالعزيز (الله يذكره بالخير) وهو صاحب دعابة: إنهم إذا فركوا القرص واكثروا فيه السمن وجعلوا يفركون، يتكلم ويقول أثناء الفرك (وِِغّْْ، وِغّْ) بكسر الواو وتشديد الغين.
حاجز اللغة:
واجهت في هذه الدول الأربع عقبات ومواقف طريفة بسبب اللغة فسبحان من لا تختلف عليه اللغات مع تعددها وتعدد اللهجات.
إلى بلدي:
كنت استعد لمغادرة ألماتي عن طريق دبي بموجب خط السير والتذكرة إلا أن وفدا رسمياً تجارياً قدم إلى هنا وسيعود مباشرة للمملكة، فاغتنمت الفرصة لأوفر بعض التعب والوقت فاستأذنت من الضيف والمضيف وصحبت الوفد إلى المملكة وكفى الله المؤمين شر القتال، وهذا -بالضبط- ما جرى لي في العام الماضي (أبكي على ما جرى لي يا هلي) إلا أن هاتين الرحلتين حرمتاني من السباحة في بحر دبي ولكن (ما يخالف).
شكراً لرئيس الوفد، وشكراً مرة أخرى بل ومرات (بتشديد الراء) لأبي فراس، وشكرا لكم على تحملكم قراءة هذه السواليف (والشخابيط).
هذه هي قصة رحلتي لهذه الدول الأربع، وقد أزف الرحيل
أزف الترحل غير أن ركابنا
لمَّا تزل برحالنا وكأنْ قَدِ
(شاهد نحوي)
فأستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وإلى اللقاء في رحلة قادمة إلى (البير) قريباً (أمك ج على البير وامي على البير)
ملحوظة:
تأخر الوفد التجاري عن الحضور فعدت للمملكة عن طريق دبي.

* ألماتي
الرياض - البير
مكتبة قيس


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved