Thursday 28th October,200411718العددالخميس 14 ,رمضان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "حدث في مثل هذا اليوم"

احتراق دار الأوبرا بوسط القاهرة احتراق دار الأوبرا بوسط القاهرة

في مثل هذا اليوم من عام 1971 احترقت دار الأوبرا بوسط القاهرة. ففي بداية عام 1869 تم افتتاح دار الأوبرا بالقاهرة وتم ذلك في حفل كبير حضره العديد من ملوك وأمراء أوروبا، على رأسهم حاكم مصر الخديوي إسماعيل. وكان هذا الاحتفال البهيج تتويجا للاحتفالات الضخمة التي أنفق عليها إسماعيل بلا حساب بمناسبة افتتاح قناة السويس. وقد كان مبنى الأوبرا الفخم ملائما تماما للقاهرة الأوروبية التي قام إسماعيل بهمة ونشاط ببنائها وتخطيطها. فقد كان هدفه الذي وضعه نصب عينيه أن يجعل من القاهرة العتيقة ذات التسعمائة عام مدينة تضارع مدن أوروبا الحديثة وكانت الأوبرا نقطة مضيئة في هذه المنظومة.
وفن الأوبرا هو فن مركب يضم كل أنواع الفن المسرحي، ففيه الغناء والموسيقى والرقص والتمثيل والديكور الضخم. وقد بدأ مع بداية القرن السابع عشر كنوع من الترفيه على الملوك والنبلاء وسرعان ما بدأ هذا الفن في التطور تدريجيا حتى بات في أواسط القرن التاسع عشر في أوج مجده وأصبح التمتع به ليس مقصورا على الطبقات الأرستقراطية فحسب، بل امتد إلى باقي طبقات المجتمع في أوروبا خاصة الطبقة المتوسطة التي بدأت تزدهر ويزداد عددها مع ازدهار الثورة الصناعية، وبدأ هذا الجمهور العريض يتذوق هذا الفن ويطالب بالمزيد منه.
وقد طلب إسماعيل من جيوسبي فيردي الموسيقار الإيطالي وأحد أساطين فن الأوبرا في ذلك الوقت تلحين أوبرا تناسب هذه الاحتفالات الضخمة. وقد وجد فيردي أن أوبرا عايدة التي تصور مصر الفرعونية في قمة مجدها التليد مناسبة جدا لهذا الافتتاح. ولكنه لم يتمكن من إتمام هذا العمل الضخم في الوقت المحدد وقدم في الافتتاح أوبرا ريجولتو التي قدمها فيردي قبل ذلك بنحو عشرين عاما. ومنذ ذلك الوقت وحتى احتراق الأوبرا بعد ذلك بحوالي مائة عام شهدت خشبة هذا الصرح العريق الآلاف من العروض الموسيقية والأوبرالية واستضافت العديد من الفرق الموسيقية العالمية والمغنين العظام وقادة الاوركسترا الذين يشار إليهم بالبنان.
ولكن للأسف الشديد كان يجب أن يكون لهذا الحلم الجميل نهاية. وبالفعل استيقظت القاهرة في أحد الأيام على حريق يلتهم قلبها الثقافي. فقد أتت النيران على تاريخ مائة عام وساعدت المواد الرقيقة الخشبية التي بنيت بها الأوبرا على التهامها في غضون ساعات. وفشلت جهود رجال الإطفاء في إنقاذ أي شيء سوى بعض التماثيل الصغيرة ولم يبق سوى الرماد. وسرعان ما أحيطت أرض الأوبرا بلوحات إعلانية وسوي الركام والحطام بالأرض. وبقي هذا الحال على ما هو عليه بين أخذ ورد هل يعاد بناؤها كما كانت؟ أو تبني بطراز حديث؟ وهل تبني في نفس المكان أو في مكان آخر؟ وتفتق ذهن محافظة القاهرة عن استغلال هذا المكان في بناء ضخم لحل مشكلة الانتظار وازدحام السيارات فقامت ببناء جراج ضخم متعدد الطوابق. وقد وضع هذا الحل العملي نهاية درامية لحلم رومانسي في إعادة كل شيء لما كان عليه. وبدأت أعمال بناء أوبرا حديثة في مكان آخر. وبقي ميدان الأوبرا كما هو وهو لا يحوى من أثر لها سوى الاسم!


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved