Saturday 13th November,200411734العددالسبت 1 ,شوال 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "منوعـات"

وعلامات وعلامات
شانئو العربية! «1-2»
عبدالفتاح أبومدين

* ما تفتأ الحرب على لغتنا الشريفة تتجدد بين الحين والحين، بحجج واهية، تعلن الرغبة في تيسير العربية لأنها في رأيهم صعبة، والذين يعيبون على لغتنا صعوبتها لم يقدم أحد منهم في الماضي غير البعيد حلولا لما يطلبون، مثل طه حسين وسلامة موسى ولويس عوض وأضرابهم، وهذه الحرب ليست جديدة من أعداء العربية، وهذه الكراهية لن تؤثر بإذن الله على لغة الكتاب العزيز والسنَّة المطهَّرة والفقه الإسلامي، مهما قالوا ومهما نعقوا، حتى لو كان صاحب الرأي الفج ممن يبدي انتسابه إلى العربية، مثل (شريف الشوباشي)، صاحب كتاب: (لتحيا اللغة العربية ويسقط سيبويه)!!.
* والغريب أن نجد رجلا يقحم نفسه في علم أو فن هو ليس من أهله كشريف الشوباشي، وهذا ليس تطفلاً ولكنه سوء أدب أن يتدخل إنسان في شيء يجهله، ولو كان بنيّة الإصلاح من مجتهد وأخطأ لعذرناه، أما أن يكون الرأي عبر كتاب ينشر على الناس، ثم يقول قائلهم: (إنها حرية الرأي)، وأكبر الظن أن الذي يردد هذه المقولة جاهل ومغالط، لأنه لا يدرك معنى حرية من الفوضى.. نحن لا ندعو إلى تكميم أفواه الناس، ولكن الذي يسعى إلى الإفساد والتخريب، ويريد زعزعة الثوابت من مكتسبات الأمة، كاللغة العربية مثلاً، فينبغي أن يواجه بما يستحق من الردِّ، لأنه يرتكب جرماً في تراث أمة، هو ركيزتها في حياتها منذ عشرات القرون، ومطالبة الشوباشي عبث مردُّه استغلال معنى الحرية الفردية لمن لا يستحقها!.
* إن الدعوة المتجددة تقول: إن العربية لغة صعبة، وقد وعاها العرب في جاهليتهم وإسلامهم ولم يقولوا ما نسمع اليوم وسمعنا بالأمس، ولا أعدو الحقيقة إن قلت إننا كأمة في الجزيرة العربية وفي البلاد العربية، قبل نصف قرن لم نسمع من يقول إن العربية صعبة المنال، وندع الأصوات الشواذ التي تبدر من حين إلى آخر، لأن التعليم كان راكزاً وقوياً، فلم نسمع بصعوبة لغتنا، لكننا حين اهتز مستوى التعليم في كثير من الوطن العربي، تجددت الدعاوى بصعوبة اللغة، والعيب ليس فيها وإنما في العاجزين عن فهمها، لذلك نراهم ينادون بالتغيير، باسم التيسير لهدم اللغة العربية، ولكن هيهات أن يفرحوا بما يرغبون!
* ونحن نجد في اللغات الأجنبية الكثير من الاشتقاقات والحروف التي لا تنطق، فالفرنسية - مثلاً -، بعض كلماتها، تصل اشتقاقاتها إلى خمسة عشر اشتقاقاً، وفي هذه اللغة نفسها حروف في آخر كلماتها لا تنطق، أليست هذه صعوبة، ولم نسمع أن الفرنسيين أو الناطقين بهذه اللغة قد طالبوا بحذف هذه الزوائد لتصبح مثل اللغة الإيطالية - مثلا - أكثرها ينطق كما يكتب ليس فيها حشو!، ولم يضق بها أهلها ولم يطالبوا بحذف أو اختصار هذه الاشتقاقات إلى خمسة أو ثلاثة، كما يطالب الشوباشي، بإلغاء المثنى ونون النسوة إلخ، وهل هذان الضربان في النحو صعوبة؟ ومن سوء أدب الكاتب أن نراه يقول: (ويسقط سيبويه)، بدل أن يترحم عليه، تقديراً لما قدم إلى العربية وأهلها من أعمال جليلة لا ينكرها إلا ظالم وجاهل؛ إنه سوء أدب، وسوء فهم، ومرض الكبر، وممارسة حرية ممن لا يستحق أن يمارسها، فتتحول الممارسة إلى عبث سخيف، وليس غريباً أن تتجدد عجائب الزمان، باسم التطور وحرية الرأي، والنتيجة هدم رمز مهم من مقومات أمة صالح لكل زمان ومكان، ومر عليه دهور وقرون، وهدم العربية من الإفساد في الأرض..
ولقد أحسن صنعاً الأزهر الشريف بمصادرة ذلك الكتاب الرديء، والأزهر من القلاع الإسلامية، للذود عن الأمة وعقيدتها ولغتها الجميلة!.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved