Tuesday 23rd November,200411744العددالثلاثاء 11 ,شوال 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الرأي"

مَنِ الملوم في انفصال بعض الشباب عن العلماء؟ مَنِ الملوم في انفصال بعض الشباب عن العلماء؟
د.صالح بن فوزان بن عبدالله الفوزان/عضو هيئة كبار العلماء

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:
فقد كثر في الآونة الأخيرة في الفضائيات والكتابات إلقاء اللوم على العلماء بسبب ما حصل من بعض الشباب من انحراف فكري وسلوك مناهج ضالة أدت ببعضهم إلى الخروج على مجتمع المسلمين بأفكار منحرفة، وتصرفات تخريبية غريبة عن تعاليم دينهم وأخلاقيات مجتمعهم، فصار بعض الكُتاب وبعض الذين تجرى معهم لقاءات في المحطات الفضائية أو الصحفية أو الإذاعية أو مختلف الوسائل الإعلامية أو حتى في المجالس العادية يلقون باللوم على العلماء ويحملونهم مسؤولية تلك التصرفات خصوصاً، وأن ذلك صادف هوى في نفوس بعض المتكلمين والكُتاب في حق العلماء لأنه يحمل ضدهم بعض الحقد فتنفس الصعداء في هذه المناسبة، وصار يكيل التهم ضد العلماء، ويعذر أولئك الشباب في انحرافهم ويقولون: إنهم لم يجدوا من يوجههم الوجهة السليمة، ودفاعاً عن أعراض العلماء ووضعاً للأمور في نصابها أقول:
أولاً: العلماء لم يقصروا في بذل التوجيه السليم من خلال البرامج الإعلامية والخطب المنبرية والدروس اليومية في المساجد والمحاضرات والندوات في كل مكان مناسب، وفي كل فرصة سانحة، فالعلماء يبينون للشباب ولغيرهم منهج السلف عقيدة وعبادة ومعاملة وسلوكاً وأخلاقاً.
ثانياً: الشباب هم الذين ابتعدوا عن العلماء لأسباب متعددة أحصرها فيما يلي:
1- ظهور التيارات الفكرية المختلفة التي يحملها بعض المنظرين لها والذين يدعون الشباب إلى اعتناقها لأنها في نظرهم هي الفهم الصحيح للإسلام ودعوته.
2- تصنيف قيادات الشباب للعلماء تصنيفات مختلفة تزهد الشباب في دروسهم ومحاضراتهم وبعضهم يقول: اسمعوا للعالم الفلاني واتركوا العالم الفلاني بناء على رغبات نفسية أو وساوس وهمية.
3- التقليل من شأن العلماء على ألسنة بعض المتزعمين للشباب ورميهم بأنهم علماء سلطة، علماء مناصب، لا يفهمون الواقع، يحملون أفكاراً قديمة لا تناسب الوقت الحاضر ولا المسلم المعاصر.
4- البعض الآخر يرمي العلماء بالتشدد والغلو وقصور الفهم مما أدى ببعضهم إلى التشاؤم والخروج عن كل المجتمع لا عن العلماء فحسب واعتناق الأفكار الهدامة التي أصبحت الأمة تعاني منها، واستوحش أولئك الشباب ونفروا عن المجتمع، بل اعتزلوا صلاة الجمعة والجماعة في المساجد والالتقاء بالمسلمين فاستلهم دعاة الضلال ولقنوهم تلك الأفكار المنحرفة، وهذا كله نتيجة حتمية لسوء الظن بالعلماء، والابتعاد عنهم كما حصل للخوارج من قبل لما انفصلوا عن علماء الصحابة والتابعين، وتمكن شياطين الجن والإنس من إغوائهم وشحن رؤوسهم بالفكر الضال المنحرف، ولم يكن اللوم حينذاك على العلماء، بل صار اللوم عليهم في انعزالهم عن العلماء. وذاقوا وبال أمرهم وما انعزال وصل بن عطاء وأتباعه عن مجلس الحسن البصري إلا أصدق مثال.
والواجب على المسلمين اليوم الانتباه لدرء هذا الخطر عن الأمة وعن شبابها وذلك بالمحافظة على ما تبقى من الشباب الموجود والاستعداد لاستقبال الشباب القادم بغرس العقيدة الصحيحة في نفوسهم وربطهم بعلمائهم وإبعادهم عن أصحاب الأفكار المنحرفة وعن الخلوات والرحلات المشبوهة والأسفار غير المنضبطة بضوابط الشرع ومتابعتهم من قبل والديهم أثناء خروجهم من البيوت إلى أن يرجعوا إليها سالمين، فإن الوقت وقت فتن مهلكة تغزو البيوت والمجتمعات بشتى الوسائل كما قال الشاعر:


ومن رعى غنماً في أرض مسبعة
ونام عنها تولى رعيها السبع

وفق الله الجميع لما فيه الخير والصلاح والإصلاح، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved