Monday 6th December,200411757العددالأثنين 24 ,شوال 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مدارات شعبية"

من بقايا الأمس من بقايا الأمس
(مَنْ له حيلة فليحتال)

أول مَنْ قال هذا المثل هو الشيخ قرناس بن عبدالرحمن - غفر الله له - الذي كان إبان حرب ابراهيم باشا هو العقل المفكر المدبر وقد بهر الباشا في حيله حتى ان الباشا قال: ((قرناس مثل اليربوع، (الجربوع) بيت يخبر وبيت ما يخبر)) وقصة هذا المثل: (من له حيلة فليحتال) قاله قرناس عندما احتال هو وجماعته بفتح النفق وإدخال القط وتفجيره والقصة تبدأ بما يلي:
عندما حاصر ابراهيم باشا بلدة الرس عام 1232هـ كانت الرس محاطة بسور منيع وله عدة أبراج كان الأمير في تلك السنة الشيخ منصور العساف الذي أظهر شجاعة وبسالة وعمل عملا تميز به وقد جرح - رحمه الله - في هذه الحرب، أما الشيخ قرناس بن عبدالرحمن فكان القاضي والعقل المدبر وبيده سياسة الحرب - رحمه الله - أقول لم يستطع الباشا تخطي هذا السور المنيع وأخذ يلقي عليه القذائف لكنه لم يتزعزع وقد اعتصم أهالي الرس داخل السور ووضعوا بركا ملؤوها بالماء وكانت القذيفة عندما تسقط داخل السور يسرعون إليها ويحملونها بسرعة ويضعونها بالبركة المملوءة بالماء حتى لا تنفجر ثم بعد ذلك يقومون بتفكيكها وأخذ ما بها من بارود (ملح) واستخدامه ضد الترك من أعالي الأبراج (كقناصة) وقد استمر هذا الحصار وهذه الحرب حسبما يقول التاريخ ثلاثة أشهر وخمسة عشر يوما لم يستطع الترك خلالها اقتحام السور ففكروا بعدها بحيلة نفذوها وهي أنهم حفروا نفقا من خارج السور ليدخلوا داخل المدينة وفعلا تم ذلك وكانوا يحفرون ليلا مما جعل أهل الرس يكتشفون ذلك ويحددون موقعه ولما جهز هذا النفق ويسمى (لغما) وملؤوه بالذخيرة والبارود وبقي تحديد ساعة الصفر - كما يقال - وإذا بأهل الرس قد ابتكروا حيلة طريفة جريئة وفي آخر الليل وكان الجنود قد ناموا داخل وخارج هذا (اللغم) قام أهل الرس بفتح اللغم فتحة صغيرة من داخل البلدة وجاؤوا بقط وضعوا في ذيله شعلة من النار ثم أدخلوه من الفتحة فأخذ القط يجري وعندها انفجر البارود الموجود بداخل النفق وقد مات عدد كبير من الأتراك يقدرون بأكثر من ألف شخص ومات من أهالي الرس سبعون شهيدا دفنوا داخل المدينة في مقبرة سميت بمقبرة الشهداء لاتزال موجودة آثارها، أما النفق فلايزال حتى هذا اليوم موجودا وهنا أهمس بإذن كل مسؤول بمدينة الرس بأن يحددوا موقع المقبرة وأن يقوموا بتنظيف هذا النفق وصيانته فهو مفخرة للرس وأهل الرس. أعود للقصة وأقول هذه الحادثة أرخها شعرا الشاعر صالح العوض - رحمه الله - بقوله:


قال من هو بدا عالي مراقيبه
مرقب للعماء عناه واشقانا

إلى قوله:


يوم جاء راعي الرقباء وجانيبه
من اسطنبول يمشي به لما جانا
باشة لابس له فيس يومي به
نيته بس ياصلنا ويفضانا
حظبوا مدفع للحرب يرمي به
واللغم حظبه من تحت مبنانا
عزنا الله وولعنا مشاهيبه
نار ملحه أبعسكرهم ولاجانا

بعد ذلك سحب الباشا عن الرس ولم يدخلها ولما وصل إلى بلدة (الحجناوي) وهي قريبة من الرس أرسل رسولا إلى أهالي الرس يطلب أن يدخل ويتجول في الرس ومعه عدد من أفراده بدون سلاح وفعلا سمح له وكان يوم الجمعة فخطب فيهم قرناس بعدها صحبه قرناس أي صحب الباشا ومن معه إلى منزله وعندما أخذ قرناس يعمل القهوة وعنده ضيوفه جاء ابن قرناس الصغير الذي لايتجاوز السابعة ووقف بالباب ينظر إلى الباشا (التركي) فدعاه ولكن الصبي خاف فرمى الباشا بجنيه فقرب الصبي وأخذه ثم رمى بثانٍ وثالث وفي كل مرة يقرب الصبي حتى وصل إلى الباشا الذي قال: (يا قرناس هكذا نفعل بالناس) فصارت مثلا.. أي أن الذي لانحصل عليه القوة فإننا نحصل عليه باللين والحيلة.
(قصة مثل) لناصر بن عبدالله المسيميري


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved