Monday 13th December,200411764العددالأثنين 1 ,ذو القعدة 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "محليــات"

دفق قلم دفق قلم
الهروب من اللغة العربية؟!
عبد الرحمن صالح العشماوي

كان خبراً غريباً - وإن كان ليس غريباً في عصر الغرائب -، وكان مزعجاً لمن يعرف أبعاده، ويدرك أسباب وجوده التي يكون (الوَهَن, والإحساس بالضعف) أوَّلها وأظهرها.
خبر في إحدى الصحف يقول: هدَّد عدد من أصحاب الشركات التجارية بنقل شركاتهم وأنشطتها الاقتصادية كاملةً إلى (دبي) وإغلاقها في المملكة إذا أصرَّت وزارة التجارة على اشتراط أسماء عربية للشركات.
ربَّما مرَّ هذا الخبر بآلاف القراء دون توقُّف، وربّما قال قائل: إنَّ من حقهم أنْ يفعلوا ذلك هروباً من هذا الشرط التعسُّفي، وربَّما قال آخر: لماذا نُصِرُّ على اللغة العربية وأسمائها في مجال تجارة عالمية، وما أهميته ذلك؟، وربَّما تغيَّر وجَّه قارئ غيورٍ على لغته، حزينٍ عليها، آسفٍ على ما وصلت إليه من هوانٍ في نفوسهم، فقال: (لا حول ولا قوة إلا بالله).
إن الخبر مؤسف - بلا شك -، وهو دليلٌ على نظرة دونيَّة إلى لغة القرآن الكريم، مهما كانت التَّسويفات، ومهما كانت الدواعي والأسباب.
فإذا كان الهدف من ذلك الحصول على أسماء تجارية غربيَّة مشهورة، فهو هَدَفٌ نفعي قصير المدى، يخلو من الإحساس بأهمية لغتنا، ومن روح التضحية من أجلها، ونشر كلماتها وحروفها، - مع أننا نرى عشرات اللوحات التجارية في كثير من مدن المملكة تحمل أسماء أجنبية، ويثور التساؤل: كيف حصل هذا مع وجود هذا النظام في وزارة التجارة؟!.
وإذا كان الهدف من الأسماء التجارية الأجنبية التظاهر بعالمية الشركة، وقدرتها على اجتياز المحلية، فهو هدف يمكن أن يتحقَّق بسهولة مع وجود الاسم العربي للشركة، وهنالك شركات سعودية بأسماء محلية تصدِّر إلى الخارج.. والذي بَلغت النظر في هذا الخبر، هو هذا المدى الذي وصل إليه الأمر، حيث تهدد الشركة بالهروب من الوطن لهذا السبب.
لربَّما كان أمراً مقبولاً - مع تحفظنا عليه - لو كان هروب الشركة بسبب بعض الصعوبات والعراقيل الروتينية التي تعطِّل الأعمال، وترهق الشركات، وتحول بينها وبين الانطلاق الميسور الذي يجعلها قادرةً على الجودة والإبداع.
أما أن يكون الهروب من أجل (اللغة) فهذا هو الذي يؤلم ويجعلنا ندعو إلى مراجعة أنفسنا في موقفنا من لغة القرآن، وهو موقف شرعي حضاري مهم.
تذكرت وأنا أقرأ هذا الخبر المزعج ذلك القرار الجريء الذي اتخذته الحكومة المحلية (جنوب تايلاند) - نعم أيُّها الأحبّة جنوب تايلاند - وتمَّ تنفيذه بلا تردُّد، بمتابعة جادَّة من الحكومة المحلية هناك.
إنه قرار يفرض على جميع التجَّار صغاراً وكباراً أن يكتبوا لوحاتهم وإعلاناتهم بالحروف العربية، وليس بالحروف اللاتينية.
ألا يشعرنا هذا بالأسف على مواقفنا السلبية من لغة القرآن، ونحن أبناء البلاد التي نزل فيها القرآن، ودرجت فيها اللغة العربية الفصْحى قويَّة فتيَّة قادرة على العطاء والتجدُّد.
كأنِّي بلغتنا الحبيبة تقول: أنا أساس مهم في بنائكم الحضاري، وهل في الدنيا ذو عقلٍ وبصيرةٍ يهدم أساساً من أسس بنائه؟!.
إشارة


كم مركبٍ في القاع أصبح هامداً
مازال يشكو غفلة الرُّبَّان


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved