Monday 13th December,200411764العددالأثنين 1 ,ذو القعدة 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "عزيزتـي الجزيرة"

حين يكتب الإنسان عن أغلى وأثمن شيء في الدنيا حين يكتب الإنسان عن أغلى وأثمن شيء في الدنيا

كتبت الأخت شيخة بنت عبدالرحمن الصالح موضوعاً في عدد الجزيرة 11760 وتاريخ 27 من شوال 1425هـ وكان بعنوان (وداعاً أمي). وفي الحقيقة ان الأخت قد كتبت عن أغلى وأثمن وأجمل شيء في الوجود، كتبت عن الأم وفراقها فأجادت. وحقيقة يعجز القلم ويقف حائراً عندما يكتب عن شيء غالٍ وثمين لأنه وببساطة لن يوفيه حقه مهما بلغ من العلم والثقافة والأدب. وتتبعثر الكلمات وتضيع ويكتب المرء بدمع عينه بدلا من مداد القلم، وينزف دماء قلبه على الورق وتتحول التعابير إلى مزيج من الحزن الدفين والألم القابع خلف نياط القلب، وتنسكب الآهات حرّى لتحيل الورق الى جمر يتلظى تحت ريشة القلم. نعم هذه هي الحقيقة.. أمي كانت كل شيء لي في حياتي وستبقى كذلك بإذن الله. هي ملهمتي في وجودي، نبراسي في طريقي، شمعتي التي تضيئ لي دربي المظلم، نافذتي التي أستنشق منها هواء حياتي، أنيستي في غربتي، رفيقتي في وحدتي، سميرتي في ليلي القاتم، تاج على رأسي أفاخر بها كل العالمين. أعذريني أمي إن قصّرت يوما فالابن لابد وأن يقصّر ويعق مهما كان باراً ومهما أعتقد أنه وصل الى الكمال. فحقك عظيم لا يمكن أن أصل إليه أبداً حتى وإن نَحتُّ في الصخر وحملتُ من أجلك عظيم الجبال. أمي تقاذفت بنا أمواج الدنيا ولطمتنا الأعاصير وساقتنا الرياح الى طريق لا ندري ما نهايتها..
فارقتك رغماً عنّي، وحُجبت عنّي دون رضا منّي، وبَعُدت رغم أنفي. لا أحد يعرف من أنت بالنسبة لي فهم لا يعيشون في جُنبات قلبي ولا يخالطون دماء مشاعري تجاهك. قولي لهم يا أمي بأننا لن نفترق أبداً، أخبريهم بأننا توأمان سياميان لا يريدان أو يرضيان أن ينفصلا أبداً حتى في لحظة الممات، أعلميهم بأننا لن نستطيع أن نعيش بعيداً عن بعضنا البعض حتى وإن افترقنا جسداً فمن المستحيل أن نفترق روحاً. فنحن نتغذّى من قلب واحد وشريان واحد ونفكر أيضا بعقل واحد.. لن يستطيع أحد أن يقسم طريقنا إلى طريقين مهما كانت الحجج والأعذار والمبررات، ومهما رُفعت رايات الوداع مبكراً ولُوّح بها. ومهما تُصيّدت الأخطاء وأُظهرت العيوب، قومي يا أمي بالله عليك وارفعي رأسك واستجمعي قواك وتحدّي الألم والمرض وكل أحزان ومآسي الدنيا، تغلّبي على كل ذلك بقلبك الطاهر وإيمانك القوي، ارفعي يديك الى السماء وانظري الى من لا يرد عبده خائباً إذا دعاه مخلصاً بالاجابة أن يجمعنا أنا وأنت قريباً وأن يلمّ الشمل بعد الشتات.

عبدالرحمن بن عقيل المساوي
الرياض 11768 ص.ب 155546


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved