Monday 13th December,200411764العددالأثنين 1 ,ذو القعدة 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "زمان الجزيرة"

28 محرم 1392هـ الموافق 14-3-1972م العدد 382 28 محرم 1392هـ الموافق 14-3-1972م العدد 382
أحمل القراء مسؤولية انخفاض المستوى
لن يفاجأ الكاتب يومياً بأن يقول له القارئ: لقد أضعت وقتي!!

لعل من أهم الأمور التي يدخلها الكاتب في حساباته عندما يبدأ عمله هو وجود القارئ الذي يكتب له، ومهما اختلفت أسباب الكتابة وأشكالها عند الكتاب الا أن افتراض وجود جمهور ما يخاطبه الكاتب ويجد فيما يقدم له اساساً لبناء رؤيا مشتركة بين الاثنين يظل النظرية التي لا يمكن الاختلاف عليها بين الكتاب، ولكن الاعتماد على هذا الافتراض وحده لا يمكنه ان يستمر طويلاً دون توفر ما يؤكد فعلاً وجود هذا الجمهور وهذا ما يفتقده فعلاً كتابنا المحليون، ولعله قبل أو مع فقدان بعض مقومات الكتابة المهمة، يمثل السر وراء أزمة الكتاب والكتابة عندنا.
ان الفنان على خشبة المسرح سواء كان مطرباً او ممثلاً، والرسام في معرضه والشاعر امام الجمهور يستطيع كل منهم ان يكتشف مباشرة، وربما في وقت مبكر جداً حجم الاتفاق الذي يسود بينه وبين اولئك الذين يقوم بمخاطبتهم وعلى ضوء اكتشافه يستطيع ان يكتشف ان يقرر شيئاً، يستمر أو يتوقف أو يكتفي بإجراء تعديل في أدوات التناول.المهم انه باكتشافه يملك أرضاً يمكنه البناء عليها ويملك ان يعدل باستمرار في شكل البناء طالما كان قادراً على أن يمسك بإمكانية المبادرة، للوقوف مواجهة امام الجمهور في أوقات متقاربة أو متباعدة. أما الكاتب، فانه وحده لا يمكن ان يملك امكانية المبادرة، للوقوف أمام جمهور، وعليه ان ينتظر قراءه ليقوموا بهذه المبادرة، ويعطوه آراءهم فيما يكتبه سواء كانت هذه الآراء لصالحه، أو لم تكن كذلك. وإذا لم يختلف على كون الصحافة هي المجال العملي الوحيد الذي يمكن فيه للقارئ ان يعبر بمطلق حريته عن رأيه في كاتب ما، فإننا سوف نتفق في تقدير شعور الكتاب الجيدين. وهم يرون إلى أي مستوى وصلت إليه الكتابة عندنا بسبب غياب القارئ وتخلفه عن القيام بمهماته كصاحب شأن لا يمكن الاستغناء عنه في تقرير ما هو صالح للبقاء، ومن هو المطالب بأن يحزم حقائبه، أو يغير محتواها!! انه لمن المخجل ان يستمرئ كتابنا إزجاء العبارات التقديرية الواحد منهم للآخر، بينما يكتفي القارئ بهز كتفيه وكأن الامر لا يعنيه أو كأن الكتاب انما يكتبون لبعضهم أو لأنفسهم متجاهلاً انه بذلك يساهم بقسط كبير في اعطاء العناصر الضعيفة اكثر مما تتمناه من فرص البقاء والاستمرار في الخدعة إلى أقصى حد ممكن في الوقت الذي تفقد فيه العناصر الجيدة ثقتها بنفسها وبقدرتها على ايصال صوتها إلى القارئ، وتجد نفسها أمام خيارين: أن تنسحب بهدوء وتترك الساحة للخيول الضعيفة، أو ان تسقط في التفاهة، وتعرض خدماتها دون تحفظ معطية قانون العرض والطلب، الدور الكبير في تحديد نوعية ما يكتب وشكله معرضة بذلك نفسها للتكرار والاسفاف واللغو.
ان الكاتب الذي يعرف انه لن يفاجأ يوماً بقارئ يقول له: لقد أضعت وقتي في قراءة ما كتبته هذه المرة، وأحس انني سأخسرك إذا استمر صوتك بهذا الضعف كاتب مثل هذا سيجد الطريق سهلاً جداً لكي ينحدر. ولن يكون مثيراً للغرابة إذا اكتشفنا ان معظم كتابنا ينساقون وراء الطريق السهل. بل سيكون مفاجئاً ان يتمكنوا من مقاومة الاغراء، والشواهد كلها تشير إلى أن مفاجأة من هذا النوع غير متوقعة.. وعلينا أن ننتظرها قبل أن يقرر القراء أن يرفعوا أصواتهم مؤيدين أو معارضين أو مناقشين ما يقدمه كتابنا من انتاج ليعرف كل كاتب منهم موقعه. ان اصوات القراء مسألة مهمة جداً، لا يستطيع الكاتب الاستمرار بدونها، خصوصاً في مراحله الأولى، وتتأكد أهميتها في وسطنا الكتابي، حيث لا وجود لناقد واحد، الثقة به ممكنة. وحيث الاسماء التي تصعد إلى السطح من الكثرة وسرعة الوصول بشكل يضع اوليات القيمة الاساسية للكتابة في موقف صعب.
ان المطالبة بضرورة تدخل المثقفين من القراء، لا تعني اننا نعطيهم أهمية أكثر مما يجب بحيث نعتقد ان المسألة ستنتهي بتدخلهم ليأخذ الأمر كنوع من التسلية، ولكن ذلك يعني ان الاصوات الجادة عندما تتوالى إلى القراء، ستضع لدى كل الذين يمارسون الكتابة احساساً بأن هنالك من يراقب خطواتهم، ويمكنه تصفية حسابه معهم عندما يكون ذلك مطلوباً.وأكثر من ذلك ستخلق هذه الأصوات لدى كل المشرفين على النشر في صحافتنا الادبية شعوراً بجدية العمل الذي يقومون به، بحيث يدركون العهد الذي تأخذ منه المجاملات الشخصية، وأسماء الواجهات وضرورة تغطية المساحة البيضاء ب(أي كلام) يجب أن ينتهي إلى الأبد. وان منح عبارة (صالح للنشر) العتيدة يجب أن ينتهي، وأن الوقت قد حان ليتمرنوا على استعمال (غير صالح للنشر) تلك العبارة التي تنسجم مع ثلاثة أو ربعة أرباع ما نشر وينشر حتى الآن في صفحاتهم الادبية. رغم ما قد يؤدي اليه ذلك من تقليص للمساحة التي يتحملون ضرورة تعبئتها وتخفيض في مقدار المكافأة المالية التي يتقاضونها.
وهي مسألة اعتقد انها ستهون امام احترام المشرفين للقارئ ولأنفسهم.
تلك هي مهمة القارئ التي لا يمكن التقليل من شأنها وعندما تتحقق سيكون بإمكان كل كاتب جاد ان يستعيد ثقته بنفسه وعمله.
وسيجد الباقون انهم مرغمون على رفع كميات القطن التي ملأوا بها آذانهم لكي لا يستمعوا إلى ذلك النداء الذي استمر يدعوهم: الرجاء مغادرة الصالة حالاً والانتظار في الخارج!!
(أبو مازن)
*المحرر:
هذا هو رأي الزميل أبي مازن..
ترى هل يوافقه القارئ.. أم انهم سيدافعون عن أنفسهم أمام هذه التهمة الخطيرة.. الصفحة مستعدة لتقبل كل الآراء .. ونشر ما استقام تعبيره ولغته.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved