Tuesday 14th December,200411765العددالثلاثاء 2 ,ذو القعدة 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الثقافية"

(أحلام نقرة قفار) حوار بين الفكر التقليدي ، والعلم الحديث (أحلام نقرة قفار) حوار بين الفكر التقليدي ، والعلم الحديث

* كتب - ناصر العريج :
شهدت (اربعائية الفريح) التي يقيمها الأربعاء الأول من كل شهر الدكتور عبد الرحمن الفريح مدير إدارة المستشارين بإمارة منطقة حائل ، ونائب رئيس النادي الأدبي باستراحته في نقرة قفار .. شهدت .. أمسية دافئة في شتاء حائل قارص البرودة ، لما استضاف الدكتور محمد ابن إبراهيم الرومي أستاذ الدراسات الإسلامية المساعد بكلية المعلمين بالرياض والأستاذ أحمد إبراهيم أحمد من المثقفين المعروفين في منطقة حائل للحديث عن الرؤى والأحلام من منظور شرعي ، ومن وجهة نظر العلم الحديث ، وبدأ الدكتور الرومي حديثه مبدياً رغبته في الاختصار وانه يفضل النقاش والإجابة عن الأسئلة أكثر من دور المحاضر ، وأوضح أن الرؤى والأحلام وردت في القرآن بأكثر من موضع أبرزها سورة يوسف ، كما وردت هنا أحاديث صحاح عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، ثم تحدث احمد إبراهيم مبيناً أن غالبية الثقافات والحضارات القديمة اعتقدت أن الأحلام نشاط روحاني للتنبؤ بالمستقبل ، وان ارسطو قال بنشوء الأحلام من القلب ، وبين أن معرفة الإنسان بالأحلام ظلت مبهمة حتى أحدثت دراسات سيجموند فرويد طبيب الأعصاب النمساوي ورائد علم النفس الحديث ثورة في فهم الأحلام على أسس تجريبية بنشره كتابه المهم (تفسير الأحلام) سنة 1900م ، الذي شكل حدثا ضخماً ومؤثراً في علم النفس عند نشره ومازال, كأول عمل علمي صرف ، يقدم رسما ً دقيقاً لسمات العقل ، ويقسمه إلى (الوعي وما قبل الوعي واللاوعي) ، حيث تؤثر قوى عقلية متنوعة وجوهرية في سلوك الفرد ، وان عام 1952م شهد ثورة في فهم الأحلام ، فجرتها أبحاث العالمين الأمريكيين يوجين اسرنيسكي وناثانيال كليمتان ، اللذان اثبتا بشكل تجريبي أن الحلم يتجاوز كونه صورة متخيلة سريعة الزوال عندما يصحو الحالم من النوم ، إلى أنه جزء من عملية بيولوجية تحدث للحالم أثناء النوم ، وبينت هذه الدراسات ان النوم ليس حالة واحدة بل حالتان مختلفتان ، الأولى مرحلة النوم المميز بحركة عين غير سريعة ، والثانية مرحلة النوم المميز بحركة عين سريعة ، وتحدث الحالة الثانية على شكل دورات تتخلل الأولى من أربع لخمس مرات ، وأثناءها تحدث الأحلام ، وأوضح أن العلاج الطبي استفاد من تفسير الأحلام بشكل فعال بدراسة مكونات الحلم ، وما تعكسه من أماني أو مخاوف وقلق ، ورغبات أو اهتمامات للحالم يمكن بتحليلها ، ودراستها ، كشف السمات المجهولة في شخصية الفرد ، وطبيعة نشاطه العقلي.
بدأت بعد ذلك المداخلات والنقاش بمداخلة من الدكتور فاضل والي الذي تحدث عن تنوع الوصف القرآني للرؤى والأحلام ، وسأل الدكتور الرومي متى تكون الأحلام أضغاثا ، ومتى تكون رؤى مبشرة ؟ ، كما سأل احمد إبراهيم عن الأحداث اليومية التي تسبق النوم وهل لها تأثير على النوم والأحلام ، فرد الدكتور الرومي أن خير الرؤى تكون في الأسحار ، وأكد أحمد إبراهيم أن رصيد الإنسان من الأحداث والانفعالات والمخاوف والغرائز والضوابط القديم منها والجديد كلها تؤثر على أحلام الإنسان ، وتحدث الدكتور محمد صالح الشنطي عن أهمية تناول القضايا الإشكالية من مختلف وجهات النظر ، مؤكداً أن العقيدة الإسلامية تحث على العلم ، تلا ذلك الدكتور شوادفي علام الذي تساءل عن تأثير النوم والأحلام على الإحساس بالراحة البدنية بعد الاستيقاظ ، ووجود ظواهر لا يمكن تفسيرها مثل توارد الخواطر ، ثم اعترض الأستاذ يوسف الطريفي على الأفكار البدعية ، داعياً للالتزام بالقواعد الشرعية للدين الحنيف ، وتجنب ما يشتبه في أمره من أفكار ، تحدث بعد ذلك الأستاذ عبد الله الرشيدي مبدياً إعجابه بالملتقى شاكراً المضيف الكريم ، مؤكداً استفادته من الحوار الثري متنوع الجوانب حول موضوع الأحلام ، ثم تحدث بعده الأستاذ غنام الباني عن تأثير الأحلام على تصرفات الأفراد.
داخل بعد ذلك الشيخ عيسى المطرود مداخلة قوية مع الأستاذ احمد إبراهيم ، وتحول الموضوع من الأحلام بين التعبير وعلم النفس إلى جدل حول فرويد ونظرياته ، كرمز لبعض العلوم الغربية ودورها في إفساد عقول المسلمين ، فداخل الأستاذ شتيوي عزام الغيثي قائلاً : ان الاتهامات تكال للعلم بلا قيد ولا شرط ، ضارباً المثل بداروين الذي اتهم زوراً بأنه قال ان الإنسان اصله قرد ، مؤكداً أن نظريته عن أصل الأنواع لم تتضمن أي شيء يشير إلى ذلك ، واحتدم الجدل بين الشيخ المطرود وأحمد إبراهيم حول الربط بين الدين والعلم ، حيث تحددت وجهة نظر المطرود في أن ما يثبته العلم ذو صلة بما جاء في القرآن الكريم ، بينما رفض احمد إبراهيم أن يتحول القرآن الكريم من كتاب سماوي ومعجزة إلهية إلى مدونة علمية لكل العلوم ، فيصبح ما لا يتطابق من علوم مع ما يقال عن الإعجاز العلمي للقرآن الكريم لغواً عند العامة لا مجال للأخذ به ، أو حتى تلقيه وهذا يؤثر بقوة على تطور الأمة.
عقب الدكتور علي العفنان وكيل كلية المعلمين بالرياض قائلاً : ان الانحياز للمفاهيم العلمية لا يمس العقيدة لا من قريب ولا من بعيد ، وان الإيمان في نفوس المؤمنين لن يؤثر فيه شيء إنجازاً علمياً كان أو نظرية حديثة في أي من مجالات العلوم ، وانه لا يجب أن نخاف من العلم لأنه الوسيلة الوحيدة المتاحة الآن أمام البشرية للنهوض والتطور ، وان الحياة التي نعيشها مليئة بتجليات العلم الحديث ، ولم تؤثر على عقائدنا ولن تؤثر مهما بلغت من قوة وتأثير.
وأوضح احمد إبراهيم في نقاشه الذي امتد مع الشيخ المطرود على مأدبة العشاء ، انه لا يصح الربط بين الثابت (وهو الدين) والمتغير (الذي هو العلم) من حيث المنطق العقلي ، فالربط بين الثابت والمتغير لن يؤثر في المتغير لأنه متبدل بطبيعته ، لكنه سيؤثر على الثابت من العقيدة الذي لا يجب أن يوضع على المحك ، لان التغير في هذه الحالة سوف يطال الثابت ، وهذا ما لا يجب أن يحدث ، إذ يجب أن يبقى الدين بمنأى عن التغيرات التي تطال العلم ، الذي يقول عنه العالم كارل بوير أن افضل ما فيه هو قدرته على نفي نفسه وتجاوزها ، فكل ما يقدمه العلم نظريات تخضع للتبديل والتغيير والحذف والإضافة ، بناء على ما يكتشفه الإنسان ، وما يكتسبه من خبرات وما يجريه من تجارب ، بينما الدين علاقة راقية بين الإنسان وخالقه في الدرجة الأولى ، تساعد الإنسان على تحمل الوجود وتبعاته ولا تخضع للمتغيرات.
أظهرت هذه الأمسية الدافئة مدى ما يتمتع به الرومي من خفة روح وميل للمداعبة اللطيفة من خلال تعليقاته المرحة أثناء الحوار ، وقد تلقى عدداً من المكالمات الهاتفية عقب الندوة تسأله التعبير عن أحلام.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved