Thursday 16th December,200411767العددالخميس 4 ,ذو القعدة 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "محليــات"

باختصار باختصار
حبة للنسيان!
نورة المسلم

اختلطت الأمور مع بعضها الآن كما أصبحت هموم الناس وعاء واحداً تتماثل أجزاؤه ولك أن تقيس مشكلة واحدة على كثير منها لمجرد ربط خيط واحد منها ببقية الشبكة الحياتية التي يهيم المتعبون من جرّاء تقلباتها.
قبل الآن، وعندما كانت الأمور العامة للبشر تتجه صوب قنواتها المحددة كانت معظم الأمور تصب في ما يعنيها فقط، ولا يمكن أن تفتح الأبواب لما يمكن إلا تستوعبه أو تجد له مكاناً داخل فنائها أما الآن، وتحديداً في أيامنا هذه فقد خنق الناس بإحباطاتهم وحوصروا بكل هذا التعب من كل حدب وصوب ومما اعتادت علي سماعه آذانهم ورؤيته عيونهم مما يدور في أزقة العالم الذي ترمي أجزاؤه بعضها على حساب وقيمة البشر.
هذا الأمر دفع بالكثيرين ومن يعانون الألم من دون أن يدركوا مصادره أن يذهبوا لعيادات الأطباء ويتفقدوا أجزاءهم الجسدية والنفسية والأغرب فعلاً أن يخرج مريض (القولون العصبي) الذي تتعدد أسبابه بدءاً بنوعية الطعام وانتهاء بالضغوط المعتادة بكيس من الدواء لا يخلو من المهدئات النفسية والتي يجب ألا يتعاطاها سوى المريض النفسي بشهادة المختص النفسي أيضاً الذي يفترض أن يكون الذهاب إليه منذ زمن من دون خجل أو مواربة استناداً إلى نظرة اجتماعية خاطئة تجاه المرض والمريض.
فوجئت حقيقة بما رأيته بنفسي ومن موقف مررت به، ولم أكن المريض الأول الذي جنى من زيارة للطبيب الباطني أو العام بدواء نفسي لا يصرف إلا لمرضى تقدمت بهم الحالة.
فعندما زرت طبيباً باطنياً في مستشفى خاص لألم في القولون، سألني الطبيب إن كنت أعاني من قلة النوم أو إن كنت أعاني من التوتر العصبي وكلاهما ليسا عندي والحمد لله فأجبته فوراً أن حالة من الحزن تغمرني منذ وفاة أبي -رحمه الله - وان ذكراه لم تفارقني دقيقة واحدة منذ أن توفاه ربه منذ أشهر ستة مضت، أجابني وماذا إذن؟ قلت إنني تجاه ذلك أذرف الدموع ولم أستطع التحكم فيها رغم إيماني الشديد بأمانة الله سبحانه.
قال لي الطبيب: سوف أعطيك دواء مهدئاً نفسياً، لكنني فزعت، نفسياً.
وسألته لماذا؟ قال: أبداً، لن تشعري به أبداً، بل سيساعدك على النوم وتجاوز الحالة وربما سيجعلك (لامبالية).
شعرت أنه طعن قلبي بهذه الكلمة! كيف أصبح لامبالية تجاه أبي، وربما أدى بي ذلك الشعور أن أنساه وأحرمه من دعائي المتواصل له.
أخذت اسم الدواء الذي كان اسمه seroxat وبحثت عنه على الشبكة الإلكترونية، وذهلت مما قرأت فقد كان دواء قوياً ومهدئاً يؤدي إلى الإدمان عليه وان تصبح الحياة من دونه لا تطاق كما أن في التقارير التي قرأتها ما يؤكد أن كثيراً ممن تعاطوه قد توفوا..!!
أنا هنا لا أحاكم هذا الطبيب ولا أسأله ولكن أنقذني الله وحده، ثم وعيي بهذه المسائل التي أحرص عليها غير أنني أتساءل: ما هي المرونة التي دفعت بمثل هذا الطبيب ان يصفه لي إذ لم أكن أول أو آخر مريض؟ كما أن هذا الطبيب كغيره قد وجد تساهلاً يتيح له أن يصف مثل هذا النوع من الأدوية التي يجب ألا يصرفها سوى طبيب مختص، ولمريض فعلي بحاجة إليها.
الأدهى من ذلك أنني عندما هاتفته وأخبرته بنتائج بحثي وفضولي تجاه خطورة هذا الدواء لمن لا يحتاجه. أجابني هناك دواء آخر يمكن لك استعماله أخف وطأة اسمه sipram وبدون وصفة طبية تستطيعين شراءه.
لا تعليق آخر لديَّ، إنما هو السؤال العريض الذي لطالما وجهناه إلى وزارة الصحة وهو رفقاً بأرواح الناس من خلال متاجر الموت (بعض الصيدليات) التي تستطيع شراء أي دواء منها من دون وصفة طبية وبإمكان الصيدلي أن يصف لك مضاداً حيوياً وشراب كحة ينوّم الأطفال عند بداية المدارس وأظن الكثيرين منكم يعرفون ما يسمى (البروزاك) الذي تتعاطاه كثير من النساء حتى قبل ذهابها إلى أي مناسبة اجتماعية بنفسية جيدة، متناسية كل هموم البيت وتخابط الصحون ومشاكل الخدم، واستبداد الزوج، وبحبة واحدة تجعلها إنساناً بلا هموم!!


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved