Saturday 18th December,200411769العددالسبت 6 ,ذو القعدة 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الثقافية"

جمعية لسان العرب تعقد مؤتمرها الحادي عشر تحت شعار (دور اللغة العربية في تنمية المعرفة العربية) جمعية لسان العرب تعقد مؤتمرها الحادي عشر تحت شعار (دور اللغة العربية في تنمية المعرفة العربية)
د. سامي نجيب:الأمم حريصة كل الحرص على تدريس كل العلوم في جامعاتها بلغاتها الأم

* الثقافية - علي بن سعد القحطاني:
(منهج البرمجة اللغوية النفسية في خدمة اللغة العربية) و(أهمية اللغة العربية في تنمية المعرفة لدى المكفوفين) و(دور الترجمة في التنمية المعرفية) و(الألفاظ المعرَّبة في القرآن الكريم) و(اللغة العربية في عصر العولمة الثقافية) كانت هذه عناوين أبرز البحوث التي شارك بها عدد من الأكاديميين واللغويين من ثماني دول عربية رجالاً ونساء من بينها دولة نيجيريا. وقد شاركت المملكة العربية السعودية بثلاثة أبحاث فيها مقدمة من الدكتور محمد الربيع رئيس النادي الأدبي في الرياض والدكتور عوض القوزي والدكتور عبد الرحمن الرفاعي وذلك في جمعية لسان العرب لرعاية اللغة العربية التي عقد مؤتمرها السنوي الحادي عشر تحت شعار (دور اللغة العربية في تنمية المعرفة العربية) في مقر الأمانة العامة في جامعة الدول العربية في القاهرة في الفترة ما بين 8 و10-10-1425هـ الموافق 21 و23-11- 2004م وقد جاء موضوع هذا المؤتمر كما جاء على لسان الدكتور سامي نجيب محمد رئيس جمعية لسان العرب كنتيجة حتمية عندما دعينا لمناقشة قضايا التعليم وقضايا اللغة المطروحة في تقرير المعرفة الإنسانية، الثاني في الوطن العربي، والذي كان بمثابة الضوء الأحمر لكل من يهمه أمر هذه الأمة، فمن قضايا التعليم في الوطن العربي يؤكد التقرير أن تعريب التعليم العالي لم يعد قضية قومية فحسب، بل غدا واحداً من المستلزمات الأساسية لتنمية القدرات والملكات الابداعية لدى الجيل الجديد من العرب، وبلغتهم الأصلية وأنه من الضروري ان يتعلم الشباب العرب التفكير النقدي بلغتهم الأم. وحسبنا ان نعلم أن هناك كثيرا من الأمم حريصة كل الحرص على تدريس كل العلوم في جامعاتها بلغاتها الأم فاللغة التركية والفارسية وحتى العبرية قد لا تمثل بالنسبة للغات الحضارية وزناً يضارع وزن اللغة العربية، والسبب ببساطة اننا لما نعد صناع حضارة وصرنا أمة مستهلكة للحضارة الوافدة ومستهلكة للعلم.
وتمنى رئيس جمعية لسان العرب في كلمته أن تقوم دولة عربية بتحمل الأعباء المالية لاستضافة مؤتمر عام يضم وزراء التعليم والإعلام والثقافة ورؤساء المجامع العربية والجمعيات الأهلية اللغوية وعرض قضايا اللغة والعمل على اتخاذ القرارات التي لها صفة الالتزام والتنفيذ للنهوض من هذا السبات على أن يكون هذا المؤتمر تحت مظلة جامعة الدول العربية ورعايتها.
البرمجة اللغوية النفسية
أشار الدكتور أحمد مصطفى أبو الخير في ورقته حول (منهج البرمجة اللغوية النفسية في خدمة اللغة العربية) إلى أن البرمجة اللغوية العصبية - النفسية - منهج ثوري للتواصل مع الآخرين، وتطوير الذات، أو فن وعلم التفوق الشخصي، يقدم أحدث ما وصل إليه العلم من مهارات في مجال علوم الاتصال والتواصل وأفضل الطرق العملية لتغيير طريقتنا في التفكير.
لقد أصبح منهج البرمجة اللغوية العصبية - المتكئ على علوم اللغة وعلم النفس - منهجاً أكاديمياً أصيلا، تزداد شعبيته نظراً لفاعليته وسرعة تأثيره في سلوكات وإنجازات من يعملون به. لقد شملت تطبيقاته مجالات عدة، مثل: الرياضة، العلاج النفسي، التعليم والتدريب، التنمية الشخصية، إدارة الموارد البشرية، العلاقات مع العملاء والزبائن. انه يفيد في مجال العمل والتخصص، وفي المحيط العائلي، وفي مجال السعي لتنمية الامكانيات الذاتية، وحاول المحاور الافادة من هذا المنهج في خدمة اللغة العربية.
دور الترجمة
أوضح الدكتور باهر بن محمد الجوهري في ورقته (دور الترجمة في التنمية المعرفية العربية) حول أهمية الترجمة في التواصل ما بين الجماعات الإنسانية وركز على دور هذا الوسيط الذي من دونه تصبح الجماعات الإنسانية جزراً منعزلة عن الآخر، وقال: دون هذا التوسيط تصبح الجماعات الانسانية جزرا منعزلة عن بعضها ويتضخم الاختلاف مع استمرار الانعزال وتصبح كل جماعة مجهولة لدى الأخرى، وكل ما هو مجهول يبعث على الشك والريبة والتفسير السلبي لسلوك الآخر أحيانا، أو المفرط في ايجابيته أحيانا أخرى، وفي كلتا الحالتين يحدث الفهم الخاطئ للآخر وتتعرض العلاقات السلمية للخطر عند حدوث أي خلاف أو اختلاف يفسر تفسيراً خاطئاً. وهنا يبرز دور الوسيط متقن كلتا الثقافتين واللغتين في التقريب بينهما فيحدث التطور وتستمر مسيرة التقدم لصالح الجميع.
وكثيراً ما كان الوسيط أي المترجم هو المنقذ الوحيد للثقافات بجوانبها من علوم وفنون من ضياع وفقدان الى الأبد، ويكون بذلك هو السبب الرئيسي في مواصلة البناء والنماء.
والتاريخ الإنساني به نماذج لذلك، وأبرز مثال لذلك ما فعله العرب في صدر الاسلام عندما قاموا بترجمة نتاج الحضارات القديمة الى العربية بعد اجتهادهم في اقتناء المخطوطات والمؤلفات وصيانتها وأسسوا عليها العلوم والفنون وأضافوا إليها من فكرهم وعلمهم، فجابت شهرتهم آفاق العالم، مما دعا الأوروبيين الى السعي إليهم في مقار اقامتهم ليتعلموا على ايديهم، وجعلهم وحكامهم يتعلمون اللغة العربية ويقننونها، ثم قام الأوروبيون بترجمة مؤلفات العرب الى اللغة اللاتينية - لغة الثقافة الأوروبية في ذلك الوقت - ثم إلى اللغات الأوروبية المختلفة وأسسوا عليها حضارتهم وثقافتهم.
العربية في نيجيريا
سلط الدكتور عبد الباقي شعيب أغاكا الضوء على (الحياة العربية في معارف نيجيريا) وقال: منذ فجر تاريخ نيجيريا كان اللسان العربي أقوى وعاء حضاري لها، فحافظ على تراثها وفنونها، ثم ازدادت العناية به بعد أن أشرقت الأرض بنور ربها، واعتنقت الدين الحنيف، وأصبح الدين الاسلامي والعربية أساسا راسخا في العبادة، والثقافة، والاعلام، بل وسائر مناحي الحياة، مع الإلمام بضرورة كيف يجعلون للعربية سلطانا عظيماً، وقد تحقق هذا منذ عصور البرنوبيين، والفوديين، وبني جنت، ولم تسقط مكانتها إلا في فترة الاستعمار الذي هبط بها من عليائها إلى الحضيض، وأبدل بها اللغة الانجليزية في جميع مراحل الحياة.
وفي منتصف القرن الماضي تجددت الحياة العربية في نيجيريا وشهدت تطوراً هائلا إذ بدأت تخوض معارك الحياة مبددة الركود الذي مني به أدبنا على أيدي الاحتلال الذي استغرق عدة عقود من عام 1903 إلى 1960م فكثرت المدارس، والمعاهد، وتعددت الكليات والجامعات متكافئة الفرص لتوسيع نطاق العلوم العربية، وفنونها الأدبية، ولم تنحصر في الرؤية السطحية، أو تختار مواقف دونية بل انها تعظم الجد والمثابرة في كل ما يجري، وحركت رجالها وأناسيها، ولا سيما في مجال البحث، والتأليف، والتصنيف، والابداع، وبهذا خرجت من الزوايا والمحاريب الى مرافق الحياة العامة التي تزهو بها في سابق الأوان مزاحمة الانجليزية حتى في عقر دارها، ومهدها، وصقلت نفسها صقلا مرنا، يؤهلها للتربع على توظيف كل امكاناتها والسعي لإسعاد كل مواطن على دروب المثل الانسانية.
أهمية اللغة العربية في المعرفة لدى المكفوفين
قدم الأستاذ عبد الرحمن بن مصطفى بن عبد الرحمن الأعمى من خلال ورقته نماذج لأعلام المكفوفين الذين برعوا في المعارف المختلفة وقال: من المناسب الاشادة ببعض المآثر والصفات العلمية التي يتمتع بها كثير من المكفوفين مما جعلهم يتسنمون ذرا مجد عجز بعض المبصرين عن الوصول إليه، فنجد تصويرهم الحياة والاحياء وقدراتهم على اداء ذلك في صور بيانية قد يفوقون في بعضها المبصرين أما ما عدا ذلك فإنه ليس بموضع نزاع بل ان إدراكهم المعنويات أكثر دقة في الغالب من المبصرين بشهادة بعض المنصفين من المبصرين أنفسهم مثل الدكتور أحمد الشرباجي (رحمه الله) في كتابه (مع المكفوفين).
ومن الأمثلة التي تبين أهمية اللغة العربية في تنمية القدرات المعرفية لدى المكفوفين قول شافع بن علي بن عساكر المكفوف:


قال من رأى صباح مشيبتي
عن شمال لمّي ويمين
أي شيء هنا؟ فقلت عجيبا
ليل شك محاه صبح يقين

ففي هذا المثال نرى اللغة العربية قد أمدت هؤلاء بالمعرفة الخيالية ورقة الشعور ودقة الاحساس، فابن عساكر يشير الى بياض لمته شمالها ويمينها ولكنه يأتي لها بمشبه به هو الشك واليقين.
من المهم ان نشير إلى ان البيئة الخاصة والاعتماد على التلقي والسماع والتفنن في التقليد والمحاكاة قد ساعدت هؤلاء على النمو المعرفي حيث تجدهم في مجال الشعر قد طرقوا جميع الأغراض فمدحوا وهجوا ووصفوا وتغزلوا ورثوا وبرعوا في الحكمة والشعر الاجتماعي كما أبدعوا في نظم العلوم والفنون كإبداعهم في الحكمة والشعر فهذا بشار بن برد الذي ولد أعمى وعاش أعمى يصف الجيش فيقول:
وجيش كجنح الليل يزحف بالحصى
وبالشوك والخطي حُمر ثعالبه
- أبو العلاء المعري (363هـ - 449هـ)
عالم جليل وأديب بارع، نموذج للعبقرية، نراه يمزج العاطفة بالنظرة الفلسفية فنشاهد داليته في رثاء شيخه أبي حمزة التي مطلعها:


غير مجدٍ في ملتي واعتقادي
نوح باكٍ ولا ترنم شادِ

يقول عنه ابن العديم: وما زالت حرفة أبي العلاء في علاء وبحر فضله مورداً للوزراء والأمراء وما علمت أن وزيراً مذكوراً أو فاضلا مشهوراً بمعزة النعمان في ذلك العصر إلا قصده واستفاد منه.
- ابن سيده اللغوي (398هـ - 458هـ)
يعد من العلماء الأفذاذ فلقد ألمّ بعلوم عصره وبرز في جلها وألف المؤلفات حتى ذكروا من مؤلفاته اثني عشر مؤلفا، منها: كتاب المحكم والمحيط الأعظم في اللغة وكتاب المخصص مرتب على الأبواب كالغريب المصنف، وكتاب شرح اصلاح المنطق، وكتاب الأنيق في شرح الحماسة، وكتاب العالم والمتعلم في المسألة والجواب وكتاب الوافي في علم القوافي وكتاب شاذ اللغة في خمسة مجلدات وكتاب شرح كتاب الأخفش.
- الإمام الشاطبي (538هـ - 590هـ)
قال عنه صاحب (نكت العميان): كان إماما علامة نبيلا محققا ذكيا واسع المحفوظ كثير الفنون بارعاً في القراءات وعللها حافظا الحديث كثير العناية به أستاذاً في العربية وقد ساعدته اللغة العربية على أن يكون عالما بالقرآن قراءة وتفسيراً وبالحديث مبرزا فيه حتى كان أوجد (عصره) في النحو واللغة عارفا بالتعبير حسن المقاصد مخلصا فيما يقول ويفعل.
- الإمام السهيلي المولود بالأندلس (508هـ - 581هـ)
كان عالماً جليلاً متمكناً في كثير من العلوم صاحب كتاب (الروض الأنف) في السيرة وقد ولي القضاء وعمل بالتدريس.
- الإمام الصرصري المولود بالعراق (588هـ - 656هـ)
كان علما في اللغة والفقه وله قصيدة في الفقه بلغت (2774) بيتاً.
- الشيخ حسين المرصفي المولود بمرصفا (بالقليوبية في مصر)
كان موسوعة علمية متفتح الذهن واعيا مدركا ومن مؤلفاته (الوسيلة الأدبية الى العلوم العربية) وكتابه (دليل المسترشدين في فن الإنشاء) في ثلاثة مجلدات و(رسالة الكلم الثمان).
- الدكتور طه حسين
من أشد أعلام الفكر العربي في العصر الحديث حيث يرجع الفضل الأول في تكوين القوة الأدبية اللغوية عنده إلى الأزهر ورجاله الذين درس عليهم.
التوحد اللغوي وأثره في إنتاج المعرفة العربية
قدم الدكتور عبد الرحمن بن محمد الرفاعي أحد منسوبي نادي جازان الأدبي في هذا المؤتمر ورقة بعنوان (التوحد اللغوي وأثره في إنتاج المعرفة العربية) هذا نصها: لست أدري ما المعنى الذي رمى إليه من وضع مدلول (التوحيد) ضمن محاور هذا المؤتمر؟ ورب قائل يقول: إن الهدف من ذلك هو الاثر الايجابي للانتاج المعرفي للفكر العربي إن اتحد لسان الأمة وأصبح واحداً، لأن وحدة اللسان تعني في الأغلب وحدة الفكر، وهذا يساعد لانتشاره، والانتشار يزيد من الثراء المعرفي. وإذا كان هذا المعنى هو الذي يتبادر الى فهم قارئه وسامعه، كما هو الشائع في أكثر الأوساط الثقافية، فهل اللغة - وهي المقصودة - تقول ذلك أم أن لها رأيا آخر؟ وبالعودة لمتون اللغة، وجدنا المادة اللغوية (وحد) التي اشتق منها مدلول (التوحد).. ذات معان لغوية كثيرة منها مدلول (التوحد).. ووجدنا فيها أن المعنى اللغوي لمدلول التوحد لا ينسجم مع ما رمى إليه واضعه ضمن محاور هذا المؤتمر، لأن معناه في لسان الفصحى لا يعني إلا التفرد والاستقلالية في كل شيء، مما يعني ان دلالته سلبية الأثر، وهذا ما أكدته اللغة بقولها: (...إن التوحد هو الانفراد في كل شيء، لأنه آت من قولهم أوحده الناس، أي تركوه وحيداً وقولهم أيضا: كان فلان رجلا متوحداً، أي منفرداً لا يخالطه الناس...).. وهذا يعني أنه إذا وضع في الكلام، فلا يكون مقصوده إلا الجحود.. بعكس مدلول التوحيد المبني على الوحدة.. فهذا لا يأتي إلا في مواضع الاثبات، وقد تتبعت جل ما كتبه الشيخ الرافعي - رحمه الله تعالى - في شؤون اللغة، أجده يستعمل مدلول (التوحد) إلا في التفرد والسلبية...
أما الجانب الايجابي فلم يستعمل له إلا مدلول (الوحدة.. والتوحيد) كقوله: إن القبائل العربية كانت تتدرج في سبيل الوحدة اللغوية، وقوله: (كيف كان التدرج في سبيل الوحدة اللسانية...)، إذن فالنتيجة التي يؤدي إليها التوحد هي الاستقلالية في كل شيء، أي أن حصوله في الأمة، يؤدي بها إلى التشتت والتفرق والتمزق، لأن كل قبيلة أو طائفة أو اقليم، سيستقل في كل شؤون حياته وأول تلك الشؤون هو التعنصر والتعصب للسانه الخاص به، مما يزيد في أمر هذه الاستقلالية تبعا للاستقلالية اللسانية حتى تتلاشى ويصبح لكل اقليم لسانه وفكره الخاص به.
وهذا ما حصل - مثله - مع تلك اللهجات التي جعلت فيما بعد لغات مستقلة، وتحمل اسماء غير أسمائها الحقيقية زادتها بعداً عن جنسها، وقطعت أصولها عن أنسابها، كالكنعانية والبابلية والآرامية والعبرية، لأ، تلك اللهجات التي أصبحت لغات كانت في بدايتها وحدة لسانية واحدة، وحينما بدأت تتفرد داخل جزيرتها العربية، بدأت ألسنتها تتبلبل، وأخذ التوحد يباعد بينها شيئا فشيئا، خاصة عندما أخذ الكثير من تلك القبائل تخرج خارج جزيرتها، مما ضاعف من غربة توحدها الذي أدى بدوره لفساد ألسنتها أكثر حتى احتاج المخاطِب والمخاطَب الى ترجمان، وهكذا كلما زادت المسافة الزمنية والمكانية زادت غربة التوحد، حتى في إطار المحيط الواحد. ولو رجعنا مثلا إلى بعض أجزاء جنوب جزيرة العرب، وتحديدا المنطقة التي سميت قبائلها بالقبائل العربية الغربية، كطئ والأزد وسحار وقضاعة والمهرة، وهي المنطقة التي خرج منها من بالكنعانيين... الخ، هذه المنطقة لو عدنا إليها الآن وأردت أن تتحدث مع أهلها بلهجاتهم الخاصة بهم، والتي توارثوها عن أجدادهم قديما، فإنك لا تستطيع أن تفهم عنهم، إلا بمترجم فهم، لصعوبة إدراك نطقهم لسرعة طرق النطق، سواء كان ذلك لتغيير في مخارج الحروف، أو دمج حرفين واخراجهما من مخرج واحد أو ادغام بعضهما في بعض أو في صيغها واختزال العبارات الكثيرة في عبارة واحدة أو في حرفين، أو في اختلاف نطق ضمائرها وغير ذلك؛ فمثلا ضمير الخطاب (أنت) تجد لنطقه في هذه المنطقة العجب، رغم تقارب مواقعهم، وتقارب أنسابهم، فقبائل جبال القيوس وسلي وما حولهم ينطقون (أنت) نطقاً مدغماً ومشدداً، هكذا (أتَّ) أما قبائل الغمر وما حولها فينطقونها نطقا مخففاً، هكذا (أت)، أما مواقع - أكثرهم - العبادل، فإنهم ينطقون (تاء... أنت) نطقاً مشدداً مفخماً، أي نطقا أقرب الى نطق حرف الكاف لتقاربهما مخرجا، لكن المنصت المدقق يدرك انها (تاء)، هكذا (أكَّ) أما جبال الريث وهروب ومنجد فأكثرهم ينطقونها كما هي في الفصحى (أنت) وبعضهم ينطقها مشددة (أتَّ)، ومثلهم فيفا، أما بنو معين وبنو ودعان وآل محمد فينطقونها هكذا (أنكه) وهناك من ينطقها هكذا (هت)، بقلب الهمزة (هاء)، ولا يعني (أتَّ ، وأت وهت) لا يوجد بها حرف (النون) التي تتوسط بين الألف والتاء بل هي موجودة، وإنما يدغمونها فيما قبلها أو بعدها، وسرعة النطق تجعل السامع يظن أنها غير موجودة. ولم يقف أثر التوحد اللغوي عند ضمير الخطاب بل تجده يعم كل الضمائر، فضمير الغائب المنفصل، حينما تعود للمواقع السابقة تجدهم يتباينون في نطقه كما تباينوا في ضمير الخطاب، فمواقع الجبالين قرب هضبة الأحقاف، تجد منهم الآن من ينطق (هو) هكذا (ش - هـ أو شه) مع نطق (ش) نطقا بين (التاء وش المعطشة). أما مواقع قبائل المهرة، وهم بالقرب من الجبالين، فينطقون (هو) هكذا (هه)، وبالقرب منهم، بعض أهل حضرموت فينطقونها هكذا (ش).. أما جهات العبادل، الآن فتجدهم ينطقون (هو) هكذا (هاو) وهذا كله في حالة التذكير، أما في حالة التأنيث فينطق في الأكثر هكذا (س) وبعضهم (ث).
الحروف
أما الحروف فقد أوجد فيها التوحد العجب العجاب، فالطاء، مثلا هي (تاء) والسين هي (تاء) والعكس، ووسط هي (وست) وعاث هي (عاس)، بل لا أبالغ إن قلت انك تجد في القبيلة الواحدة أكثر من نطق للحرف الواحد، فالضاد في فيفا هي فاء (فضرب هي فرب) أو (ثرب) بنطق بين الثاء والظاء، أما جبال العبادل فمنهم حين ينطق الضاد تظن أنه يخرجها من مخرجي حرفي الشين والتاء، فكلمة (ضلع) هي (شِئلعْ) في حين تجد آخرين ينطقون كلمة (ضرس) (كرس)، أي قلبها (كاف) وبعضهم ينطقها شيئا، وهكذا وبعضهم ينطقها نطقا صحيحاً فصيحا.
ولم يقف التوحد عند الضمائر والحروف بل تعدى الى التراكيب والجمل، إذ تجد لأهل هذه المواقع طرقا عديدة يمكن تلخيصها في أمرين هما: السرعة الشديدة التي تجعلك لا تلاحقه وهو يتحدث مما يجعلك لا تفهم ما يريد، إضافة الى طابع الاختزال الذي يمتازون به في اختزال العبارات في عباراة واحدة، والواحدة في حرف أو حرفين... الخ، فمثلا جملة (أين هو؟) ينطقونها هكذا (بها؟)، وعبارة (من هو أبوك؟) قبائل اللغوب من العبادات ينطقونها هكذا (مِثهَو أبيك؟) أما اخوانهم قبائل الجِذم، فينطقونها هكذا (لِتكْ إيْن؟) أما قبائل الغمر فينطقونها هكذا (مِنَكْ غيْهُو؟).
الصور
هذه بعض الصور الموجزة، أردت من ورائها توضيح ما يحدثه التوحد اللغوي في وحدة اللغة والواحدة من تمزيق اللسان الواحد وجعله ألسنة متباعدة لا يفهم بعضها عن بعض مما يعني انه سلبي الأثر، وهذه السلبية لا يمكن أن تثري مواد اللغة وصيغها ومداليلها، بل تشلها وتميتها، بل ان هذه السلبية تعقم الفكر وتشله، لأن اللسان هو ترجمان الأفكار، وحصول التوحد يعني تجزيء الأمة، وعندها يصبح لكل جزء منها لسانه الخاص به، وخصوصية لسان كل جزء تنتج فكراً لا يستطيع الآخر فهمه الا بمترجم يوضح له معانيه ومراميه، وهذا يؤدي لاضمحلال خصوصية الأمة الواحدة، ذات الفكر الواحد، حينها ستجد ان فكر كل جزء منها يحارب فكر الآخر، وكأني أرى ان هذا التوحد وأثره قد أصبح وشيكا حصوله، إذا ما استمر تشجيع انتشار العامية نطقا وكتابة، وللأسف بدأ أمره، فقد ظهرت في هذه الأيام نعرات تدعو لأن تكون هناك حرية ممقرطة - ديمقراطية - في كتابة الفكر، أي أن كل أقلية لها الحق في أن تكتب فكرها وأدبها بلهجتها الخاصة بها، أي أن للمطاريق في جبال الجزائر الحق في كتابة فكرهم بلهجتهم الخاصة بهم، ومثلهم أهل الصحراء الغربية، وأهل النوبة، وأهل جنوب جزيرة العرب، كلهم لهم الحق في أن يكتبون بلهجاتهم الخاصة بهم، وهكذا!! تصور كيف سيصبح أمر هذه الأمة؟ أستبقى لها بعد ذلك خصوصية فكرية؟ بل من سيقرأ ذلك المنتج غير اصحابه؟ بل لن يكون هناك ثراء فكري؟ إلا ان يشاء الله تعالى.
لكن حينما يكون لسان الامة واحداً، يكون فكرها واحدا، لأن الكتابة تصبح واحدة، وبفكر واحد، حينها الكل يقرأ وفي أي مكان هو ما دام هو ينتمي لهذه الأمة وإذا توافرت هذه العوامل الوحدوية، حتما سيكثر الانتاج الفكري ويغزر جيده، وينتشر وينمو ويزيد، لأن ما سيكتبه من مصر - باللغة الواحدة - سيقرؤه من في السعودية واليمن والأردن والجزائر والمغرب وعمان، وفي أي أرض تشرق عليها شمس عربية، وكذلك العكس، لأن الكل سيكتب فكراً واحداً، ولأمة واحدة.
ومن هذا كله نخرج بأن مدلول التوحد في اللغة هو بعكس ما هو شائع عنه في الأوساط الفكرية، والمساحات الثقافية، وأراني بهذا قد أوضحت الفرق بين مدلولي التوحد، والتوحيد، والوحدة، في المفهوم اللغوي.لأن الأول: سلبي الأثر، والثاني: ايجابي الأثر، وبهذه الاشارة اللغوية اختم هذا الملخص عن مدلول التوحد اللغوي وأثره على انتاج المعرفة العربية.
المؤسسات الإعلامية وإنتاج المعرفة
عالج الدكتور عبد الله أبو هيف من خلال ورقته (دور المؤسسات الإعلامية والاعتبارات اللغوية في انتاج المعرفة) مكانة اللغة العربية في تعزيز وظيفة المؤسسات الاعلامية في انتاج المعرفة من خلال المحاور التالية:
- تمهيد حول بلاغة اللغة العربية وابلاغيتها في وسائل الاتصال والاعلام.
- المناهج المعرفية وصلتها باللغة العربية ومداها الاتصالي والاعلامي، بالنظر في الخصائص اللغوية للخطاب وخصوصية اللغة الاعلامية (الاداء، التخييل، الطول والقصر، المكتوب والشفاهي، الثنائيات اللغوية، قواعد الاستحاب... الخ).
- مراعاة اعتبارات اللغة العربية لدى استيعاب المعرفة وتأصيلها ومجالاتها الاتصالية والاعلامية (اللغة والمصطلح، اللغة والتراث العلمي، اللغة والتراث الثقافي، التعريب، الترجمة... الخ).
- المؤسسات الاعلامية واللغة واشتراطاتهما (المعاجم، الطباعة نشراً، ونشراً الكترونياً، وسائل الاتصال من ثقافة الكلمة وثقافة الصورة الى الثقافة الرقمية).
- المؤسسات الاعلامية وتكنولوجيا الاتصالات واشكالية اللغة العربية والمجتمعات الرقمية.
- خاتمة عن نتائج البحث وسبل الارتقاء بدور المؤسسات الاعلامية في إنتاج المعرفة عند مراعاة الاعتبارات اللغوية.
اللغة والمعرفة
تحدث الدكتور رشاد محمد السالم الأستاذ بجامعة الشارقة عن (دور اللغة العربية في تنمية المعرفة) وقال: جاء اختراع الطباعة فتحا بينا، تتداول الايدي الكتب في شتى اللغات، وتغني بها المؤسسات التربوية أيما غناء، بدءا من تعلم القراءة والكتابة الى ثمار الفكر الانساني في شتى مجالات المعرفة. ثم أتت فتوحات جديدة تمثلت في المعرفة العلمية والثقافية، وبأدوات خزن المعارف التي تتضاعف بحقوليات هندسية وتزداد أهمية اللغات سواء في تداولها في الحياة أو في التعويل عليها في التربية والتعليم، فهي حاضرة في كل زوايا البيوت، فالمذياع ينقل للمستمع البعيد والقريب من محطات الاذاعة بشتى اللغات، والتلفاز يجمع الى الاذاعة الصوتية إذاعة الصور بشتى أشكالها وعلى تعدد مصادرها، وبشبكات الحاسوب تدني المخزون من كنوز المعلومات.
إن اللغة العربية مفتاح لمغاليق المعرفة، فهي تجعل المرء متصلا ببيئته غير بعيد عن الحياة التي تحيط به، كما يكون بمقدوره ان يتابع ما تصل إليه العلوم والآداب من تطور وتجديد وتحديث.
اللغة والتنمية
استعان الدكتور رشيد بلحبيب من خلال ورقته (اللغة العربية والتنمية قراءة في مجالات التنمية وأبعادها) بتقريرات الدكتور الشنوفي التي أوردها بشيء من التصرف قائلا: إذا نحن عنينا بالتنمية الانتشار، تذكرنا أن اللغة العربية منتشرة في كل بقعة من العالم، فهي فوق كونها اللسان القومي لما يقارب الثلاثمائة مليون من البشر يمتد موطنهم من المحيط الى الخليج، فهي اللسان المقدس لما يزيد على المليار مسلم منتشرين في أرض الله!
إذا نحن فحصنا مفهوم التنمية على صعيد الانتاج الأدبي والعلمي هالنا ما ألف بالعربية، ولا تزال ملايين المخطوطات حبيسة الرفوف في مختلف خزائن العالم، وذلك دليل على قدرتها على القيام بوظيفتها الحضارية.
إذا نحن قصدنا بالتنمية مفهوم الغزارة، أقررنا بشيء من الاندهاش أن اللغة العربية قد جاوز غناها كل حد، إذ عدد ألفاظها يفوق ستة ملايين لا يستعمل منها إلا قرابة ستة آلاف مفردة.
تساؤل
تساءل الدكتور رضوان الدبسي من خلال ورقته عن (المؤسسات الثقافية والاعلامية وأثرها في العربية) وقال: كيف نواجه القرن الحادي والعشرين في التعليم اللغوي، وفي المواجهات اللغوية؟ وبالتالي: ما آثار ثورة (التكنولوجيا) والعولمة، والعالم المفتوح في لغتنا العربية وتعليمها؟
الجواب بسيط: إن عصر العولمة يطالب العرب بأن يكونوا أكثر ادراكا لما يجري حولهم من انتقال سريع للمعلومات، وتبادل واسع للثقافات، ولغتنا لديها - بما وهبها الله من غنى وسعة - ما يؤهلها لمواكبة هذا الانفجار المعرفي، ولنجاح هذه التقنية مع لغتنا، علينا تحديث التعليم بتطوير مناهجه لتواكب عصر الحداثة مع المحافظة على أصالتنا في الدين واللغة والتراث، إضافة الى تطوير أهلية المعلم للتعليم التقني.
الازدواجية
ركز الأستاذ سعد صادق محمد في ورقته عن (أزمة الخطاب اللغوي في العالم العربي) على مواقف طلاب المدارس والجامعات وازدواجية اللغة والاعلام، وأزمة الخطاب اللغوي وقال:
* موقف طلاب المدارس والجامعات
من المؤسف ان طلاب المدارس والجامعات دخلوا في أزمة الخطاب اللغوي بل بلغ بهم الأمر انهم بمجرد أدائهم مقررات اللغة العربية يتخلصون من كتب مقرراتها وينسون كل من درسوه وكل ما يهم إحراز درجات النجاح.
* ازدواجية اللغة
وبسبب مزاحمة اللغات الاجنبية للغة العربية، ظهر الازدواج اللغوي، فرأينا كيف يعيش القوم مع اللغات الاجنبية التي تلقوها بالمدارس والجامعات، في نهارهم ومسائهم تحدثا وتعليما ومناظرة ومعجميا ونحويا، فزادت أزمة الخطاب اللغوي عندهم واستفحلت.
* الإعلام.. وأزمة الخطاب اللغوي
خريجو الجامعات قسم الاعلام وقعوا هم أيضا في مستنقع التقصير في حق اللغة العربية إذ جهلوا الحديث في نشرات الاخبار أو تقديم البرامج أو الندوات المنقولة على الهواء وجهلوا الحديث بلغة عربية سليمة خالية من الأخطاء اللغوية كما فقدوا صياغة الجملة المفيدة مما عرضهم للنقد اللاذع.
طريقة بريل
عدّ الدكتور طارق محمد محمد معوض طريقة بريل الوسيلة الرئيسة في اكتساب المعلومات والمعارف لدى المكفوفين وقال: تعد طريقة بريل الوسيلة الرئيسة في اكتساب المعلومات والمعارف لدى المكفوفين، وطريقة بريل هي عبارة عن خلية بارزة تشتمل على ست نقاط وبعمليتي التباديل والتوافيق يمكن كتابة الحروف والرموز المراد كتابتها، وبتيسير عمليتي الكتابة والقراءة بطريقة بريل أمكن التوصل الى مجموعة من الاختصارات البسيطة والاختصارات المركبة، ولهذه الاختصارات اثر عظيم في تسهيل انتاج المعلومات والمعرفة للمكفوفين فهي اقتصادية في الوقت والجهد؛ الأمر الذي يؤدي لزيادة كبيرة في كم المعارف المنتجة.
ومن هنا بات الاهتمام بتوحيد هذه الاختصارات عملا جد خطير، وتصدرت جمهورية مصر العربية هذه المحاولات وذلك في عام 1958م ثم اكتملت بعض جوانبها في المملكة العربية السعودية عام 1971م وفي أوائل الثمانينيات قامت بعض الدول العربية بإضافة بعض الاختصارات الخاصة بها تيسيرا على أبنائها المكفوفين في الكتابة.
الترجمة
تطرح الدكتورة طيبة صالح الشذر وذلك من خلال ورقتها عن (اللغة العربية وحركة الترجمة) مجموعة أفكار أساسية تعد منطلقات لرؤية قضايا الواقع وتتمثل في وضع اللغة العربية وخصوصيتها وموقع حركة الترجمة إليها، كما يشير البحث الى أفكار تعد من الرصيد المهم في علوم اللغة وتدخل في إطار الدوائر المتصلة، مثل فكرة ربط اللغة بالفكر وبالمفاهيم والتصورات وبالمجتمع، وهذه الفكرة لها جذورها العربية في الفكر اللغوي عند الفارابي وابن جني وفي الرؤية الاجتماعية عند ابن خلدون.
إن قضية واقع اللغة العربية قضية لغوية مجتمعية، لا تطرح هذه القضية من داخل البنية اللغوية بل تكون في المقام الأول في الاطار المجتمعي فاللغة تصور من دون شك رؤية العالم في زمن محدد وفي نسق ثقافي محدد، ولكن هذا العنصر متغير بدرجة أو بأخرى في اللغات التي لها تاريخ طويل مثل اللغة العربية.
من الأهمية بمكان النظر الى تجاوز الواقع الراهن للترجمة في الوطن العربي وذلك بأن نفكر في ايجاد آلية فعالة تتيح انطلاق الترجمة ويتضمن ذلك:
أولا: تكوين المترجمين المتخصصين بالعدد الكافي وفي التخصصات المنشودة سواء أكان هذا في مجال العلوم الانسانية والأدب أم في تخصصات الطب والعلوم والتقنيات.
ثانيا: وضع ملامح رؤية عربية للترجمة ذات اتجاهات مختلفة ومجالات عدة ومن لغات كثيرة من تحديد الامكانات التنفيذية وتوزيع الادوار ووسائل الدعم.
ثالثا: الافادة من بنوك المصطلحات على المستوى العالمي وتخزين أعمال مجامع اللغة العربية وجهود المترجمين المتميزين في وضع المصطلحات واتاحة هذه الحصيلة من المصطلحات على المستوى العربي للمترجمين بشكل سهل يجعل عملهم منتظما ويحقق منظومة الاتصال العلمي والثقافي من خلال اللغة بشكل مناسب.
رابعا: إن حركة الترجمة الى اللغة العربية ينبغي ان ننظر إليها في إطار رؤية شاملة للمستقبل اللغوي للدول العربية، وهذا التصور المستقبلي أساسي، ويمثل الاطار الشامل، وذلك حتى يتحدد دور اللغة الوطنية في التعليم والثقافة والعلم، وحتى تتضح أيضا مواقع اللغات الاجنبية في تلك المجالات على النحو الذي يحقق ما تنشده الامة العربية من مقومات الانتماء والذاتية الثقافية من جانب والصلة بكل جديد من حضارة العصر والمشاركة فيها من الجانب الآخر.
ثنائية اللفظ والمعنى
أشار الدكتور مصطفى صالح جطل من خلال ورقته (اللفظية واحدة من مشكلات الخطاب اللغوي) إلى أن ثنائية اللفظ والمعنى ألقت ظلالا كثيفة على خطابنا العربي القديم والحديث وإذا أردت دليلا على ذلك من تراثنا القديم فما عليك إلا العودة الى النصوص التي تقرؤها من كتب الجاحظ أو من كتب التراجم أو غير ذلك من الكتب لترى الاحتفال الكبير باللفظ والمفردات والتوازن بين الكلمات والعناية العظيمة بالترادف بين المفردات أو العبارات أو الجمل والكتاب لا يبغي من وراء ذلك إلا تأكيد الفكرة التي يذهب اليها، وباب التوكيد في اللغة والنحو والبلاغة وجماليات اللغة من أكبر الابواب، ولنأخذ مثالا على ذلك قول النقاد العرب في النص الأدبي إذا أعجبهم (إنه حسن الجرس، رقيق الديباجة، طلي العبارة، رائع التأليف، فيه جزالة وسلاسة وله ماء ورونق)، وإذا حاولت أن تقيم علاقة بين هذه الكلمات ومعناها فلن تستفيد إلا المبالغة والتهويل أو المجاز البعيد عن الحقيقة والواقع، هذا النص خير دليل على مشكلة اللفظية في خطابنا اللغوي.
عصر العولمة الثقافية
كانت ورقة الدكتور محمد بن عبد الرحمن الربيع رئيس النادي الأدبي بالرياض التي قدمها الى المؤتمر عن (اللغة العربية في عصر العولمة الثقافية) وتخلص الورقة إلى اثبات أهمية اللغة العربية في عصر العولمة الثقافية وكيف ان التمسك بها يعد من أهم الحصون القوية في مواجهة الذوبان والاستسلام لثقافات الامم الأخرى، وكيف يمكن للأمة العربية الاستفادة من عصر العولمة الثقافية في نشر اللغة العربية والثقافية والاسلامية على المستوى العلمي.
احتوت عناصر الورقة على ما يلي:
- اللغة العربية ودورها التاريخي والحضاري والثقافي في توحيد الأمة العربية.
- اللغة العربية ودورها التاريخي والحضاري والثقافي في مقاومة الاستعمار.
- أثر اللغة العربية في لغات الشعوب الاسلامية.
- اللغة العربية على المستوى العالمي في العصر الحديث.
- اللغة والثقافة اهم عناصر مقاومة الذوبان في ثقافات الأمم الأخرى.
- هل العولمة خطر على اللغة العربية؟
- كيف يمكن أن تنتشر العربية في عصر العولمة الثقافية؟
قناة فضائية عربية
نادى الأستاذ محمد السيد صالح من خلال المؤتمر الى ضرورة انشاء قناة فضائية عربية تتبع جامعة الدول العربية توجه لكل الأقطار العربية لنشر اللغة العربية واقترح على كل القنوات التلفزيونية العربية والمحلية والفضائية أن تقوم بتخصيص برامج تعليمية للغة العربية بأسلوب سهل ميسر وفق منهج معد بإشراف جامعة الدول العربية، كما رفض الأستاذ السيد صالح أي دعوة تهدف الى زيادة التمزق اللغوي وإشاعة اللهجات العامية التي توسع هوة تمزق اللغة العربية بين الشعوب العربية.
القصة القصيرة في لبنان
تتلخص ورقة (الخطاب المقاوم في القصة القصيرة في لبنان) للدكتور يوسف الصميلي في دراسة القصة القصيرة لدى ثلاثة كتاب هم أحمد سويد وعبد المجيد زراقط وعلي حجازي، جمعهم همّ مشترك، هو المناخ العام الذي كان سائداً في لبنان أثناء الاحتلال الصهيوني لجزء من أرض الوطن، وبدت بين قصصهم ملامح مشتركة شكلت محور البحث وموضوعه ضمن السياق التالي:
1- ركز الخطاب القصصي على الفلاح سواء كان مزارعا في الحقل أو مربيا في البيت أو محدثا في جلسات القيلولة أو نازحا مؤقتا الى الجوار.
2- ركز الخطاب على ينابيع الاتجاه المقاوم التي تجلت في الينبوع صلة وثيقة بالمواطنين من خلال الدين كجامع مشترك وكحافز على الفعل، وكمروض للنفوس للصبر على المكاره، ومن خلال التاريخ القريب الذي ما زال راسخا في أذهان الناس على هيئة حكايات تحكي عن الفرنسيين، ومن خلال التاريخ البعيد الذي يرقى صعوداً إلى وقائع الاسلام الأولى.
3- إن هذا الخطاب قدم لنا صوراً ثلاثاً: احداها للوطن والاخرى للمواطن والثالثة للعدو.
4- قدم هذا الخطاب المعلم كصاحب دور أساسي في تنمية الوعي السياسي والاجتماعي، وأنه قادر على تحمل تبعة هذا الدور.
5- إن هذا الخطاب المقاوم جمع إلى الهم الوطني والاجتماعي، الهم التربوي، وبذلك قدم رؤية واقعية ليست معزولة عن خارج هو مرجعها.
6- إن الكتاب الثلاثة عاشوا واقعهم، واستمدوا من تجاربهم، فكان خطابهم القصصي جزءاً من منظومة كاملة في المجتمع.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved