Saturday 18th December,200411769العددالسبت 6 ,ذو القعدة 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الاخيــرة"

وعلامات وعلامات
طريقنا إلى إقامة وسائل نقل متطورة! (3-4)
عبد الفتاح أبو مدين

وقرأت كلمات في صحفنا أن الملك عبدالعزيز رحمه الله أمر بمد خط سكة حديد بين جدة ومكة، قرأت ذلك في - صوت الحجاز -، ثم نُسي المشروع، وحين فكر الملك الباني صقر الجزيرة بتغذية نجد بالتموين من ميناء الدمام لأنه أقرب من جدة، أمر بمد خط حديدي بين الرياض والدمام، وسعى إليه أصحاب المصالح وتجار السيارات ليصرفوه عن ذلك، لكنه رأى أن المصلحة الأجدى في السكة الحديدية لأنها الأولى والأقدر والأرخص، فنفذ ما أراد، وحمد القوم السرى، ما عدا مستوردي السيارات، ولعلهم نجحوا في عدم تنفيذ مشروع القطار بين: مكة - وجدة، ولكنهم لم يحولوا بين تسييره بين الرياض والدمام، لأن صقر الجزيرة شغله يومئذ إيصال التموين إلى الرياض من طريق قريب وسريع، وكذلك حالنا اليوم.. وصقر الجزيرة رحمه الله ذو نظر ثاقب في رؤياه للحاضر والمستقبل انطلاقاً من رؤياه للماضي، أدرك أن القطار، لا الشاحنات الوسيلة الأنجح للنقل بحمولات يعجز عنها غير القطار، فنفذ الخط الحديدي، وأصبح وسيلة أساسية فاعلة للنقل بين شاطئ الخليج وعاصمة البلاد، وحيث إن القطار عندي وعند المدركين لدوره الكبير والأيسر تكاليف، مهما حاول وقال المعارضون للاعتماد على هذه الوسيلة القادرة والمتطورة والسريعة، لنقل الركاب والسلع بكل أصنافها دون استثناء، أماناً وسرعة ووفرة تكاليف، وجدوى اقتصادية اقتنعت بها وزارة المواصلات عندنا كما أشرت آنفاً، ولذلك فإنا نعول عليه وثقتنا في حكومتنا الجادة، أن تأخذ وتشرع في إقامة شبكة للسكة الحديدية في وطننا الغالي، لا سيما وقد أفاء الله علينا بمال وفير سددت منه الديون وفاض ما يحقق الارتقاء بخدمات الوطن الأمثل والأجدى، التي اعتمد عليها العالم المتطور، فارتقت خدماته، وأصبح القطار عند جميع الدول غنيها وفقيرها الوسيلة التي يعول عليها، وهو البديل لكل وسائل النقل، باستثناء المسافات البعيدة، التي ظلت تعتمد على النقل الجوي، والأمل وطيد في حكومتنا الراشدة أن تأخذ بأسباب إقامة شبكة للسكة الحديدية، تمخر في صحرائها وعامرها، وسواحلها، لأننا لسنا أقل طموحاً من غيرنا، ونحن قادرون على الارتقاء ببلادنا بهذا التطور إن شاء الله، لأن الشاحنات والنقل الجوي ليس البديل الأمثل، كما رأينا في الدول الصناعية والراقية، ولا أقول إن أقلها سويسرا وأسبانيا، ولكنهما حققتا ارتقاءً في الخدمة بالسكة الحديدية عبر الدروب على وجه الأرض، وكذلك في الأنفاق في سلاسل جبال الألب ومعهما فرنسا وإيطاليا، ونحن أصبح لنا سبل وأنفاق عبر جبالنا التي تحيط بمكة المكرمة، إذاً فنحن بمشيئة الله قادرون على أن نحقق ما نريد، بعيداً عن الاتكاء على آراء المثبطين غير الطامحين والمتخصصين، ولكنها آراء عابرة يلقون بها إذا سئلوا، وهي ليست واقعية ولا متطورة فاعلة، على حين أن العالم من حولنا يجمز نحو الأفضل والأجدى، أما آراء تنظر إلى الوراء، فإن ما يقوله أصحابها لا يعول عليه، لأنها أفكار نائمة راكدة.
* إنني أرجو الرجوع إلى معالي الأخ ناصر السلوم وزير المواصلات السابق والمشروعات التي درست وأقرت في إقامة شبكة للسكة الحديدية، تربط أقاصي البلاد بعضها ببعض، وتخدم نقل الحجيج قبل أن يرتفع عددهم إلى الملايين، فنعجز عن نقلهم، ونقول يومها: ليتنا سلكنا سبيل النقل بالقطار، لكنا وفرنا عن أنفسنا عناء الميل إلى آراء بعيدة عن جدوى هذه الوسيلة، وقد لا يجدي الندم بعد فوات الأوان، وما زلت أردد أن الأمة الناهضة الحية، تخطط للغد القريب والبعيد عبر رؤية مبصرة، لتحمد العافية يوم تنجز كل ما يؤدي إلى التطور، ويرقى بالبلاد الطموحة بقيادتها المدركة لقيمة العمل الباقي.
وأنا اليوم يهمني كمواطن إنشاء شبكة للسكة الحديدية في بلادي (القارة) لا سيما ونحن قادرون الآن، وما أكثر الشركات في اليابان وإيطاليا وغيرها ترقب إشارة برغبة البلاد في إقامة مشروع ضخم، يبقى علامة مضيئة في تاريخ حكومتنا، التي بنت مشروعي الحرمين الشريفين العملاقين، ومدت جسراً من الحب بين المملكة والبحرين، وما زالت المشروعات الطموحة تتوالى، غير أن المهم كسب الوقت لأنا لا نملكه، وينبغي أن نغتنم الفرص والقدرة لنحقق طموحاتنا، وذلك شعار أمة: (تنشئ الحياة وتبني)! إن الدولة الناهضة تسجل تاريخاً يتحدث عن إرادتها وإنجازاتها في عملية البناء الحضاري، لأنها أمة حية تدرك مسؤولياتها وتعمل لتحقيقها بما أوتيت من طاقة وقبلها إرادة ناجزة، ونحن المسلمين عبر تاريخنا النير أمة حياة وعمل وطموح وإنجاز، لأنا لسنا خاملة تركن إلى الدعة وعدم المبالاة!
* ولعل يد البناء تطال (جدة)، العاصمة التجارية الطموحة العاجة بالزحام، ومنها وسائل النقل المختلفة، أعني السيارات، ففي كل مركبة فرد، أن تشرع الدولة التي تتخذ من بوابة الحرمين الشريفين مقراً رئيساً لها في أكثر أيام السنة، أن تنشئ مترو يخفف كثيراً من ضغط أدخنة المركبات، ولم تستوعبها شوارعنا التي أنشئت للأمس في سعتها ومساحاتها، وليس للغد، فهذه الوسيلة السريعة الحية النظيفة، - المترو -، هي الأنظف والآمن والأسرع، رأيناها في فرنسا وبريطانيا وألمانيا وسويسرا وغيرها.. لنلحق بركب المسيرة الحضارية المتجددة والمتطورة دائماً، تمشياً مع إيقاع الحياة الراكض السريع، ذلك أن المعايشة فرص تنال باصطيادها في أوقاتها السانحة.
* لقد أنعم الله على بلادنا بكيان الحرمين الشريفين، اللذين يأتي إليهما المسلمون رجالاً وبشتى الوسائل من كل فج عميق، لأداء مناسك الحج، ويشهدوا منافع لهم، وكذلك العمرة طوال السنة، ولله الحمد والمنة على نعمه التي لا تحصى ولا تستقصى!
* ولقد كان لهذا البلد المكانة منذ القدم، وكان عامراً وما زال، ينعم بالأمن والخيرات والاستقرار، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.. واليوم وقد بلغ عدد المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها قرابة مليار وثلاثمائة مليون نسمة، يتطلعون إلى الوصول إلى الحرمين الشريفين لأداء النسك من حج وعمرة، وزيارة المسجد النبوي، حيث يتزايد العدد في كل عام، ويزداد شوق المسلمين إلى الحرمين، ولا سيما في شهر رمضان وكذلك موسم الحج، ويرتفع عدد المعتمرين في رمضان ولا سيما في العشرة الأواخر من الشهر، إذ يبلغ أو يزيد على (3) ملايين معتمر، أما في موسم الحج فقد يبلغ عدد الحجيج (3.5) مليون أو أكثر، شاملاً المواطنين والمقيمين ودول مجلس التعاون!
* إن جميع الملبين لنداء نبي الله إبراهيم عليه السلام رددوا في استجابتهم: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك.. ولعل من أبرز وأجل الخدمات التي يستطيع هذا البلد تقديمها لهذا الجمع الغفير من الناس المختلفي العادات والتقاليد والمشارب، توفير سبل ميسرة وعملية وسريعة للمواصلات والتنقل بتكاليف معقولة ومقننة، بالإضافة إلى الاحتياجات الأخرى من سكن ومطعم وغيرهما.. وهذه الخدمات قام بها أسلافنا، وكانوا يتنافسون على خدمة وسقاية الحجيج، رغبة في الأجر والمثوبة من الله سبحانه وتعالى.
* ولقد تتبعت قضية القطار واستعماله في تقديم خدمات النقل الشاملة لجميع احتياجات زوار بيت الله الحرام، وعجبت كثيراً لتفاوت الآراء والأحاديث حول جدوى هذا المشروع، والأعذار التي ألقي بها، والتي يتكئ عليها المعارضون، وهي غير مبنية على أسس علمية صحيحة ومنطق يمكن أن يقتنع به!
* ولعلي أطرح فكرة مبسطة لمشروع القطار، والذي سوف أسميه (قطار الحج والعمرة)، حيث باتت مدينة جدة مكتظة بقاصدي بيت الله الحرام، وكذلك السائحون من أهل البلاد الذين يغتنمون الفرص، لزيارة الأهل والأقارب في فترات العطل، مما يجعل التنقل في المدينة أمراً لا يطاق ولا يحتمل، وخاصة في فترتي، العمرة في رمضان والحج، وكذلك الحال بالنسبة لمكة المكرمة، فهي أصغر حجماً وأضيق سعة، ويقصدها في فترة المواسم أعداد هائلة من البشر، ويتجمع فيها قاصدوها، وتتزاحم فيها أرقام خيالية من السيارات العامة والخاصة، للعمل على نقل الناس من أجل العيش مما يزيد المشكلة تفاقماً، وليس هنالك بديل قائم لهذه الوسيلة الوحيدة بمختلف أنواعها في الماضي وإلى اليوم!


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved