شارون وتجاهل مرجعيات التسوية

يجد رئيس الوزراء الإسرائيلي مساحة واسعة يتحرك عليها ليقول ما يشاء، دون أن يلزم نفسه بأي حدود لما يقول أو أن ينبهه أحد إلى أنه يتجاوز في الكثير من طروحاته خطوطا حمراء لا ينبغي له أن يتجاوزها، لكن الأدهى وأمر أنه عندما يقول بإسقاط حق اللاجئين في العودة يرفق ذلك بالقول، أيضا، إنه اتفق في ذلك مع الرئيس الأمريكي، أي أن رئيس الدولة العظمى التي يفترض أنها ترعى التسوية بين الفلسطينيين وإسرائيل، توافق مسبقا على أمور، تم الفصل فيها من خلال القرارات الدولية، وهي أمور تدخل في صلب الحقوق الفلسطينية، وهم الذين يقررون فيها..
وعلى ذلك فإن خطاب شارون الأخير إلى عدد من المستوطنين حفل بكل ما هو مستهجن، فهو يقول إنه لا يلتزم بحدود 1967م، ويؤكد تمسكه بالكيانات الاستيطانية الكبيرة في الضفة الغربية، أي أن التسوية إن حدثت وفقا لهذا الفهم الشاروني فإن الفلسطينيين سيحصلون على مسخ مشوه ومنقوص لما كان يسمى الضفة الغربية، إذ إن مساحات واسعة تقوم عليها تلك المستوطنات التي قال شارون إنها لن تعود للفلسطينيين، بينما هناك مساحات أخرى واسعة يقوم عليها السور العازل..
ومع ذلك فإن شارون يقول: إن هذه الطروحات تتم بالاتفاق مع الرئيس الأمريكي، ونحن نعرف أن هناك تفاهماً بين شارون وبوش على هذه العناصر، غير أن التأكيد عليها يثبت دون شك أن الإدارة الأمريكية ماضية قدما في تنفيذ المخطط الشاروني الذي يقدم الانسحاب من قطاع غزة كطعم لابتلاع بقية الأراضي الفلسطينية..
مثل هذه التصريحات لا تترك بصيص أمل في السلام، كما أنها تعزز القناعة بأن أمريكا تلقي بكل ثقلها وراء هذا الإرهابي العتيد أرييل شارون حتى وهو يعبث بمصير الشعب الفلسطيني، وهذا أمر خطير تترتب عليه تبعات دولية خطيرة، من خلال تشجيع من هم على شاكلة شارون على الحذو حذوه طالما أن الأمور باتت تعتمد على القوة المجردة المدعومة بقوة عظمى..
إن الأضرار المنظورة لمثل هذه السياسات لا يمكن أن تكون إلا كارثية، فشارون يقرر مسبقا أمورا تنتظر التفاوض وأخرى لا تحتمل الأخذ والرد، فقد صدر القرار 194 من الأمم المتحدة مؤكداً حق ملايين اللاجئين في العودة، لكن شارون يعتبر كأن هذا القرار لم يكن وهو لا يرى، بالتالي، حقا في العودة.