Tuesday 28th December,200411779العددالثلاثاء 16 ,ذو القعدة 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الاقتصادية"

شيء من المنطق شيء من المنطق
معادلة التوطين في ظل التخصيص المنتظر
أ. د مفرج بن سعد الحقباني

ربما يكون من المنطقي جداً أن تركز خطط التنمية المتعاقبة بما فيها الخطة الخمسية الثامنة على قضيتين هامتين لواقع ومستقبل الأجيال الحاضرة والقادمة، هما قضية توطين فرص العمل، وقضية تفعيل دور القطاع الخاص في مجالات التنمية الوطنية المختلفة بشكل عام وفي مجال توفير فرص العمل بشكل خاص، وربما أيضا يتفاعل الجميع من باب لعل وعسى مع نشاط وزارة العمل الذي يهدف إلى حصر العاطلين عن العمل كخطوة ضرورية لإلحاقهم بفرص العمل المتاحة في سوق العمل السعودي، أو تلك التي يسيطر عليها ويتحكم في شؤونها عنصر العمل الأجنبي. ولكن المؤكد أننا لا زلنا نراوح المكان في هاتين القضيتين وكأنهما قد أمستا من التعقيد والصعوبة بقدر لا حول لنا معه ولا قوة على الرغم من كون الجميع يتفق على أن التأخر في مواجهة هاتين القضيتين لا يوردنا سوى المزيد من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والفكرية والأمنية. وهنا قد يتفق معي القارىء الكريم بأننا فعلاً نحتاج إلى وقفة جريئة وجلسة مفتوحة من الحوار الوطني لنحدد بالقلم والمسطرة ماذا نريد .. وكم نريد .. وكيف نحقق ما نريد، حتى لا يأتي الأجل على أصغرنا ونحن لا زلنا نتحاور حول مدى أهمية السعودة لمستقبلنا الأمني ومدى أهمية دور القطاع الخاص في تحقيق الاستغلال الأمثل لمواردنا الاقتصادية المتاحة. نظرياً نتفق جميعا على أن عنصر العمل الوطني هو الخيار الوحيد الذي يحقق لنا الاستقرار الاقتصادي والمجتمعي، ونظرياً نتفق على أن المستثمر الوطني يمتلك من الوطنية ما يجعله فاعلاً في مجال توظيف هذا العنصر. ولكن عملياً لا نجد مؤشراً واضحاً على جديتنا في تحقيق الرابط المقنع بين طرفي المعادلة مما حد ولا زال من التوظيف، وساهم ولا زال في زيادة الاعتماد على عنصر العمل الأجنبي في العملية الإنتاجية والاستثمارية.فإذا كانت الخصخصة تمثل واحدة من أهم الاستراتيجيات الاقتصادية الفاعلة لمواجهة التحديات والمتغيرات الاقتصادية في ظل توجُّه العالم نحو عولمة نشاطاته وعلاقاته الاقتصادية والتجارية، وفي ظل قدرة هذه الاستراتجية على خلق فرص عمل جديدة لمواجهة تدفق الأيدي العاملة المتزايد إلى سوق العمل، فإننا بلا شك مطالبون بالتعامل الحذر مع هذه القناعة سيما ونحن نعلم أن سوق العمل السعودي يتسم بعدم وجود البيئة التنظيمية والإدارية الجيدة التي تكفل تحقيق المواءمة بين متطلبات القطاع الخاص والمتاح من الأيدي العاملة الوطنية. بعبارة أخرى نريد أن نتعامل بواقعية وشفافية عالية مع رغبتنا في تدعيم وتفعيل دور القطاع الخاص وتخليصه من براثن البيروقراطية الإدارية التي تزاولها بعض الأجهزة الحكومية وفي نفس الوقت مع رغبتنا الملحة في منح عنصر العمل السعودي دوراً أكبر في العملية الإنتاجية. وفي اعتقادي أن تحقيق ذلك يتوقف على مقدرتنا في التخلص من مؤثرات الماضي حيث لم يعد يسيراً تصحيح الخطأ الذي ارتكب في السابق خاصة بعد أن استمرأ الكثير الواقع وجندوا كل طاقاتهم للدفاع عنه، ولعل ما نسمعه كثيراً من بعض رجالات القطاع الخاص خير دليل على أن عنصر العمل السعودي لم ولن يكون خياراً مفضلاً في المستقبل، ويتوقف أيضا على مقدرتنا في التعامل مع المفهوم الخاطىء لمبدأ الحرية الاقتصادية الذي يروج له بعض المنتسبين للقطاع الخاص من أجل حماية مصالحهم الاقتصادية دون اكتراث بمصالح الوطن الاجتماعية والفكرية والأمنية والاقتصادية، ويتوقف أيضا على مقدرتنا في التعامل مع الحقيقة التي تقول إن تفضيل القطاع الخاص لعنصر العمل الأجنبي لا ينبثق فقط من نظرة اقتصادية بحتة، حيث نجد وفي حالات كثيرة أن عنصر العمل السعودي يستطيع أن يؤدي الدور الإنتاجي بكفاءة وتكلفة مماثلة ولكنه يظل مرفوضاً على أرض الواقع مما يعطي الانطباع بوجود خلل عام يجب على المسؤولين تصحيحه بدلاً من ترك الأمر تحت رحمة قوى السوق المغلوطة في ظل الخصخصة المنتظرة .. فهل تستطيع وزارة العمل تصحيح المفاهيم الخاطئة وتعديل مسار المتغيرات المؤثرة؟ الله اعلم.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved