مؤتمر هرتسليا، الذي افتتح أمس سيجري ميزان المناعة والأمن القومي، الذي ينبغي أن يرسم جدول الأعمال الاستراتيجي لدينا، والقراءة السليمة للخريطة الاستراتيجية الشاملة من شأنها أن تشكل خلفية للبحث بالمقتضيات السياسية العملية، لغرض تحديد سلم الأولويات الوطنية وفي تقارير فرق العمل وفي خطة المؤتمر تظهر، ضمن أمور أخرى، الأمور التالية: التغييرات في الوضع التراكمي لمسيرة التسويات وأفق التطور المحتملة في ضوء ما يجري بالنسبة لخطة فك الارتباط، تغيير القيادة في المعسكر الفلسطيني، المؤشرات في الموضوع السوري عن استئناف المفاوضات وتحسن العلاقات مع مصر. تعاظم الخوف من أن إيران تقترب من القدرة النووية العسكرية ووسائل إطلاقها، ومعه تعاظم الاستعداد الدولي لوقف المؤامرات الإيرانية (يخيل انه في العام 2005 سيحسم الأمر وسنعرف إذا كنا نتحرك نحو إيران النووية، بكل ما ينطوي عليه ذلك من معنى، أم نحو صد هذه الخطوة - بالاتفاق أو بالقوة). التحولات الكبرى في علاقات القوى في الساحة الدولية - ولا سيما ارتفاع زخم القوى الآسيوية - الصين والهند والتي ستؤثر بشكل بعيد المدى على منطقتنا وعلى مجالات مثل اقتصاد النفط. كل هذه تضع أمام إسرائيل تهديدات ومخاطر مركبة، ومع ذلك يبدو انه تفتح أمامها فرص عملية جديرة بالفحص فمثلاً، ستعرض في المؤتمر صيغاً لتبادل الأراضي ثنائية أو متعددة الأطراف، إلى جانب جوانب أردنية - فلسطينية جديدة وهذه تثري لائحة الإمكانيات ولكنها أيضاً تعمق المشاكل القائمة أمام السياسيين الإسرائيليين. أمور ذات مغزى لا تقل عن ذلك هي الفرص المتوفرة لترفيع علاقات إسرائيل الاستراتيجية، فالحديث يدور عن تكثيف علاقات إسرائيل مع الاتحاد الأوروبي، والانضمام المحتمل لكتلة اليورو (والذي سيعزز ارتباطنا بالاقتصاد الأوروبي) ودخولها إلى منظمة oecd (الأمر الذي يرمز إلى انتمائها إلى العالم المتطور والصناعي) وتوجد بالطبع، مصلحة خاصة في فتح الكوة لتعظيم شراكة إسرائيل مع الناتو فتجديد الانتداب للرئيس بوش الذي أثبت نفسه كصديق لإسرائيل، وحقيقة أن الإدارة والكونغرس في الولايات المتحدة متعاطفون لإسرائيل أكثر مما كان في أي وقت مضى، تستدعي بحثاً معمقاً، يجري في توسيع غطاء العلاقات وتنسيق الأعمال بين إسرائيل والقوة العظمى. وفي نفس الوقت فإن إسرائيل ملزمة بأن تجد وان تثبت مصادر قوتها الداخلية وإمكانيات عمل ذلك كامنة في المجال الاقتصادي والاجتماعي ومشروطة بتطوير مناهج جديدة لتحسين وضع شرائح واسعة في السكان. بحوث وتوقعات ستطرح في المؤتمر ستفيد، مثلما في الماضي بأن لإسرائيل مصادر اقتصادية لا تستغل كالقوى البشرية التي لا تشارك بما فيه الكفاية في دائرة العمل واستناداً إلى ذلك ستطرح على النقاش إصلاحات بنيوية في الاقتصاد، في التعليم وفي غيره من الأجهزة ولا ننسى أيضاً الحاجة إلى تحسين قدرة الحكم في صالح العموم، وعلى كل المستويات. ........................................... ** مؤتمر هرتسيليا للأمن القومي: يعتبر من أهم المؤتمرات في إسرائيل حيث يرسم الخطة السنوية للعمل الإسرائيلي سواء على المستوى الاقتصادي أو السياسي الإسرائيلي. ويحاضر فيه كل وزراء إسرائيل ممن هم على قيد الحياة، وكذلك وزراء الدفاع والخارجية والأمن والمخابرات. يسرائيل العاد ألتمان مدير البحوث في معهد السياسة والاستراتيجية الإسرائيلي مدير مركز هرتسليا الإسرائيلي متعدد المجالات محاضر في عدد من الجامعات الإسرائيلية وجامعة واشنطن (يديعوت أحرونوت)
|