* الرياض - فهد الغريري: تقوم وزارة العمل دورياً بتحليف مفتشيها، وهو المصطلح الذي يطلق على أداء هؤلاء المفتشين للقسم أمام الوزير ووكلاء الوزارة، ومن ثم قيام الوزير بتسليمهم بطاقاتهم التي تثبت صفتهم.. هذه المناسبة الدورية التي لم تكن تكاد تذكر في وسائل الإعلام رافقها ليلة أمس زخم إعلامي غير مسبوق، وإن لم يكن يستهدف المناسبة بقدر ما يستهدف راعيها (د.غازي القصيبي وزير العمل)، خاصة مع قرب انتهاء الفترة الزمنية المحددة لحملة الوزارة المستهدفة توظيف العاطلين السعوديين، وما أثارته هذه الحملة باستراتيجيتها المعلنة من أسئلة في الشارع السعودي على جميع الأصعدة، يضاف إلى ذلك ما أطلقه القصيبي مؤخرا من تصريحات (يسهر الناس جراها ويختصم). **** ليلة البارحة أكد القصيبي أن عدد المتقدمين لطلب الوظيفة حتى الآن وصل إلى 166 ألف شاب سعودي، واعدا بأن يتم توظيف معظمهم خلال الشهور الست القادمة، كما أعلن أنه سيلجأ لكل طريقة من أجل توظيفهم، وأن من لا يستجيب من القطاع الخاص ستطبق بحقه أنظمة العمل فيما يتعلق بالسعودة. وأضاف: وإذا احتجنا سأدعو إلى مقاطعة شعبية للجهات التي لا تتعاون، واصفا عدم تطبيق السعودة بأنه أمر يندى له الجبين وعار وخزي، مؤكدا أن البطالة سببها تهاون رجال الأعمال والجهات المسؤولة وفي مقدمتها وزارة العمل.وكان القصيبي قد ركز في كلمته للمفتشين بعد تسليمهم بطاقاتهم على أن أهم نقطتين يجب أن يركزوا عليهما في المواقع التي يزورونها: المعاملة الإنسانية لجميع العمال، وتطبيق السعودة، قائلا: أعهد إليكم ما عُهد إليّ أن تظهر المملكة بالصورة الجديرة بها، مشيرا إلى ما يكتب في صحف بلدان العمالة من صور مشوهة عن المملكة، ومشددا على أنه ليس هناك أي تهاون مع من هو ضد السعودة، فالسعودة - حسب تعبيره - ليس فيها أي حياد، فمن يحب وطنه يوظف أبناءه.. نترككم مع التفاصيل: العمال أمانة بدأ حفل تحليف المفتشين (الدفعة الثالثة عشرة) في الساعة الثامنة بآي من الذكر الحكيم وبحضور د. غازي بن عبدالرحمن القصيبي - وزير العمل - ووكيل الوزارة للشؤون العمالية الأستاذ أحمد بن عبدالرحمن بن منصور الزامل ووكيل الوزارة للتخطيط والتطوير د.عبدالواحد بن خالد الحميد ووكيل الوزارة المساعد الأستاذ أحمد المديهيم وعدد من مديري الإدارات ومنسوبي الوزارة، بالإضافة إلى 38 مفتشا حضروا إلى الصالة قبل بدء الحفل بساعة وتفرقوا فيها يحملون بين أيديهم الاستمارات وورقة كُتب عليها نص القسم الذي سيؤدونه بخط كبير. بعد ذلك تحدث الأستاذ أحمد الزامل، الذي أشار إلى عدد من الإنجازات التي حققتها الوزارة خلال هذا العام ومن بينها زيادة عدد الزيارات التفتيشية بنسبة 14% ووصل عددها 43139 زيارة قام بها 137 مفتشا كان من بينها مفتشون في مجال الصحة والسلامة المهنية وهو مجال جديد أحدثته الوزارة، وذكر الزامل أن الغرامات التي حصلها المفتشون بلغت ما يربو على المليوني ريال، مؤكدا أن تراجع عدد قضايا الأجور الجماعية المتأخرة واصل الاستمرار ليصل إلى نسبة 50% وان عدد القضايا بلغ 358 منها 105 تم سحبها و59 تم ردها، مؤكدا أن الأمل في المفتشين لتحقيق أهداف الوزارة الطموحة، محيلا إلى تصريح سابق لوزير العمل ذكر فيه أن التفتيش هو عين الوزارة. بعد ذلك أدى الثمانية والثلاثون مفتشاً القسم أمام معالي الوزير وتسلموا منه بطاقاتهم، ليتحدث بعدها القصيبي بكلمة توجيهية قال في بدايتها: لا أظنني سأبدأ بالتهنئة، فلو كنت مكانكم لما وددت أن أُهنأ، مؤكدا ان المسؤولية ثقيلة جدا وان المفتشين لا يهنأون ولكن يُدعى لهم بالتوفيق والعمل الصالح. وقال: كل تقرير تكتبونه انطلاقة نحو عمل تقوم به الوزارة، بوسعكم ان تضروا وأن تنفعوا، ولكني واثق أنكم لن تضروا إلا من يستحق ولن تنفعوا إلا من يستحق. وشدد القصيبي على أن أهم ما يجب أن يركز عليه المفتشون في عملهم نقطتان وهما: أولا المعاملة الانسانية لجميع العمال، وثانيا السعودة. وبخصوص النقطة الاولى قال: سمعة وطنكم بين أيديكم، ونحن نستقبل ملايين العمال الذين استقدمناهم نحن، ولم يأتونا مغتصبين بل هم ضيوف، ووجه للمفتشين كلمة ذكر أنه يقولها دائما لأبنائه، حيث قال: لو أن القدر شاء لكنتم أنتم من يخدم بعيدا عن منازلكم مسافات بعيدة وتتعرضون لشتى أنواع المعاناة، وطالب القصيبي المفتشين بأن يعتبروا كل عامل مسؤولية وأمانة بصرف النظر عن دينه وعرقه، وأن يكون هاجسهم الأول هو كيف تُعامل هذه المؤسسة عامليها، مؤكدا ان ذلك شيء تعلمناه من ديننا ومن سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأضاف: عندما يتعلق الأمر بمعاملة إنسانية فلا يوجد أي مجال للتسامح والتساهل، وأي شخص لا يعاملهم بإنسانية فهذا شخص لا يستحق أن يحظى بشرف الاستقدام، موضحا أنه يعهد للمفتشين بما عُهد إليه بأن تظهر المملكة بالصورة الجديرة بها.. مضيفا: (ربما تعرفون ما يكتب عنا في صحف الفلبين وبنجلاديش وغيرها من قصص تظهرنا كأننا بلد متوحش).. وشدد على أنه لن يسمح بأن يأتي مواطن يشوه سمعة البلد عن طريق الإساءة لعماله، مذكرا بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يأمر بعتق الرقيق إذا اعتدى عليه مالكه بالضرب أو الشتم، وأنه كان يقول أنه هو خصيم من يمنع عن العامل حقه يوم القيامة، مؤكدا: هذا أهم من أي اعتبار آخر على الاطلاق.وبخصوص السعودة قال: ظن البعض أن الدولة غير جادة، ولكن لن يكون هناك أي تهاون مع شخص ضد السعودة، مشددا على أنه ليس هناك حياد في السعودة، وأن من يحب وطنه يجب أن يوظف أبناءه.. وأوضح القصيبي أن البطالة ليس لها علاقة بالمال وانها تتعلق بالذات واصفا إياها بأنها (مدمرة) لأن العاطل يشعر بأنه محبط من المجتمع وأن الشخص الذي لديه وظيفة يشعر شعورا نفسيا لا يعدله شيء حتى لو كان الراتب لا يكفي.. وطالب القصيبي المفتشين بأن يتجاهلوا ما يقال لهم عن أن معالجة البطالة ظلت وستظل سنوات دون علاج، واصفا من يردد هذا الكلام بأنه يريد تثبيط العزائم، مشيرا إلى أن عدد المتقدمين لطلب العمل وصل حتى ليلة البارحة إلى 166 ألف شاب سعودي، متوقعا أن يصل إلى 200 ألف خلال الأيام الأربعة القادمة نهاية الفترة الزمنية المحددة للحملة، مؤكدا أن هذا العدد لن يعجز القطاع الخاص عن استيعابه. واضاف: سأخاطب المؤسسات ومن لا يستجيب ستطبق بحقه الأنظمة، وإذا احتجنا سأدعو إلى مقاطعة شعبية للجهات التي لا تسعود موظفيها، فهذا أمر يندى له الجبين وعار وخزي.. وهذه البطالة سببها التهاون من قبل رجال الأعمال والجهات المسؤولة وفي مقدمتها وزارة العمل.وقال القصيبي في ختام كلمته: أعلق عليكم الكثير من الأمل، والعبرة ليست بالكم ولكن بالكيف، معلنا أنهم يدرسون تنظيم حملات قطاعية تبدأ بالتركيز على المؤسسات الكبيرة في القطاع وتتخذ بحقها القرارات الحازمة، مؤكدا أن مفتشا واحدا يتخذ قرارا حازما يكفي عن الكثير، مؤكدا أنه يعرف كل احتياجات وطلبات المفتشين من سيارات وأجهزة حاسب آلي محمولة، وأنها ستعطى لهم. المؤتمر الصحفي وبعد نهاية الحفل عقد القصيبي مؤتمرا صحفيا مصغرا أجاب فيه على تساؤلات الصحفيين، حيث كان السؤال الأول حول ما تردد أن هناك جمعيات تسعى لاستغلال عوائل المتضررين من زلزال (تسونامي) من خلال احتوائهم في أسواق العمل، وأكد القصيبي أن ذلك حدث في البلدان التي تضررت وليس في دول الخليج بما فيها المملكة، وعما تناقلته بعض الأوساط حول كون خطوات الوزارة المتسارعة في مجال حقوق العمال الانسانية ما هي إلا خضوع لضغوط أجنبية رفض القصيبي هذا المبدأ، مبررا بأن ذلك يعني ان الوزارة في الماضي لم تكن تعمل شيئا، مذكرا بأن وزارة العمل منذ اربعين سنة، وان العقوبات واللجان العمالية موجودة قبل نشوء معظم هذه الجمعيات الدولية.. وقال: كلنا نعرف ان هناك أشخاصا يسيئون معاملة خدمهم، وهذه ظواهر سلبية وسوف نقضي عليها بصرف النظر عن هذه التقارير الأجنبية.وفي سؤال حول عدم تنفيذ اللجان العمالية لقراراتها رفض القصيبي هذا الحكم قائلا: هذا غير صحيح، نعم هناك مماطلة وهذا يحدث في أي حكم وفي أي مكان بالعالم، ونحن الآن بدأنا باتخاذ اجراءات ان أي مؤسسة تماطل يمنع عنها الاستقدام حتى تنتهي القضية وتسدد ما عليها، بالاضافة إلى انه سوف يطلب انهاء مماطلة نقل الكفالة واذا طالت القضية سوف يسمح بنقل الكفالة رغما عن المؤسسة التي لا تود نقلها، فهناك مجموعة من الاجراءات للقضاء على هذه المماطلة وعدد كبير منها تنفذ، وقد أوعزت للزملاء بأن ينشروا أحكام اللجان وبدؤوا من هذا الأسبوع. الرشاوي وحول كون التحليف هو توثيق لعمل المفتشين مع كثرة ما يتردد من وجود رشاوي في مجال التفتيش، قال القصيبي: ان الرشاوي جزء من الفساد، والفساد جزء من الطبيعة البشرية، ولا أعتقد اننا نستطيع القضاء على الفساد عن طريق التحليف.. مؤكدا ان الهدف من التحليف اشعار المفتش بعظم المسؤولية الملقاة على عاتقة خصوصا بوجود أسرار تقنية ومهنية يجب ان يحتفظ بها المفتش سراً.. وأضاف: الرشوة مرض ليتنا نستطيع القضاء عليه بمجرد أن يقسم الإنسان.وعن وجود حالات رشوة جديدة قد تعلن عنها الوزارة قال القصيبي: كل إنسان بريء حتى تثبت إدانته ولذلك إذا وجدت إدانة قضائية لن أتردد كما فعلت في الماضي عن أن أعلنها للصحافة.وحول بداية تطبيق نقل الكفالة في شهر محرم أكد القصيبي أنه طلب تقارير حول هذا الموضوع الهدف منها تصفية الكفالة المعلقة في السوق وبناء عليه سيقرر خلال الأسبوع القادم هل يبدأ بتطبيق القرار إذا وجد أنه لا توجد حاجة شديدة للعمل بالكفالة، أما إذا وجد طلبات كثيرة فإنه من الأفضل نقل الكفالة بدلا من إحضار عمالة جديدة. التعويض المادي للعاطلين وفي سؤال ل (الجزيرة) حول إمكانية صرف تعويض مادي للعاطلين عن العمل حتى تتوفر لهم الوظيفة جريا على ما هو معمول به في بعض الدول الأوروبية رفض القصيبي هذه الفكرة مبررا بأنه لا يريد لوزارة العمل أن تتحول إلى (تكية) مشيراً إلى أن ما يحدث في أوروبا مختلف بحكم فرض ضرائب عالية على المواطنين هناك بينما هنا أكثر من 75% من ميزانية الدولة تذهب رواتب للموظفين، وأضاف: لن نأتي بمعونات إضافية تستنزف الميزانية فلا يبقى شيء للمشروعات التي هي أساس النمو الاقتصادي، مؤكدا أن الطريقة التي تتبعها الوزارة الآن هي أن كل شاب سعودي جاد في البحث عن عمل ستساعده الوزارة والدولة ستساعده في التدريب وتدفع نصف التكاليف لمدة سنتين وأن هذا أفضل بكثير من موضوع المعونات والهبات قائلا: الدول الأوروبية التي تورطت في هذا تود اليوم قبل الغد لو تخلصت منها.وحول وعده لرجال الأعمال في غرفة تجارة الرياض بأنهم سيلمسون تحسناً في سوق العمل قال القصيبي في جواب على سؤال آخر: أعتقد أن سوق العمل بدأ يتغير جذريا والمتاجرون بالتأشيرات يشعرون الآن أن عهد المتاجرة بها إن لم يكن انتهى فهو على وشك الانتهاء، مؤكدا أن العمالة السائبة قلّت بكثير عما كانت عليه وأنه سوف يكون في آخر السنة مائتين ألف تأشيرة عمل أقل من السنة الماضية، مشيرا إلى أنه قرأ في صحف أجنبية أن بعض المكاتب المتخصصة في الاستقدام لدى البلدان التي نستقدم منها أغلقت نشاطها بعد أن بدأت وزارة العمل في التضييق على المتاجرة.وفي استيضاح حول ما قاله في كلمته أثناء الحفل عن احتمالية اللجوء إلى دعوة الناس لعمل مقاطعة شعبية لمن يثبت أنه ضد السعودة طالب القصيبي بعدم تضخيم هذه المقولة وإعطائها أكبر من حجمها، وأضاف: إذا ضاقت بنا السبل فقد أطالب المواطنين بتشجيع المؤسسات التي تطبق السعودة. (هوامير) التأشيرات وفي سؤال ل (الجزيرة) حول وجود من يسرحون في سوق العمل السعودي مئات العمال بامتلاكهم لمئات التأشيرات متحصنين بمناصبهم أو أسمائهم وتصرف الوزارة حيال ذلك قال القصيبي: منذ أن أُنشئت وزارة العمل لم تصدر تأشيرة عمل واحدة إلا عن طريق الوزارة، وهذه كررتها كثيرا، قصة ما يسمى ب (الهوامير) لم أرها وإن كنت سمعت عنها، وهذا ربما حصل في عهد سحيق في الماضي، ويفترض أن إدارة الجوازات أي عامل لا يعمل في المجال المخصص له عند كفيله يتم تسفيره ونحن يوميا نكتشف حالات من هذا النوع ونكتب لوزارة الداخلية التي تقوم بترحيلهم، مؤكدا أن هذه (تركة) وأن التأشيرات لا تصدر إلا لصاحب عمل وبعد التأكد من حاجته الحقيقة وان هذا ما مكن الوزارة من تخفيض التأشيرات من قرابة مليون إلى ما يقل 800 ألف هذه السنة، وذكر القصيبي أن هناك من يأتي يريد أربعين عاملاً وانهم يناقشونه وفي أكثر الحالات لا يعطونه إلا أربع أو خمس تأشيرات وأضاف: حتى لو استمرت هذه الظاهرة فسوف تنتهي لأن منابعها جففت.
|