Saturday 15th January,200511797العددالسبت 4 ,ذو الحجة 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "دوليات"

مقوضات العملية السياسية في العراق ومقوماتها!! مقوضات العملية السياسية في العراق ومقوماتها!!
د.حميد عبد الله ( * )

تناضل الشعوب وتكد وتكدح من أجل أن تخطو خطوة إلى الأمام، ثم تطمح لتجعل الخطوة متراً، والمتر ميلاً، والميل شوطاً، والشوط قفزة، والقفزة نقلة، أما إذا ظل الوضع كما هو عليه فذلك تخلف في حساب الزمن خاصة إذا أدركنا أن مركب الحياة يجري وكل ما هو متوقف إنما هو متراجع ومتقهقر ومتخلف!!
ما يؤسف له أن حاضر العراق أصبح أسوأ من ماضيه القريب على جميع الصعد والمستويات شاء المتفائلون أم أبوا، ولا يغير من هذه الحقيقة مكابرة المكابرين الذين إذا قلت لهم إن الأمن مفقود قالوا لك سيعود، وإذا ذكّرتهم بأن الفساد يستشري ويستفحل ويزداد أجابوك بأنها مخلفات السنين العجاف، وإذا كشفت لهم بالحقائق والأرقام بأن الخدمات تتدهور في جميع المجالات قرعوك بالقول إن للحرية ثمنها، فهل تريدون حرية وتقدم وديمقراطية وفيدرالية وأحزاب وجرائد وسب وشتم ومع كل هذا تريدون ماء صافياً، وكهرباء مستقرة، وشوارع نظيفة، وبيوتاً آمنة، وأداء متصاعداً في المعامل، ودراسة منضبطة في المدارس والجامعات، ومستشفيات يتوفر فيها البنج وجهاز الضغط وأقراص البراستول، وهواتف أرضية لا تتعطل، وهواتف نقّالة تعمل مثل ما تعمل مثيلاتها في الصومال ومدغشقر وغينيا بيساو؟!!... إنكم متبطرون ومترفون حقا!!
ليس مهما، في نظر بعض العراقيين من المتأمركين، أن يجتثّ الفساد وتقطع أيدي اللصوص، ويحاكم المرتشون الذين استقدموا شركات محترفة في النصب والاحتيال على عباد الله، ويجاهر أصحابها ليل نهار بأنهم ملأوا أفواه بعض المسئولين في وزارات الدولة مقابل إطلاق أيدي تلك الشركات في ابتزاز العراقيين، ولا يهم هؤلاء المكابرون أن تبقى العصابات أكثر من رجال الشرطة، ومحترفو الخطف والسلب أكثر من جنود الحرس الوطني، فكل شيء يمكن أن يتغير ويتحسن ما دمنا قد تخلصنا من ماض أسود، وأيام غبر، ومرحلة كالحة!!
لا نريد أن نتحدث عن الماضي البعيد والقريب فما يهمّنا هو اليوم وليس الأمس وكل ما كنا نحلم به هو أن يكون يومنا أفضل من أمسنا، وغدنا أكثر إشراقاً من يومنا، لكن ما لمسناه لمس اليد أن ماضينا القريب، رغم سوئه وسوداويته، أكثر إشراقاً من حاضرنا ولكم أن تتخيّلوا الصورة التي لا حاجة إلى تجسيدها بوسائل الإيضاح فهي بانوراما لكل من يريد أن يشاهد بعينين سليمتين ورؤية صافية!!
ما من حكومة فيها كل هذه العورات والسوءات والمساوئ إلا وتكون فاشلة ومنهارة في جميع المقاييس السياسية، وما من بلد يغيب فيه القانون، وتغيب فيه الشرائع، ويأكل فيه القوي الضعيف، ويفترس فيه الذئب الحمل ويزدرده أمام مرأى ومسمع القاضي والشرطي من غير أن يقول أحد للذئب كفى، ما من بلد بهذه المواصفات وهذه العلامات الفارقة يمكن أن يخطو إلى الأمام حتى لو جلبت له أمريكا وصفة سحرية تقول للأشياء كن فتكون !!
إن مقوضات الوضع السياسي في العراق أكثر ألف مرة من مقوماته، فالشارع مليء بالشواهد التي تدلّل على الانهيار والانفلات والفوضى والتردّي لكن ليس فيه شاهد واحد يوحي بالتماسك والتطور والنهوض، بل إن جل ما يطمح إليه العراقيون اليوم من حكومتهم ومن قوات الاحتلال التي تؤازرها وتساندها وتحميها أن توقف حالة التداعي أولاً وبعد ذلك يمكن أن نفكّر بصفحة التطور والتطوير إما أن يظل التداعي مستمرا فمعنى ذلك أن العراق يسير بقدميه إلى الهاوية أو يدفع إليها دفعاً!!
التاريخ لا يعود إلى الوراء ولن يبقى يراوح في مكانه لكنه يتقدم ويمضي ويلفظ المتلكئون والمتعثّرون الذين يريدون أن يسحبوا الحياة إلى الخلف وليس أمام العراق من سبيل سوى أن يستقل قطار التاريخ ويسحق من يعيق توجهه نحو الوجهة الصحيحة الواضحة التي لا خلاف عليها ولا اختلاف!!

( * ) كاتب وصحفي عراقي.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved