أيها القادمون لحكم العراق:
اعدلوا فاطمئنوا فناموا!
د. حميد عبد الله(*)

رهان الحكومة العراقية القادمة هو الأمن، ونجاح الحكومة العراقية القادمة هو الأمن، ومستقبل الحكومة العراقية القادمة هو بتحقيق الأمن، وتحقيق الأمن لا تنجزه أجهزة الشرطة، ولا توفره سيارات النجدة أو قوات الطوارئ أو لواء الذئب أو فرقة الفرسان أو شرطة مكافحة الجريمة أو أجهزة المخابرات، فكل تلك التشكيلات والجهات هي عوامل مساعدة، أما العامل الأساس والجوهري في تحقيق الأمن فهو إشاعة روح التسامح والمحبة والتكاتف والنخوة والشهامة واجتثاث الأدران من جسد المجتمع العراقي وزرع الخلايا النوعية والخيرة فيه!!
عدل الرجل العظيم عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه فنام قرير العين ولم يك خائفاً لان العدل حارسه وحب الناس سيفه ودرعه وحمايته، نام في ظل شجرة ظليلة مطمئنا، لأنه كان واثقا أن أحداً لا يريد الانتقام منه فهو لم يظلم أحداً، ولم يقتل أحداً بغير حق، ولم ير باطلاً فسكت عليه، ولا حقاً مهدوراً فتغاضى عنه!!
كم نحن بحاجة إلى حكومة تستلهم من ابن الخطاب عدله وقوته وحزمه فتشيع العدل، وتنأى بنفسها عن الظلم والتعسف والإقصاء والاجتثاث، وتجعل من العراقيين جميعهم بمثابة أفراد عائلة كبيرة ترعاهم الحكومة رعاية الأم الرؤوم لأبنائها من غير فرقة ولا تفريق، ومن دون فوارق ولا تمييز، وبلا أرجحية لزيد على عمرو ولا ميزة لفلان على علان وان لا يؤخذ الأخ بجريرة ابن عمه وأخيه ورحم الله شاعر العراق الكبير محمد مهدي الجواهري وهو القائل:
تالله ما اقتيد زيد باسم زائدة
ولا ابتلي عامر والمبتغى عمر
ليس من حق أية حكومة أن تتباهى بإنجازاتها قبل أن تحقق الأمن، فكل انجاز بلا امن ضائع، وكل انتصار بل أمان لا معنى له ولا مكان في نفوس العراقيين!!
أيها القادمون إلى سدة الحكم في بغداد عاهدوا شعبكم إنكم ستحققون له الأمن وسيناصركم من أنى جئتم ومهما كانت أسماؤكم وانتماءاتكم وخلفياتكم وأهدافكم لان أي حديث لا يسمع مع أزيز الرصاص ودوي الانفجارات ودوامة القتل ومسلسل الاغتيالات والرغبة الجامحة في الاستئصال والاجتثاث!!
اجتثوا من المجتمع روح الجريمة والانفلات والثأر والقتل المجاني ستجدون العراقيين مصطفين وراءكم وعند ذاك تكونون قد عدلتم وأمنتم ونمتم!