Wednesday 6th April,200511878العددالاربعاء 27 ,صفر 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "متابعة "

(السعوديون والإرهاب)...لقد أسأتم لي(السعوديون والإرهاب)...لقد أسأتم لي
د. عبد الله بن موسى الطاير

منذ زمن طويل ونحن نعاني مما يسك من مصطلحات ذات مدلولات مشينة تهدف إلى التعمية والتشكيك والاستعداء وما إلى ذلك من وساوس شياطين الإنس.
لقد سوق باسم هذا الوطن (الوهابية)، و(الأصولية)، و(معاداة السامية)، و(انتهاك حقوق الإنسان)، و(الدكتاتورية)، و(الرجعية) وحديثاً (الإرهاب).
ونحن لسنا بدعاً في ذلك، فإنه يسوق عن أمريكا العنصرية والمعايير المزدوجة، والسياسة الخارجية المختطفة، واليمين الجديد، والشيطان الأكبر، وما إلى ذلك من مدلولات سلبية.
ونحن في المملكة لم نعترف في يوم من الأيام بتهمة يروجها أعداء هذا الوطن، وكنا نتبع أسلوب التجاهل تجاه الكثير من تلك التهم التي لا تستحق الرد، وإن كنا بين الفينة والأخرى قد نهجنا نهجاً علمياً في تصحيح تلك المفاهيم لمن يجهلون حقيقتنا.
ولكن وعلى حد علمي لم نخرج في يوم من الأيام بعنوان نشاط عالمي من قبيل (السعوديون والوهابية) أو (السعوديون وانتهاك حقوق الإنسان) أو(السعوديون والدكتاتورية) مدعين أن الهدف من تلك العناوين هو إحداث صدمة ليتعرف الناس على حقيتنا.
ومع أن الصدمة أسلوب من أساليب التأثير في الدفع نحو التلقي فإن إحداث الصدمة يمكن أن يحصل من خلال بدائل كثيرة بعيدة عن ترويج ما يعتقده صناع تلك (الملصقات).
وأمريكا بلد الحرية والصدمات بأنواعها لم تقدم لنا في مساعيها لتصحيح سمعتها مشروعاً تحت مسمى (أمريكا والمعايير المزدوجة) ولا (أمريكا والمحافظين الجدد)، ولا (أمريكا وأبو غريب)، ولكنها بدلا من ذلك قدمت لنا (الحرة)، فما أجمله من عنوان فيه الكثير من الصدمات.
إنني أتفهم الأسباب الفنية والدوافع الوطنية والتجارية للقائمين على كتاب (السعوديون والإرهاب)، ضمن ما يسمى بمشروع الكتاب العالمي، غير أن الاجتهاد هنا لا يقبل الخطأ، فنلتمس لهم عذرا أو نصرف لهم (أجرا) عليه، فالدوافع المشروعة والنوايا الطيبة لا يجب أن تكون غاية تبرر الوسيلة إذا كانت تلك الوسيلة تلحق ضررا على المدى البعيد بسمعة هذا الوطن.
وقد حاولت أن أوظف إمكانات البحث المتاحة لأجد ما يربط الدول والأمم بما تضام به في سياق حملاتها لتصحيح صورتها الذهنية فلم أجد شيئاً.
لقد أقحم هذا الوطن عنوة في محيط الإرهاب، في وقت لا نستطيع أن نقول إن نظامه السياسي أو الاجتماعي وعقيدته الدينية كانت مشجعة في يوم من الأيام لأي نمط من أنماط الإرهاب، وإنما هو دوماً ضحية يستهدفه الإرهاب، وهي الحقيقة التي لا يجب أن يعمينا الإعلام العالمي عنها.
فنحن لسنا بصدد أن نقدم لتلك القنوات ولبعض كتابها ما يحبون أن يسمعوا عن هذا الوطن، فيكفي أن المستشار الإعلامي الأستاذ عادل الجبير يستطيع أن يتعامل مع الإعلام الغربي عموماً والأمريكي خصوصاً بما يراه مناسباً، فيشنف آذانهم بما يحبون سماعه، ولكن وفق منظور استراتيجي غاية في التأثير والحذر، لكننا كمؤسسات مدنية ومراكز دراسات لا يجب أن ننزلق نحو تثبيت التهم علينا من خلال ترويج عبارات مثل (السعوديون والإرهاب).
لقد بحثت في الشبكة العنكبوتية عن (Saudis and Terror) فوجدت 32 نتيحة كلها في سياقات سلبية تقريباً. ثم بحثت عن (السعوديون والإرهاب) فوجدت 14 نتيجة كلها عن الكتاب الجديد الذي نتحدث عنه.
فما هي المصلحة من ترويج هذا المصطلح ومن المستفيد؟ دعونا نتحدث بواقعية: إذا أخذنا العرب الموجه لهم هذا الكتاب، كم من العوام يعتقدون في العلاقة بين السعوديين والإرهاب؟ وكم من المتعلمين يعتقدون بتلك العلاقة؟ وكم من النخب الفكرية والثقافية تعتقد بها؟ بالتأكيد ليست لدي إحصائية ولكن يفترض أن تكون موجودة لدى القائمين على هذا العمل، فهل كل من سيقرأ عنوان الكتاب سوف يتمكن من قراءة المضمون ليصحح فكرته عنا؟ وكم عدد الذين سيقرؤون العنوان؟ وهل لدينا وسائل عملية بحيث أن كل من قرأ العنوان نقوله له: انتبه فإن الأمر هو عكس ما ظهر لك في العنوان؟ وهو المشكل نفسه مع قارئي عنوان الكتاب بلغات أخرى غير العربية.
إننا ببساطة سوف نعمل على ترويج هذه التهمة من دون حدود ودون قيود ولن نستطيع التحكم في أثرها السلبي لأنه لن يكون بأيدينا معرفة بكل من اطلع على هذا العنوان.
وسيكون للعنوان التأثير نفسه الذي تحدثه عناوين منشورة ضدنا من أمثال: (مملكة الكراهية) و(النوم مع الشيطان).
بينما لو كان العنوان إيجابيا مثل (السعوديون ومكافحة الإرهاب) (مملكة الإنسانية)، (السعوديون والإغاثة)، (السعوديون والسلام)، فإننا على الأقل سوف نضمن تسويق عبارة إيجابية جميلة في حق هذا الوطن ومواطنيه سواء تمكن المتصفح من قراءة المضمون أو لم يتمكن.
ثم هل نعتقد أن الناس من الغباء بحيث يقرؤون كتاباً لأن عنوانه يخالف مضمونه، مجرد أن يكتشف القارئ ذلك سيرمي به جانباً ولن يستطيع بريماكوف ولا حتى والد اللسانيات وأمها تشومسكي أن يستبقي قارئا شعر أنه قد استغفل بعنوان الكتاب. الأمر أكثر تعقيدا من عناوين تحدث صدمة.
إن افتراض القبول برأي المخالفين لنا وما يعتقدونه عنا هي خطوة في استراتيجية شاملة لتصحيح المفاهيم الخاطئة لكنها لا تعطي الحق في الاعتراف بتهمة يروج لها بعناية ويراد لنا وللعالم أن نصدقها فنعمل على إعادة إنتاجها بأموالنا وننشرها بإعلامنا ونسوق لها بجهودنا.
وأيا كانت الصدمة التي سيحدثها مثل هذا العنوان فإنها لن تجعل المتلقي يقبل على قراءة مضمونه الذي لا أشك أنه مضمون جيد.
إننا يجب أن نتوقف لحظة قبل أن نبني الكثير من الآمال على تلك المضامين إذا كنا قد وضعناها تحت العنوان الخطأ.
إن عبارة (السعوديون والإرهاب) سوف يتم نشرها بعدة لغات مما يجعل أي متصفح للشبكة العنكبوتية عندما يبحث عن (السعودية، السعودي، السعوديون، الإرهاب) يجد هذا العنوان أمامه بلغات الدنيا الحية مما يرسخ الفكرة السائدة عن علاقة السعودية والسعوديين بالارهاب في وقت يستحيل معه أن تتاح الفرصة لمن اطلعوا على هذا العنوان لقراءة مضمون (السعوديون والإرهاب).
وباعتباري أحد (السعوديين) الذين تصدروا عنوان الكتاب فإنني أرفض أن يسوق الإرهاب رديفاً لاسمي.
وأقول للقائمين على هذا المشروع لقد أسأتم بهذا العنوان لي ولكل سعودي، وللوطن السعودي، فلا تفسدوا مضمون كتابكم بهذا العنوان (التجاري) الذي سيزيد من معاناة العاملين في ميدان تصحيح صورة المملكة عالمياً.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved