Saturday 9th April,200511881العددالسبت 30 ,صفر 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "عزيزتـي الجزيرة"

الفرق بين الزواج من الأقارب والبعيدينالفرق بين الزواج من الأقارب والبعيدين

ذكرت (الجزيرة) في عددها رقم 11851 أن دراسة أشارت إلى أن 50% من حالات الإصابة بالأمراض السرطانية تعود إلى زواج الأقارب، الذي لا أحبذه ومعي الكثيرون. وبغض النظر عن حقيقة هذه الدراسة، فزواج الأقارب وإن كان يزيد من الترابط بين العائلتين إن كتب لهذا الزواج التوفيق والنجاح، إلا أنه سبب رئيسي للعداوة بين الأقارب إن حدث العكس.
ومن النصائح القيمة التي قدمها لي أحدهم قبل سنوات، أنه قال لي: إياك أن تتزوج من قريبة بينك وبين عائلتها صلات قوية ووثيقة، لأنك إن فعلت ذلك فإنك لن تجني الكثير، بل قد تخسر الكثير في حال لم يكتب لهذا الزواج النجاح، فالعلاقة الرائعة مع عائلتها قبل الزواج ستتأثر بعد فشل الزواج، مهما كانت طيبة والديها، ولكن إن كانت علاقتك بعائلة من تزوجت ليست بتلك القوة والمتانة فإن نجاح الزواج سيزيد من تقارب العائلتين.
وبعيداً عما يردده البعض إلا أنني قرأت أن الابتعاد عن زواج الأقارب له أثر في نجابة وذكاء المواليد، حيث يؤدي زواج الأقارب إلى ضعف النسل في الغالب، وذلك بسبب تراكم الصفات الوراثية غير الجيدة مع تعاقب الأجيال، وبالتالي انتقالها من الزوجين القريبين إلى أولادهما، وربما كان هذا هو السبب الذي دفع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - إلى أن يقول من باب النصح: (اغتربوا لا تَضْوُوا)؛ أي تزوجوا من غير الأقارب؛ حتى لا تضعفوا ويضعف نسلكم.
وحتى لا يفهم أنني ضد زواج الأقارب أو أحذر منه، فهو كغيره من الزيجات، صحيح متى ما توافرت فيه الشروط الشرعية المناسبة، ولكنني أشير فقط إلى خطورة إغلاق الباب دون الزواج من غير الأقارب كما يفعل البعض، دون أن يدركوا أنهم قد يتسببون في مآس لمن يحبون، خاصة أن الطب الحديث أشار إلى أن هناك الكثير من الأمراض الوراثية غير السرطان، التي تنتقل إلى المواليد عبر الوالدين الذين تجمعهما القرابة، وإن لم يظهر عليهما أدنى أعراض، كالتشوهات الخلقية والتخلف العقلي.
ولذا فيا حبذا إن كان ولا بد من الزواج بين الأقارب، الحرص على الفحص الطبي، والسير وفق ما ينصح به الأطباء، دون أن يكون هناك مجال للمجاملات. وأظن أن هذا الأمر من باب تخيّر النطف، الذي حثنا عليه نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - لأن هذا الفحص الذي يستهين به البعض، يمكن من خلاله المحافظة على بعض الصفات الوراثية الجيدة التي تتميز بها بعض العوائل، ويمكن كذلك من خلاله - بعد مشيئة الله - تجنب بعض الأمراض والصفات الوراثية غير المرغوب فيها، وهذا - فيما أعتقد - من العمل بالأسباب، كما أنه يدور في فلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: (اعقلها وتوكل).
وقبل أن أختم هذا المقال أؤكد أن الزواج من غير الأقارب، تبقى له خاصية ومزية حتى وإن غضب البعض، بل هو من الحكمة الاجتماعية، التي من خلالها يتم توسيع دائرة الأواصر الإنسانية، وهو طريق لإنشاء علاقات جديدة، كما أن فيه اتساعاً لدائرة الترابط بين شرائح المجتمع، بعكس زواج الأقارب الذي في الغالب لا تقام من خلاله علاقات جديدة، بل قد تنهدم من خلاله علاقات قديمة.
وحتى لا أشطح بعيداً، فإنه يبقى المهم هو البحث عن الرجل المناسب للفتاة، سواء أكان من أقاربها أم من غيرهم؛ فالدين والأخلاق وسلامة العقل والبدن هي الأساس، ثم الخيار يبقى للفتاة لكي تختار شريك حياتها، فذلك من حقها شرعاً وعرفاً، ولابد لوالديها أن يحترما رغبتها، حتى وإن كان سيترتب على اختيارها غضب أقاربها، فالحق أحق أن يتبع، والفتاة كالرجل لها رغبات وأمنيات وطموحات في زوج المستقبل، ومن الظلم الكبير أن تجبر على زوج لا تريده حتى وإن كان ابن عمها أو خالها.

علي بن زيد القرون/حوطة بني تميم

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved