Saturday 23rd April,200511895العددالسبت 14 ,ربيع الاول 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "مقـالات"

الفلسفة السياسية المقلوبة!!الفلسفة السياسية المقلوبة!!
د.خالد آل هميل

قال (ماكندر) إن من يستولي على العالم القديم يسيطر على العالم، ونحن نقول: إذا استطاع قلب العالم القديم (البلاد العربية) أن تنهض وتدفع عن نفسها عدوان التسلط فإنها ستنقذ العالم من الاستعمار.
وخلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي أصبحت فلسفة أوروبا هي استعمار البلاد العربية، والأمثلة على ذلك معروفة للجميع (مصر، تونس، الجزائر، المغرب، الخليج العربي، ليبيا، اليمن الجنوبي، والشام).
... وكان هذا التكالب على البلاد العربية من جانب من أعلن نفسه صراحة أنه يسعى لاستعمارها، ومن ذلك (بريطانيا) ومن أعلن أنه يدافع عن المنطقة ضد الاستعمار الإنجليزي، ومن ذلك (ألمانيا) وقامت الثورة العربية بقيادة الشريف حسين حاكم الحجاز آنذاك إلى جانب الحلفاء الممثلين بالقوتين الاستعماريتين فرنسا وبريطانيا ضد الدولة العثمانية ومن كان معها من الدول الأخرى المناصرة لها لأهداف استعمارية تخصها، واشتعلت الحرب العالمية الأولى عام 1916م وقد انتهت هذه الحرب بانتصار دول الحلفاء ممثلة ببريطانيا وفرنسا اللتين اقتسمتا البلاد العربية ووضعتهما تحت نفوذهما الاستعماري.
وبعد عقود استطاعت الدول العربية انتزاع الاستقلال وحيازتها على سيادتها بشكل جديد ممثلاً بما يعرف حالياً الدول العربية المنضوية تحت جامعة الدول العربية، هذه الدول انقسمت إلى معسكرين: دول تسير في فلك الاتحاد السوفيتي، ودول أخرى تسير في فلك السياسة الأمريكية والدول الغربية، ونتيجة لذلك اشتد الصراع السياسي بين الدول العربية حيث وصل في أحايين إلى الصراع العسكري المسلح؛ لارتباط المعسكرين العربيين بالحرب الباردة التي يشتد أوارها بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي.
لقد كانت الدولتان العظميان (أمريكا والسوفيت) تدعمان الأنظمة الموالية لهما من الدول العربية ولا يهمهما إلا تثبيت مصالحهما في هذه الدول في مواجهة الدولة العظمى الأخرى، وقد استغل بعض الحكام العرب هذه الرعاية وهذه الظروف الدولية في التسلط على شعوبهم واستخدام العنف والقتل والإلغاء لكل من يتصورون أنه يهدد كراسي الحكم في هذه الدول، وغابت الديمقراطية والشفافية والعدالة الاجتماعية عن معظم الشعوب العربية، وأصبحت تساق كقطيع يملكه شخص واحد اسمه الحاكم العربي.
وتعرضت مكونات اجتماعية عربية للقتل والسجون والتعذيب والنفي، ومن هذه المكونات الإسلاميون المعتدل منهم والمتطرف على حد سواء تحت سمع وبصر القوتين العظميين، الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية الأخرى، وبانهيار الاتحاد السوفيتي وفشل أيديولوجيته الشيوعية وتقزمه في الدولة الروسية واستقلال الدول الشرقية عن الاتحاد السوفيتي أصبحت لدى العالم دولة عظمى واحدة هي الولايات المتحدة الأمريكية التي تقود العالم وتهيمن عليه، وفي ظل هذه التطورات الدولية الجديدة وما يعرف بالنظام الدولي الجديد وما صاحبه من ثورة معلوماتية وفي وسائل الاتصال الإعلامية وتحول العالم إلى قرية كونية، تطلعت الشعوب العربية إلى الحرية والعدالة الاجتماعية ولكن بعض الحكام العرب لم يستوعب هذه المرحلة الجديدة، كما أن الولايات المتحدة الأمريكية مع الأسف لم تستوعبها أيضاً. وكان من أثر ذلك خروج متطرفين، سيئين، قاتمين، سوداويين، ودمويين، واستفاقت أمريكا على هول الصاعقة التي أصابتها في حادثة 11 سبتمبر على يد مجموعة متطرفة مجنونة تستحل دم الأبرياء دون رادع ديني أو أخلاقي أو إنساني، وبذلك بدأت الولايات المتحدة الأمريكية بقيادة المحافظين الجدد في القصر الأبيض الأمريكي يستوعبون الدرس بتغيير السياسة الأمريكية تجاه الدول العربية والإسلامية بصورة تدعو للعجب فبدلاً من أن تنشر الديمقراطية والحرية والشفافية التي تعلن عنها صباح مساء عبر كل الوسائل المختلفة، سقطت فيما سقط فيه الاستعمار القديم، وذلك باستعمار دولتين هما العراق وأفغانستان وبدأنا نعود إلى مقولة السيد (ماكندر): إن من يستولي على العالم القديم يسيطر على العالم، ونحن نكرر القول: إذا استطاع قلب العالم القديم (البلاد العربية) أن تنهض وتدفع عن نفسها عدوان التسلط الخارجي والداخلي فإنها ستنقذ العالم من الاستعمار ويسود السلام.
في اعتقادي أن على الولايات المتحدة الأمريكية أن تساعد نفسها بمساعدتها الحكام في الدول العربية والشعوب العربية للالتقاء في منتصف الطريق لتشجيع بعض الحكام العرب بنشر قيم الديمقراطية والتسامح والاهتمام بكل مكونات الأمة ورفض تهميش جزء منها كما كان سائداً في السياسات العربية السابقة، بالعمل الجاد لحل مشكلة الشرق الأوسط الرئيسة بإعطاء الفلسطينيين كامل حقوقهم بإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، وتحرير الأراضي العربية المحتلة من قبل إسرائيل ومنها الجولان السورية ومزارع شبعا اللبنانية، والإقلاع عن سياسة الاستعمار والكيل بمكيالين، وتدعيم النظام الدولي بدعم الأمم المتحدة، واحترام حرية الشعوب وسيادتها على مقرّاتها، والرُقي بالقيم الإنسانية، وحقوق الإنسان، فالولايات المتحدة الأمريكية قادرة على ذلك بتعاون الدول المحبة للسلام وهنا يختفي التطرف من الساحة الدولية أو يتضاءل إلى أقصى حدوده.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved