Wednesday 4th May,200511906العددالاربعاء 25 ,ربيع الاول 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "دوليات"

أضواءأضواء
هل تهب رياح الإنصاف على العراق..؟!!
جاسر عبدالعزيز الجاسر

باتفاق القوى السياسية العراقية على تمكين العرب السنة من إشغال ست وزارات وتكليف نائب رئيس وزراء من هذا المكون الرئيسي للشعب العراقي، تكون أولى بداية (الإنصاف) للعرب السنة الذين يُحمِّلون من قبل بعض السياسيين العراقيين لأهداف لم تعد خافية على أحد، يُحمِّلونهم كل جرائم النظام العراقي السابق رغم علمهم أن ذلك النظام كان محصوراً في شخص صدام حسين فهو الحاكم المطلق وكل ما دونه لا يملك السلطة وأنَّ هذا لا يعني إخلاءه من المسؤولية، ولكن مع هذا لم تكن المناصب مقصورة على العرب السنة، فنواب صدام حسين: الأول طه ياسين رمضان من الأكراد الفيلية وهم من الأكراد الشيعة، ومحيي الدين معروف نائب رئيس الجمهورية الآخر (كردي سني)، ونائب رئيس الوزراء طارق عزيز (مسيحي)، أما رئيس مجلس النواب الدكتور سعدون حمادي فهو شيعي من النجف. وكانت الحكومة التي يرأسها صدام تضم العديد من الوزراء الشيعة والأكراد ومنهم صوتهم الإعلامي محمد سعيد الصحاف (شيعي)، كما أن القيادة القومية والقطرية للحزب الحاكم (حزب البعث)، تضم هي الأخرى عدداً من عرب الشيعة ومنهم مَنْ كان يشغل مواقع متقدمة كأمناء سر للحزب الحاكم في المحافظات، مثل محمد حمزة الزبيدي الذي شغل منصب نائب رئيس الوزراء أكثر من مرة. وقد حملت قائمة المطلوبين التي أصدرتها القوات الأمريكية أكثر من تسعة من كبار مسؤولي نظام صدام من العرب الشيعة، وبالتالي فإن حصر المسؤولية بالعرب السنة، يعتبر عملاً غير دقيق، والإصرار عليه والترويج له يخدم توجهاً معيناً نعتقد أنه حقق أغراضه، ولكنه لا يخدم مستقبل العراق، ولا عراق اليوم، لأن هدفه إقصاء العرب السنة، أو على الأقل تحجيمهم، والعراقيون يعرفون أكثر من غيرهم أن العرب السنة أصابهم ما أصاب غيرهم من جبروت وتسلط النظام السابق، وممارسة عمليات الإقصاء ضد رموز السنة العرب واضطهاد المناطق السنية ومعاملتها بقسوة وبطش كالذي حصل في الرمادي والفلوجة وتكريت وما أطلق عليه في المثلث السني، هو الذي جعل العرب السنة يترحمون على نظام صدام حسين لأنه على الأقل لم يحصر ظلمه عليهم، بل كان الظلم شاملاً وإن زادت نِسَبَهُ باتجاه الأكراد والعرب الشيعة. وأكبر ظلم ارتكبه نظام صدام ضد العرب السنة هو تصفية رموز السنة العرب وقتل زعمائهم سواء أكانوا من القيادات الدينية أوالسياسية، وهناك قائمة طويلة من هؤلاء الرموز الذين اُغتيلوا وقُتلوا وغُيِّبوا، مما فرغ العرب السنة من قياداتهم وإخلاء المسرح أمام صدام حسين.. وهذا أحد أسباب ضعف التمثيل السني الآن.
نخلص إلى كل هذا من أن تحميل العرب السنة جرائم النظام السابق فيه ظلم كبير، والترويج له وتهيئة الأجواء للانتقام من العرب السنة مع تبني قوات الاحتلال لهذا الاعتقاد الذي غذته المعارضة العراقية التي لم يكن للقادة العرب السنة فيها تأثير، جعل قوات الاحتلال توجه ضرباتها وانتقامها للعرب السنة ومناطقهم، وفي الوقت الذي كان الأكراد منظمين ويمتلكون بنية أساسية سياسية ساعدتهم على خوض الانتخابات والحصول على مكاسب جعلت منهم رقماً أساسياً في العملية السياسية، وتمكين العرب الشيعة من بناء قواهم وأحزابهم السياسية وقوائمهم الحزبية التي سيطرت على الانتخابات، كان العرب السنة يحتمون بالبساتين والمزارع ويهجرون مدنهم هرباً من بطش قوات الاحتلال، ومن انتقام الإرهابيين الذين وجدوا مناخاً متسعاً لنشر فكرهم وأعمالهم بعد تفشي الظلم وأخذ الجميع بجريرة النظام السابق.
وهكذا جرت الانتخابات ليتخلف عنها العرب السنة لأسباب عدة منها مقاومة الظلم، وعدم قدرتهم الوصول إلى صناديق الاقتراع، وعدم تكافؤ الفرص للأحزاب والجمعيات السياسية والدينية السنية. ولهذا فإن الانتخابات التي تتشكل منها الجمعية الوطنية لا يمكن أن تكون معبرة لمكونات الشعب العراقي لكل ما أوردناه.
محاولة إعادة جزء من الإنصاف للعرب السنة بتمكينهم من شغل ست وزارات واختيار نائب رئيس الوزراء منهم، هو البداية ويمكن أن تسير عملية رفع الظلم عن العرب السنة إذا توقف تحميل العرب السنة جرائم الماضي، والبدء في فتح صفحة جديدة من التسامح وبالتالي إنهاء كل الإجراءات التي تنطلق من ثقافة الإقصاء والعزل والانتقام التي يعمل لها ويسعى إلى فرضها في العراق نفرٌ من الذين وصل بعضهم إلى مراكز متقدمة في قيادة الأحزاب الفائزة في الانتخابات.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved