الوحدة الفلسطينية والتزامات التهدئة

تبذل السلطة الفلسطينية جهوداً مقدرة لضمان حالة التهدئة إلى الدرجة التي خاضت فيها معركة مع فصيل فلسطيني، لكن هذه الجهود لا تلقى أيّ تقدير من قِبل إسرائيل التي تستمر في مطالبة السلطة بإحكام قبضتها على أيّ تحرك فلسطيني، حتى لو كان بعيداً عن مظاهر التسلح.
وفي إطار التفاهمات، وتنفيذاً لما تمّ في شرم الشيخ قبل عدة أشهر، فإن هناك اتفاقاً فلسطينياً إسرائيلياً على التهدئة، وهو اتفاق يحظى بقبول دوليّ كبير باعتبار أنه قد يمهد للانسحاب من غزة، وربما استئناف المفاوضات؛ بناءً على خريطة الطريق؛ ومن ثم فإن السلطة الفلسطينية التي تتطلع إلى نقلة ملحوظة في تحركات السلام تبدي حرصاً شديداً على تنفيذ ما يتعلق بها من التزامات في إطار سعيها إلى عدم ترك أيّ ثغرة يمكن أن تتذرّع بها إسرائيل من أجل التحلل مما يتعلق بها من التزامات.
وبسبب اشتباك وقع قبل يومين بين قوات الاحتلال ومسلحين قرب الخليل فقد صعّدت إسرائيل من مطالباتها للسلطة بتشديد القبضة على المسلحين إلى الدرجة التي يلحظ معها أن إسرائيل بدت وكأنها تدفع السلطة دفعاً إلى الاشتباك مع الفصائل إزاء أية حالة يشتمّ منها أن هذا الفصيل أو ذاك يسلك طريقة منافية لموجبات التهدئة.
ولا يخلو الأمر هنا من تحريض على فتنة فلسطينية بضغوط إسرائيلية، وهذا أمر طالما سعت إليه إسرائيل، ليس في الظروف الراهنة فقط، ولكنه أمر يقع في صلب السياسات الإسرائيلية التي تستهدف تمزيق الصف الفلسطيني. وسيكون أي اشتباك مثل الذي جرى ليل الاثنين - الثلاثاء في غزة بين مقاتلين من حماس والشرطة الفلسطينية مسألة طيبة بالنسبة لإسرائيل.
ومن المهم أن يكون هناك سقف لمطالب إسرائيل، ومن ثم فإن السلطة الحريصة على وحدة الصف الفلسطيني ستكون مدركة المدى الذي يمكن أن تذهب إليه في إطار حفاظها على حالة التهدئة، وبالدرجة التي لا تضعها في مواجهة مع الفصائل، وهي مواجهة إن بدأت فمن الصعب التوقع بالكيفية التي ستنتهي بها.
إن الموازنة بين مسؤوليات السلطة تجاه الشعب الفلسطيني والتزاماتها مع إسرائيل تستوجب قدراً من الحرص من قبل السلطة بطريقة لا تضيع معها المكاسب المتحققة على صعيد الوحدة الوطنية من أجل التزامات ثبت أن إسرائيل هي دائماً أول مَن ينتهكها.