Friday 13th May,200511915العددالجمعة 5 ,ربيع الثاني 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "مقـالات"

واحدة من أعجب السرقات..واحدة من أعجب السرقات..
منيرة بنت صالح الدريعي(*)

أضحكني حقيقة وفاء ذلك السارق الذي علل سرقته للوحة الموناليزا عند القضاء بأنها تشبه زوجته المتوفاة مما دعاه لسرقتها. كما ألحقت ضحكي بتعجب من استطاع أن يسرق متحفاً للصور النادرة وفي وقت توافد الزوار دون علم حراس الأمن ليغتنم أغلى اللوحات بلمحة بصر دون أن يدري أحد!! فتذكرت المقولة التي تقول (انهم يسرقون الكحل من العين) وذلك لما يمتاز به السارق من خفة في حركة يده من كثرة ما سرق!! وليس هذا ما يمتاز به السارق بل تستطيع أن تقرأ سمات اللصوصية من خريطة وجهه مباشرة كلون العينين الحمراوين وحركتهما السريعتين وخلسة التفاتاته.!!
وأبرز ما تجد منه أنه يركز على كل ما خف حمله وغلا ثمنه، كالماء في انسيابيته ليستقر به المطاف خلف الأبواب الموصدة يسترق السمع مترصداً كالثعلب في مراوغاته ومكره!!
تفقد الأشياء الثمينة في حضرتهم والغريب أننا لا نشعر بفقدها إلا حينما يغادرون!! متى وكيف ولمَ؟ لا ندري وكل الذي ندريه أننا سُرقنا وانتهى كل شيء.. ولا يبقى لنا إلا اسمه كما عرفته المعاجم هو آخذ الشيء بخفية والسرقة هي أخذ ما للغير خفية واستيلاء، ونسميه أيضاً باللص وهو فاعل الشيء في ستر.. والغريب من ذلك كله أننا نسميه بالحرامي وهذه لغة فصيحة وهي تطلق على السارق فاعل الحرام.
وعلى الرغم من تلك التعاريف الكثيرة إلا أنها لا تغير ما تثيره تلك المسميات من رعب وخوف في نفوسنا!! ربما لأننا كنا نخوّف بها حينما كنا صغاراً فعند كل خطأ نرتكبه مباشرة يقولون (جاءك الحرامي)!! فما يكون منا إلا أن نطلق ساقينا للريح هرباً منه وخوفاً على أنفسنا أن يسرقنا مع ضمن ما سرق!!
تساؤلات كثيرة نكبر وتكبر معنا ما الذي دعاه للسرقة؟ أهي الحاجة والعوز؟
ولِمَ هو سارق؟ ألانه مريض نفسي أم تمرد؟ وهل هي مهنة امتهنها لنقص في وازعه الديني؟؟ وهل يجهل حدود الجرائم الشرعية؟ وهل يعي أنه أصبح مصدر عدوان على مجتمعه وقد هانت لديه قيمة الخلق النبيل يعكر صفوه ويقلق من حوله فيبقى هو مثار للشك والشر معاً، كالشظاظ الذي عرف بالسرقات في عهده وقد كان يرويها للعرب ويذكر ما أخذ من لصوصيته. ومن أقواله حينما سُئل عن أعجب سرقاته قال:
كان هناك رجل من البصرة له بنت عم ذات مال كثير وهو وليّها وكانت له نسوة فأبت أن تتزوجه ألا يزوجها من أحد ضراراً بها، فخطبها منه رجل غني فأبى أن يزوجها منه ولما مات الولي تزوجها الرجل الغني الذي كان قد خطبها. قال الشظاظ وقد خرجت ذات يوم قافلة محملة بالأمتعة للرجل الثري أردت أن أسرقها وكان معهم الرجل يقول الشظاظ: فتبعتهم حتى نزلوا فلما ناموا أخذت متاعهم وهربت فلما استيقظ القوم تبعوني فضربوني ضرباً شديداً جردوني من ثيابي وأخذوا كل ما معي من قليل وكثير. فتركوني عرياناً وتماوت حتى تركوني وارتحلوا فقلت كيف أصنع؟
ثم تذكرت قبر الرجل الولي فأتيته - فنزعت لوحاً من قبره وحفرت حفرة لي ودخلت فيها ثم سددتها وبينما أنا كذلك أتى الرجل الغني الذي تزوج بالمرأة صاحب القافلة مع رفقته فمر على القبر الذي أنا فيه فوقف عليه وقال لرفيقه: والله لأنزلن إلى قبر فلان حتى انظر هل يحمي الآن فلانة ويمنعها من أن تتزوج ها أنا قد تزوجتها.
يقول الشظاظ: فعرفته من صوته فقلعت اللوح ثم خرجت عليه باللوح وقلت: بلى ورب الكعبة لأحمينها منك فوقع الرجل مغشياً عليه لا يتحرك ولا يعقل، فوثبت على راحلته وعليها كل أداة وثياب ونقد كان معه ثم هربت بها من قافلته اتجاه الشمس حتى نجوت، فكنت بعد ذلك اسمعه يحدث الناس ويحلف لهم أن الميت الذي كان يمنعه من تزويج المرأة خرج عليه من قبره. والناس يعجبون منه، فعاقلهم يكذبه والأحمق منهم يصدقه وأنا أعرف القصة وأضحك منهم كالمتعجب!!

(*) القصيم / عنيزة

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved