Friday 20th May,200511922العددالجمعة 12 ,ربيع الثاني 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "الثقافية"

الداعية والأديب الرحالة العبودي يجوب بلاد الهند ويؤلف عن أهاليها أربعة عشر كتاباًالداعية والأديب الرحالة العبودي يجوب بلاد الهند ويؤلف عن أهاليها أربعة عشر كتاباً
المسلمون يزيدون على 120 مليونا ً وينتشرون في كل ولاية

* حوار - شيخة القحيز:
الداعية والرحالة الأديب.. صاحب المعالي الأمين العام المساعد لرابطة العالم الإسلامي، فضيلة الشيخ محمد بن ناصر العبودي تمخضنا في هذا اللقاء بقطوف نادرة جديدة بعد أن طوَّف مؤخراً في عدد من ولايات الهند.. بينما تابعت رحلته الهندية هذه (قلوب هندية مؤمنة) تهفو إلى تحقيق الإسلام في حياتها الاجتماعية والثقافية، معلنة شوقها إلى اللقاء مع هذا الشيخ الجليل الذي زار الهند مرات عديدة، وكتب عنها، وعرف أوضاع المسلمين فيها، وذلك في عدد من الكتب التي أصدرها وأودعها مشاهدات حية تكتنفها لمحات ذكية أضفاها العبودي عليها بقلم حي نابض بوجدان إسلامي صادق، أجاد إجادة في نقل القارئ إلى ميادين الهند التي تعج في بعض الأحايين بالغرائب، ولئلا نطيل في هذه المقدمة، نترك القارئ الكريم مع معالي الرحالة العبودي
* ما هو الغرض من زيارتكم الأخيرة للهند؟
- الغرض من الرحلة: هو حضور المؤتمر الذي تقيمه دار العلوم الأحمدية السلفية في مدينة دربنقها في ولاية بيهار في الهند، وتقع في مكان ناء، ليس بينها وبين حدود نيبال إلا نحو ثلاثين كيلومتراً، يعني في آخر الشمال الشرقي من جهة غربه بينها وبين حدود نيبال.
* ما هو عنوان المؤتمر الذي شاركتم فيه؟
- عنوان المؤتمر (الدين الإسلامي يحارب الإرهاب) هذا هو العنوان العام وهو الذي أرسلوه إلينا، لكن له فروع: علاقة المسلم مع غير المسلمين، متى يكون الدفاع عن النفس مباحاً للمسلم؟ وما أشبه ذلك.
* ماذا تضمن برنامج زيارتكم في اليوم الأول؟
- كان البرنامج لي في أول يوم هو هذه الكلمة الافتتاحية، طبعاً إلى جانب الاجتماع بالمشايخ ، فقد زارونا بالفندق وهو الفندق الوحيد، وكذلك اجتمعنا بهم في (دار العلوم) هذه، وفي المساء ألقيت هذه المحاضرة (الكلمة) وبعد الظهر قبل الغداء الساعة الثانية والنصف وضعت حجر الأساس لكلية الشريعة، وجدتهم أعدوه لأنهم يعرفون أن ضيفاً سيأتيهم من مكة المكرمة، وهم يحسنون الظن بنا جزاهم الله خيراً، وأنا الوحيد الذي جئت إليهم من البلدان العربية، فهم أعدوها لكي أضع حجر الأساس، وقد كتبوا اللوحة بأنه وضع الحجر الأساس بيد فلان، وفي الليل ألقيت هذه المحاضرة، وجلست في الإدارة، لأننا قدمنا شيئاً ضئيلاً من الرابطة مساعدة للدار، فأعطيتهم إياه بحضور المدير وأمين الصندوق.
ثم في الصباح أكدوا عليَّ أن أحضر لتسليم الشهادات للمتقدمين من الطلاب المتخرجين، فقالوا: وجودك فرصة ننتهزها لهذا الغرض، فأنا سلمت لهم الشهادات، وأعلنت تبرعاً رمزياً مني أنا ليس من الرابطة، لأن الذي مني يكون على قدري، والذي من الرابطة يكون كثيراً، والمبلغ بمثابة تقدير أو جائزة تقدم للمتقادمين من الطلاب على نظر المدرسة، أعطيتهم إياها نقداً.
بعد ذلك ذهبنا إلى وضع الحجر الأساس لمستشفى الدكتور عبدالحفيظ التذكاري، وهو مستشفى أكاديمي حديث وقالوا: إن مجيئك فرصة، نحن لن نبدأ به إلا بعد شهرين، والمفروض أن نضع الحجر الأساس بعد شهرين، لكن انتهزنا فرصة وجودك، وكتبوا لافتة بالعربية والانجليزية وبالهندية أنه وضع الحجر الأساس في كذا، ثم بعد ذلك استأذنت وسافرت قبل انتهاء المؤتمر بنصف يوم، لأنه ليس من المعقول أن أجلس طول الوقت أستمع إلى كلمات بالأردية.
* ما هي الأقاليم التي زرتموها خلال هذه الرحلة؟
وماهي مشاهداتكم فيها؟
- أردت أن أقول في أول الأمر: إنني استجبت للدعوة التي قدمتها دار العلوم الأحمدية السلفية في دربنقها، لأنني جعلتها ضمن أعمال أخرى، جمعتها من ذلك الاتصال بأهل الحديث (جمعية الحديث المركزية) مقرها المركزي في دلهي، وكان معي مساعدة لها من بعض أهل الخير، فأردت أن أعطيهم إياها، وعلاقتهم بالرابطة قديمة ومعروفة، فقد قدمت الرابطة لهم في الماضي مساعدات جليلة، لكن هذه المساعدة بالذات من شخص محب، وأقاموا لنا حفلة عشاء كبيرة، المقصود من ذلك ليس التنويه بكبرها أو صغرها، لكن للعلم، وقد ضمت أربعة وعشرين من علماء الحديث، ومن المثقفين الذين يعتنقون فكر أهل الحديث، ما بين طبيب ومحام وصحفي، هذا في الليل، ثم بعد ذلك ذهبت إلى أماكن بعض مشروعاتهم التي كانوا يطلبون منا أن نحضر لنراها، وهي مساجد، وكذلك مبنى المعهد العالي للدعوة.
ثم بعد ذلك ذهبت إلى (بتنة) إلى هذا المؤتمر، ومن هذا المؤتمر انطلقنا وعدنا إلى بتنة، وذهبنا إلى افتتاح مشروع مدرسة مستواها ثانوي، ولكن يسمونها الجامعة الإسلامية الإصلاحية، وهي (الجامعة السلفية الإصلاحية) ومن الغريب العجيب أنها واقعة على نهر الجانجا، وهو نهر الكنج كما سماه المسعودي وكذلك البيروني، في الكتب العربية نهر الكنج، ولكن أهل الهند يلفظونها قانقا، وهذا هو أقدس الأنهار في الهند عند الهنادك، يزعمون أنه ينبع من السماء، هكذا يعتقد أوائلهم، لكن أبا الريحان البيروني، هذا الفيلسوف المحب للمعرفة، الرجل العظيم الذي تفخر به الثقافة العربية في غير ما يتعلق بالعلوم الدينية، لأنه ليس اختصاصه العلوم الدينية، يقول: سبب قولهم إن نهر الكنج ينبع من السماء، لذلك يغتسلون فيه، ويحرقون أمواتهم على شاطئه، ويذرون رمادهم فيه، ويعتقدون أنه يدخلهم الجنة، قال: السبب في ذلك أن هذا النهر تقصاه الأوائل منهم، فوجدوه ينحدر من جبال الهملايا، وجبال الهملايا عالية، يرون أنها تتصل بالسحاب أو بالسماء على زعمهم، فظنوا أن يأتي مع السحاب إلى هنا، الآن ظهر لهم أن هذا غير صحيح، ومع ذلك لا يزالون يعتقدون في هذا النهر أنه مقدس، ويحرصون عليه، أنا رأيت كيف يحرقون أمواتهم فيه، لكن ليس في بتنة في بنارس، قبل أن يصل النهر إلى بتنة، ورأيت أشياء تقشعر منها الجلود، فهناك أشياء غير إنسانية حسبما نراها نحن، مثل كون الكلاب تأكل مما قد يبقى من الأجساد بعد حرقها، فهذا النهر تقع عليه الجامعة السلفية الإصلاحية التي لا تتهاون حتى بصغائر الأمور التي تمس العقيدة، هذا العجيب، والهنادك ديانتهم قائمة على الديانة الهندوكية، ونحن نعرف أن أتباع الديانة الهندوكية كما قال أبو الريحان البيروني آلهتهم كثيرة، ربما تزيد على مائة ألف، لكن الآن جميع المثقفين المعتنين منهم يقولون إن آلهتهم ثلاثة آلاف وزيادة! {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا...} (22)سورة الأنبياء
لكن الغريب العجيب أن بعض آلهتهم تقاتل بعضاً، فمثلاً (راون) هذا إله لأهل جنوب الهند، وهو عندهم مقدس يعبدونه، و(رام) إله شمال الهند يزعمون أنه تخاصم رام وراون، ولكي ينتقم راون من رام اختطف زوجته (سيتا) الجميلة، وأخذها إلى جزيرة سيلان، لماذا يأخذها إلى سيلان طبعاً لكي يتزوجها أو عبارة غير هذه حسب اعتقادهم، قالوا: لكن القرد (هانومان) أخذته الغيرة لرام، فراح يركض، واخترق البحر حتى وصل إلى جزيرة سيلان ووضع سيتا زوجة رام على ظهره، ثم عاد بها إلى رام، ولذلك عبدوا القرد، وأنا رأيت معبد القرد هانومان، الآن موجود في مدينة لكنو عاصمة ولاية اترايراديش، التي معنى اسمها الولاية الشمالية، وقد حضرته بالمصادفة عندما كنت هناك في زيارة للشيخ (أبو الحسن الندوي) رحمه الله، ليس لي عمل إلا زيارته، لأنه صديق لنا وأنا أقدره، فصادف ذلك ما يسمونه (هانوما ديي) يوم القرد وترجمته الحرفية عيد هانومان عيد القرد، تعطل فيه جميع المدارس والدوائر الحكومية، ويذهب كثير من الناس للتقرب الى القرد هانومان، حتى رأيت في تقربهم إليه من العجائب والغرائب أنهم يزحفون على صدورهم على الرصيف من مسافة بعيدة، وكلما بعدت المسافة عن معبد هانومان أو معبد القرد، يكون أكثر أجراً لمن يزحف، فيزحفون على صدورهم، لا يمشون لا على أيديهم ولا على أرجلهم، حتى يصلوا إلى هانومان، يبتغون المثوبة من القرد، ومعبد هانومان هذا كبير، وطبيعي أن أولئك الذين يفعلون مثل هذا هم قلة من الناس.
ومعبد هانومان هذا كبير وعليه صورة القرد كبيرة ويعبدونه، هذه من الخرافات، صحيح أن بعض أهل الهند الذين هم من الهنادكة أي الذين يعتقدون بهذه الديانة لا يعتقدون بهذه الخرافات لكنهم يأخذونها على اعتقاد أنها موروثات، وأن هذه هوية لهم.
* إلى أين توجهتم بعد زيارة بتنة؟
- بعد (بتنة) وبعد (الجامعة السلفية الإصلاحية) ذهبنا للمطار فسافرت من (بتنة) إلى (بمبي) بمبي لنا فيها عدة أعمال ليست كثيرة، من أهمها زيارة (الجامعة المحمدية) وكذلك الاجتماع والبحث مع الشيخ (مختار أحمد الندوي) لأنه صديقنا القديم، وهو قائم على مؤسسة اسمها (مؤسسة إصلاح المساجد) وقد بنى ما يقرب من (125) مسجداً في أنحاء الهند كلها مساجد حديثة بالاسمنت المسلح، وليس يبنيها من جيبه الخاص، وإنما من التوسط عند أهل الخير، من أهل المملكة العربية السعودية وأهل الخليج وخاصة الكويت فهو بنى في أنحاء الهند، إدارة المساجد، بعدها توجهت إلى ولاية (كيرالا) وتسمى في الكتب العربية (بلاد الماليبار) بعضهم يقول (المالابار) وبعضهم يقول (المليبار)، هذه كما نعلم لفظة قديمة، لا يستغرب أن كل واحد يتكلم بأحد اللفظين لها، وقد ذكرها ابن بطوطة في رحلته قبل سبعمائة سنة، وسماها (بلاد الماليبار) وزارها، وذكر من عجائبها أشياء بقاياها موجودة، مثلاً ذكر ابن بطوطة من عجائب الماليبار هذه فقال: لا يوجد فيها ظهر (الظهر الذي يركب) ولا يوجد فيها ما يُحمل عليه الإنسان لا حمار ولا خيل ولا إبل، وإنما جميع العمل يكون فيها على ظهور بني آدم، فتجد التاجر إذا جاء من عندهم يستأجر50 أو60 أو 70 شخصاً كل واحد يحمل قطعة من متاعه، أي التاجر على ظهره ثم يركب هو على ظهر أحدهم فيحملونه هو وبضاعته على ظهورهم، هذا ما ذكره ابن بطوطة.
وهناك بقايا من هذا، لكن الآن السيارات ظهرت، بهذه المناسبة نذكر أن الهند برزت الآن في صناعة السيارات، كانت تصنع سيارات قليلة رديئة، أما الآن فتصنع أنواعاً معينة جيدة، فالذهاب إلى كيرلا أو ماليبار ليس الغرض منه الفرجة ولا السيارات ولا ماذا فعل ابن بطوطة، لأني سبق أن ذهبت إلى هذه البلاد، وتتبعت ما ذكره ابن بطوطة، وقارنت بينه وبين ما هو في الوقت الحاضر، ولكن السبب أن الجماعة السلفية الذين هم في الجنوب بمثابة أهل الحديث في الشمال، اختلفوا فيما بينهم مع الأسف اختلافاً وصل إلى خارج الهند، ووصل إلى المحاكم الهندية في الولاية، وهم كلهم أخواننا، فانتهزنا الفرصة وجعلت الذهاب إلى هناك ضمن هذه المهمات، وقد أوصاني كثير من الأخوان في شمال الهند من أهل الحديث، فقالوا: هؤلاء السلفيون، نحن أخذنا السلفية عنهم من أهل مليبار، فلا ينبغي أن يختصموا، أنا ذهبت إلى هناك وجمعت عندي بعض زعمائهم في الفندق، وأجريت اتصالات، ولكن مع الأسف لم أنجح، وأعترف بأن جهودي ذهبت سدى، يعني جهودي لم تثمر، إنما أثمرت عندي أنا بأن ارتاح ضميري، وبذلت جهداً لكنه لم يثمر، لأن خلافاتهم عميقة فيما بينهم، كان الخلاف بينهم ليس خلافاً عقدياً ولا فكرياً، ولكنه خلاف أشبه ما يكون بالعصري أو الإداري، الشيوخ القدماء كانوا متمسكين ومعهم جزء من العامة بما يرون أن تكون عليه الجماعة السلفية، وأناس غيرهم يزعمون أنهم عصريون، وأنهم لا يرون التمسك ببعض الأشياء الشكلية، ولو كان الانقسام بالرأي لكان هذا سهلاً، لكن الانقسام أيضاً في الحركة، بمعنى أنه يتعلق بالانتخابات، ويتعلق بالسيطرة على الحركة، وتتعبها مساجد وأوقاف كثيرة، مئات المساجد في كيرلا، فاختلفوا فيما بينهم، الآن بعض هذه الأوقاف والمساجد مع الأوائل والبعض الآخر مع الذين يسمون عصريين أو جدداً.
* كيف وجدت الاهتمام بالثقافة العربية في هذه المنطقة؟
- هذه المنطقة مجال للثقافة العربية، حتى إن اللغة العربية الآن منتشرة في كيرالا في جنوب الهند، أكثر من أية ولاية أخرى في الهند، حكومة الهند كما نعلم الأغلبية فيها من الهنادكة، سواء في الحكومة أو الشعب، المسلمون لا يؤلفون في كيرالا إلا 28% لكنهم نشطون إلى درجة أن الحكومة قررت أن تدرس اللغة العربية في المدارس الحكومية، وقد وظفت أربعة عشر ألف مدرس لتدريس اللغة العربية في المدارس الحكومية على نفقة الحكومة، والآن في بلادنا وكذلك في الخليج أناس كثير من (كيرالا) يعملون أكثر من أهل أية ولاية أخرى في الهند، لذلك توجد طائرة كبيرة تسير ما بين كيرالا إلى الرياض وقد ركبت فيها ثم سافرت من كاليكوت في شمال ماليبار إلى كوشن في جنوب ماليبار، فالمسافة ليست بعيدة، لكن الطرق ليست كطرقنا، فهناك زحام، ووقفت عدة وقفات عند مشروعات إسلامية.
* نريد أن نعرف القارئ المسلم العديد من الأمور مثل: كم عدد المسلمين في الهند؟
- هذا أمر مهم جداً، لكنه واضح، لأن الحكومة كانت عندها إحصاءات عن عدد المسلمين، ولم أرَ إخواننا المسلمين في الهند يشكون في هذه الإحصاءات إلا قليلاً، لكن يتبين من مجموعهم ومن مجموع الاحصاءات، لا أقول ذكرتها الدوائر الحكومية لكن من مجموع الإحصاءات لأنهم يحصون المسلمين في كل بلد من بلدانهم، وفي كل ولاية أيضاً يقولون: الهنادك كذا، والمسلمون كذا، والسيخ كذا، المسيحيون كذا، وذلك ضمن إحصاء شامل للطوائف الدينية، يعني مجموع الكلام المعتدل أن عدد المسلمين يبلغ 12% معناه نحو مائة وثلاثين أو مائة وعشرين مليوناً، لأن آخر إحصاء للهند يبين أن سكانها زادوا على ألف مليون.. يعني أن المسلمين ما بين120 إلى130مليون لكنهم منتشرون في كل ولاية.
ولا يمكن أن تخلو ولاية أبداً من المسلمين، أحياناً تكثر وأحياناً تقل، مثلا ولاية كشمير الأغلبية إسلامية لكن لا توجد ولاية أغلبيتها مسلمون إلا كشمير.
وعندما استقلت الهند كان عدد سكانها270مليونا فقط، والآن عددهم ألف مليون وزيادة، لكن الشيء الذي ذكرته بناء على احصاءات رسمية في كتاب (نظرات في شمال الهند) إحصاءات توضح أن المسلمين نسبتهم تزيد دائماً، لأن الولادات عندهم أكثر، إلا أنه من الملاحظ أن المسلمين لا يعددون الزوجات عرفاً، أعرافهم وعاداتهم لا تقبل التعدد، لا يتزوج الواحد إلا واحدة إلا في النادر، يتزوج واحدة، وإذا مرضت أو عجزت يتزوج أخرى، حتى إذا كبرت لا يتزوج غيرها ومع ذلك تزيد نسبتهم.
* إذا كان المسلمون أقلية في الهند، فما هو دين الأغلبية فيها؟
وماذا لاحظتم بشأنهم؟
- إن الأغلبية من سكان الهند هم الهندوك (الهنادكة) ويسمون بالانجليزية (هندوس) الواحد (هندو) والجمع هندوس، لكن نحن لا نقول هندوس، لأن عندنا لفظ بالعربي قديم، وهو الهنادك أو الهنادكة، وهذا أخذناه من أهل الهند، فهؤلاء الهنادكة لم يكن العلماء الأوائل من المسلمين يسمونهم الهنادكة ولا الهندوس ولا الهنادك، إنما يسمونهم كفار الهند، لأنهم مذاهب شتى فقد ذكرت أن آلهتهم تتخاصم، وأن أتباعها الآن يتخاصمون، أنا رأيت في مدينة (إندور) عندما ذهبت أنا والشيخ أبو الحسن الندوي إليها كانت إقامته في مدينة (لكنو) فذهبنا بالطائرة إلى مدينة (يهوبال) التي كان فيها السيد صديق حسن خان، ملكاً أو نواباً كما يقولون، هذه في ولاية اسمها (مدهابرديش) يعني الولاية الوسطى، فيها مدينة عدد سكانها مليون وثمانمائة ألف اسمها (إندور) أكبر المدن فيها، أنا رأيت بعيني ومعي الدكتور عبدالله عباس الندوي، واثنان أو ثلاثة من المعروفين، وواحد من تلاميذنا توفي رحمه الله، اسمه أبو البركات الفاروقي، وكنا نرى تماثيل (راون) الذي هو إله الجنوب، يحضرون عصا ضخمة يمين ويسار، ارتفاع الرجل عشر مرات، ويلبسونه خيشة ثم يسكبون عليه البنزين ويحرقونه بها، يقولون: إن هذا عدو إله الشمال (رام) ومنهم طوائف كان أسلافنا يسمونهم كفار الهنود يعني: ليسوا مذهباً واحداً، لكن الآن بعدما جاء الانجليز، رأوا أن مذاهب أولئك متشابهة فسموهم الهندوس، وهم يشتركون في كثير من الأشياء ولكن مع اختلاف، مثلاً: عبادة البقر
بعضهم يعتقد حقيقة بها وهؤلاء لا يجيزون أن تذبح البقرة، وإذا ذبح المسلم البقرة فشرعهم يجيز أن يقتل المسلم بهذه البقرة، حتى إذا أخذت البقرة في الموت لا يذبحونها، وإنما يغطونها بخيشة ويتركونها تتألم حتى تموت، لأنهم لا يريدون أن يزهقوها، وبعد أن تموت يسحبونها ويرمونها في جهة من الجهات، لأنهم لا يقبرون موتاهم، فكيف يقبرون البقرة؟
* ماذا لاحظتم من الغرائب في حياة هؤلاء؟
- لاحظت أموراً كثيرة.. منها أنهم يحرقون موتاهم، وهذا قد يؤدي إلى انتشار الأمراض، لكن الأوائل من الهنود لا يلقون بالاً لهذه الأشياء، وأشياء عجيبة لا يلقون لها بالاً، مثلاً ما ذكره البيروني، ذكر فصلاً عجيباً جداً فيما نخالف فيه الهنود وما يخالفوننا فيه، وهو يقصد بذلك غير المسلمين، لأن حضوره الهند كان عام أربعمائة وزيادة، أي منذ ألف سنة، في ذلك الوقت لم تكن الهند بلاداً إسلامية، وإنما حضر مع الملك العظيم محمود ابن سبكتوكين جزاه الله خيراً، عندما كان يجاهد في سبيل الله، حضر وجلس في الهند تسع سنوات، وهو يتعلم السنسكريتية حتى أتقنها، قال لأجل أن يعرف عقائدهم بلغتهم، ونقلها في كتابه النفيس (تاريخ ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة) فذكر أشياء كثيرة من بينها أنهم يتفاءلون بالضرطة ويتشاءمون بالعطسة.
* ما أهم احتياجات المسلمين في الوقت الحاضر في الهند؟
- أهم احتياجات المسلمين في الوقت الحاضر هي الاحتياجات الثقافية والمادية المتصلة بذلك، يعني المساعدة على تسيير الجامعات والمدارس، ومساعدة النابغين من المسلمين على الدراسة في الموضوعات المدنية، فالموضوعات الدينية في الهند لا يوجد لهم نظير بشأنها في العالم، لا توجد أقلية في العالم تعمل لأمور دينها ما يعمل مسلمو الهند، لكن المسلمين محتاجون أيضاً إلى التعليم المدني، هم محتاجون إلى أن يكون منهم أطباء ومهندسون ومحامون ومحاسبون وقانونيون واقتصاديون، ونحن نلاحظ أنه حتى مع وجود الحالة الحاضرة، فالعلوم المبرزة أكثرها للمسلمين، حتى أبو القنبلة الذرية في الهند هو مسلم، وحتى علماء الصواريخ بعضهم مسلمون.
* ما أهم المشكلات التي يعانيها المسلمون في الهند؟
- أهم ما يكون بالنسبة للمشكلات التي يعانيها المسلمون هو كما قلت أنهم أقلية، وهذه الأقلية في العادة إذا لم تكن نشيطة نشاطاً متميزاً، فإن الأغلبية ستسيطر عليها بطبيعة الحال، بمعنى أنه إذا وُجدت وظيفة وكان الموجودون في الدائرة أغلبتيهم هنادك، فلا يمكن أن يختاروا لها مسلماً، إلا إذا كان متميزاً تميزاً كبيراً، هذه من المشكلات التي عندهم، لذلك أنا قلت لهم: إنه يجب عليكم أن تركزوا على التعليم المدني، ليس معنى ذلك ترك التعليم الديني، حاشا لله، ولكن ليس المطلوب أن كل المسلمين يصبحون مشايخ فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم فطائفة العلماء في الدين منهم الحمد لله موجودة وكثيرة، ولكن لا بد أن تصير هناك طوائف لأمور الدنيا، حتى يستطيعوا أن يحتلوا مناصب ويفتتحوا مستشفيات ويقيموا مصانع...الخ.
هذه من مشكلات المسلمين، لكن ربما بدأ المسلمون يتفهمونها، وهي مختلفة في التطبيق بين بعض الولايات وبعضها الآخر كما هي طبيعة الحال.
* هل توجد اتجاهات متطرفة بين الشباب المسلم في الهند؟
- إذا أريد بالتطرف الإرهاب، فهذا غير موجود بين مسلمي الهند، أما إذا أريد بالتطرف هو التمسك بالدين إلى درجة الغلو، فهذا موجود، ولكن قليل جداً.. لذلك لا يُسمع في الأخبار مثل هذا.
* كم مرة زرتم الهند، وما هي الأسباب ترددكم عليها؟
- لا أحصي المرات، ليس ذلك لأنها كثيرة تستعصي على الإحصاء، ولكن الأمر يحتاج إلى الرجوع إلى الأوراق، وإنما ربما تكون عدد الزيارات إلى الهند بلغت تسع زيارات لكن بسبب طبيعة الفضول ومحبة التجوال والاطلاع على الأشياء الغريبة، إذا ذهبت لغرض معين في مكان معين، كأن يكون هنالك مؤتمر في بلد من بلدان الهند، فإنني لا أترك الفرصة تفوتني، وإنما أزور ما حوله، سواء كان بعيداً عنه نوعاً ما أو قريباً، ثم أزور ما يكون في طريق العودة إلى بلادنا من بلاد الهند التي لم أزرها، هذه طبيعة فيَّ، وربما كان الذين يتابعون ما كتبته في الكتب، وما نشرته في الصحف، يعرفون هذه الطبيعة عندي، وأنا أعتقد أن هذه مهمة وليست طبيعة شخصية، لأن الشخص الذي يذهب مثلاً إلى بلد مثل الهند أو الولايات المتحدة ويبقي في مكان واحد، وهو من المعنيين بمتابعة العمل الإسلامي، سواء من حيث العلاقات بالجمعيات الإسلامية، أو من حيث تقديم المساعدات، فإنه لا بد أن يوسع دائرة اهتماماته ودائرة معلوماته، لتشمل أوسع مساحة يستطيعها في البلد الذي يذهب إليه، أما الأسباب العامة للتردد إلى الهند فأنا في الحقيقة لم أذهب ولا مرة واحدة لغرض سياحة أو لغرض غير الغرض الذي ذكرته لكم، وهو الاجتماع بالاخوة المسلمين، والتذاكر معهم فيما ينفع الدعوة الإسلامية، أو فيما يقوي العلاقات بينهم وبين رابطة العالم الإسلامي التي أعمل فيها، وحتى قبل أن ألتحق برابطة العالم الإسلامي، عندما كنت في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، ذهبت إلى الهند لغرض ثقافي.
* في الهند أكبر أقلية مسلمة في العالم.. إلا أن لهذه الأقلية شأنا وتأثيراً في الفكر الإسلامي ومدارس الدعوة، فماذا تقولون حول هذا التأثير؟
- إخواننا المسلمون في الهند رغم كونهم أقلية، فإنهم أقلية عريقة، بمعنى أنها ليست كما تكون الأقليات في أمريكا وأوروبا، وليس هذا هضما للأقليات الإسلامية هناك أو تقليلاً لشأنها، وإنما كون التنويه بأن المسلمين كانوا منذ أكثر من ألف عام موجودين في الهند لكن في القديم كان عددهم قليلاً، وكان تأثيرهم أكبر، وفي الزمن الحديث كثر عددهم، وكثر تأثير الأغلبية من أهل الهند في مصير الهند وفي تسيير أمورها، وهذا أمر طبيعي، فهذه الأقلية لها شأن عظيم في الفكر الإسلامي ومدارس الدعوة، وقد درست وعرفت أن إخواننا المسلمين في الهند هم أعظم أقلية إسلامية في العالم، تعمل لأمر دينها، نحن نرى الشخص منهم أمره عجيب، تراه متقشفاً، ويخيل إلى من يراه أن هذا الرجل بخيل، كما يخيل إليك في معاملته، ولكن ما أن يترك عمله الدنيوي، حتى يصبح سارية من سواري المسجد، يصلي مع المسلمين، لا يترك العبادات (النوافل) وليس الفرائض، ثم الأغرب من ذلك أن هذا الرجل الذي قد يخيل إليك أنه بخيل، هو أسخى الناس للمشروعات الإسلامية، أنا لاحظت ذلك في شخص قد نجد ملابسه ليست على مستوى الأثرياء الأغنياء وتجد كذلك بيته وأثاثه، وغير ذلك من شؤون حياته، ولكنه إذا جاء مشروع إسلامي، تجده ينفق عليه نفقة الأسخياء، وهذا لا يوجد له مثيل في أية أقلية في العالم، ليس المراد من ذلك تقليل شأن الأقليات الأخرى، ولكن الانفاق على المشروعات الإسلامية لا يداني أحد أخواتنا المسلمين الهنود فيه ولذلك ازدهرت الثقافة الإسلامية عندهم، وصاروا قدوة في الدعوة، ونحن نجد هذا في رسائل الشيخ أبي الحسن الندوي رحمه الله، وفي تأثيره وتلامذته، وكذلك في الجامعات الإسلامية في الهند، مثل: الجامعات والمدارس التي تتبع جمعية أهل الحديث، ومثل الجامعات الديوبندية التي تتبعها المدارس القاسمية، ويتبعها خلق من المسلمين، والغريب أن هذه المدارس الديوبندية تتميز بقوة طلابها في اللغة العربية، فإذا رأيت رجلاً قال لك إنه متخرج من إحدى مدارس الديوبنديين، فتجزم بأنه يحسن العربية، وأنك ستستفيد منه، وهذا ما جربته أنا هناك.
هنالك مدارس مثل: دار العلوم - ندوة العلماء في (لكنو)، وأماكن عديدة، هناك العلماء الأجلاء في الهند، حتى إن أهل الحديث، نشرت تراجمهم في مجلدات كثيرة، وهي مجلدات تحكي سيرهم العطرة، يعني أن الذي يطلع عليها يتذكر سير العلماء المسلمين، علماء السلف الصالح القدماء.
* كم كتاباً ألفتم عن الهند؟ وما هي أسماؤها؟
- تم تأليف أربعة عشر كتاباً عن الهند، وكنت أزمعت أول الأمر أن أجعل جميع ما أكتبه في الرحلات عن الهند كتاباً واحداً، ولكنني وجدت أنها كثرت بحيث لا يحتملها كتاب واحد، بل إن بعضها أصبح كتابين بعد أن كان كتاباً واحداً، وهذه الكتب هي:
1 - نظرات في شمال الهند (جزءان)، 2- في الشمال الشرقي من الهند (مطبوع)، 3- وسط الهند (تحت الطبع في مطبعة النرجس في الرياض)، 4- غرب الهند (مطبوع)، 5- جنوب الهند (مطبوع)، 6- راجستان بلاد الملوك (مطبوع)، 7- الاعتبار في السفر إلى مليبار (مطبوع)، 8- شرق الهند (مطبوع)، 9- سياحة في كشمير (مطبوع)،10- على أعتاب الهملايا (مخطوط)، 11- في الشمال الغربي من الهند (مخطوط)، 12- مقال في بلاد البنغال (مطبوع)، 13- إلى أقصى شرق الهند (مخطوط)، 14- على أعتاب الهملايا.
* يهتم القراء بالمشاهد النادرة التي تسجلونها في كتبكم عن زياراتكم، ولا سيما فيما يتعلق بسلوك الأفراد وعادات الشعوب الاجتماعية والدينية.
فهل لكم أن تسجلوا لنا بعض هذه المشاهد التي ينجذب إليها القراء؟
- أنا قلت في مناسبة سابقة: إنني لا أذهب إلى أي بلد من أجل أن أكتب ما يجذب القراء من المشاهد أو الطرائف، لكن الطرائف أحياناً تفرض نفسها، كثيراً ما يقول لي بعض الناس: ما أطرف ما شاهدته؟ هذا سؤال عام لا يمكن الإجابة عنه مني بعد أن زرت أقطار العالم كله، فلا يمكن أن أقول:
أطرف ما يكون كذا، لأن الطرائف ممكن أن تأتي في الجو، أنا رأيت بلاداً طريفة جداً في الجو، مثلاً: في شمال الأرض، شمال سيبيريا، وكذلك شمال روسيا على سواحل المحيط المتجمد الشمالي، وكذلك شمال فنلندا، شاهدت عدم غروب الشمس في شهر يونيو، ابتداء من عشرين يونيو لا تغرب الشمس، وإنما تدور في الأفق لا ترتفع في السماء، هذا من الطرائف والغرائب التي تشد نظر الإنسان، هذه المسألة تترتب عليها أشياء كثيرة، ليس الصلاة فقط، بل الصلاة والصيام، نحن في الصلاة عملنا ما جاء في حديث الدجال أن اليوم فيه يكون كشهر، والشهر كسنة، فقالوا: يا رسول الله (ما معناه): ماذا نعمل في
الصلاة؟ قال: اقدروا لها. فنحن قدرنا، فجعلنا الظهر الساعة الثانية عشرة، والعصر في الساعة الثالثة، والمغرب في الساعة السادسة، مع أنه ليس هناك مغرب، والشمس طول الوقت موجودة، لكن هناك أشياء أخرى مهمة إلى جانب الصلاة، فمثلاً هنالك العدة (عدة الوفاة)، إذا كان المسلم موجوداً هناك، وهناك مسلمون ومساجد، إذا كان المسلم موجوداً هناك وتوفي، فعلى زوجته أن تعتد أربعة أشهر وعشرا، وهي عدة الوفاة، فإذا كانت الشمس لا تغيب في بعض أيام الصيف، أو لا تطلع في بعض أيام الشتاء، فكيف تكون العدة؟
كذلك الصيام، فليس من المعقول أن يصوم الإنسان إلى ما لا نهاية، كذلك في الشتاء، إذا كانت الشمس لا تشرق، فليس من المعقول ألا يصوم الإنسان، هناك أشياء كثيرة تتعلق بأحكام الأماكن، ولذلك أنا اقترحت أن يكون هناك
(فقه المناطق القطبية)، يكون لها فقه خاص تدرسه الجامعات العربية والإسلامية، لأننا في السابق نسمع ولا نرى، أما الآن فنحن نرى ونسمع ونشاهد المسلمين موجودين هناك ويعيشون هناك، وهم اخوة متمسكون بدينهم، بدليل أنهم يبنون المساجد ويصلون في جماعات.
هنالك طرائف تتعلق في غير هذا، فمثلاً في خط الاستواء، تحت خط الاستواء، من الطرائف فيه أنهم يركبون الساعة على الأوقات، ولا تتغير إلى يوم القيامة، لا يغيرونها، يجعلون الغروب الساعة السادسة، والفرق دقيقة أو دقيقتان، لا يغيرون ذلك، لأن الوقت لا يتغير تحت خط الاستواء، هنالك طرائف غير الوقت، تتعلق بالمأكل، بعض الناس يأكلون مآكل لا نستسيغها نحن، وبعضهم يأكلون مآكل لا نستطيع أن نأكلها، لعل من أقربها هذا الحار الذي يسمى في مكة (الشطة) وفي نجد يسمى (الحبرحر) بعض الناس يسمونه الفلفل وهذا غلط، فالفلفل في العربية هو الحبات المكورة الصغيرة السوداء، التي ذكرها أمرؤ القيس بقوله:


ترى بعر الأرام في عرصاتها
وقيعانها كأنه حب فلفل

أما هذا الحار الثاني، الذي هو قرون حارة، فهذا لم يعرفه العرب، لأنه لم يعرف إلا بعد اكتشاف العالم الجديد، فلم يكن موجوداً في العالم القديم.
مثلاً في الهند يفاجأ من يذهب إليها، ولا يعرف طبيعتها، أنه لا يستطيع أن يتناول الطعام لكثرة هذا الحار فيه، وليس المقصود من ذلك الشعور بالألم عند الذوق، لكن هنالك آلام أخرى تتبعها، وهناك عواقب أخرى، مثلاً: كثير منا يصاب بالإسهال إذا أكل مثل هذا الطعام، وأحياناً يصاب يتقرحات في مداخل الطعام أو مخارجه، بسبب شدة هذه الحرارة، هذه أشياء من الطرائف.
أما الهند خاصة، فلها أشياء خاصة، ذكرت في ثنايا هذا الحوار ما حكاه البيروني عن كفار الهنود الذين يتفاءلون بالضرطة، ويتشاءمون بالعطسة.
في بعض البلدان رأيت أشياء غريبة، مثلاً في بلاد (الماساي) في شرق أفريقيا، رأيت أن الرجال منهم يخرقون آذانهم، ويعلقون بها أشياء ثقيلة، حتى تتدلى الأذن إلى أطول من الشبر، تتدلى الأذن ومعلق بها أشياء تشبه القروط وأشياء للزينة، والأعجب من ذلك أن بعض الرجال منهم لا يسترون عوراتهم، وإنما يلبسون ما يشبه الرداء على ظهورهم، حتى إذا جلس الرجل أو انفرج ما بين رجليه ظهرت عورته، وهؤلاء غير مسلمين، من أسلم منهم فإنه يتقيد بالملابس ويتنظف.
* هل قمتم بمهمات جانبية خلال هذه الزيارة للهند؟
- نعم .. اخواننا وجدتهم قد أعدوا عدة أشياء لم يكونوا ذكروها لي من قبل، وذلك على هامش المهمة الرسمية من ذلك وضع حجر الأساس لكلية الشريعة في دربنقها، وقد رأيتهم كتبوا لافتة، وهذه اللافتة ستبقى منقوشة حسب كلامهم، وهو أنه وضع حجر الأساس بيد فلان - الأمين العام المساعد لرابطة العالم الإسلامي - وهم كما نعلم يتفاءلون باسم مكة المكرمة.
كما اكرمني اخواني - جزاهم الله خيراً - دون أن أعرف في أول الأمر، حتى دون أن يسألوني، وإنما أخذوني إلى أرض كبيرة جداً، كانت وقفاً للمسلمين، وأخذوا الإذن من الحكومة لبناء كلية طب حديثة ومستشفى فيها، ووجدتهم وضعوا لافتة بلغات منها العربية ومنها الانجليزية وإحدى اللغات الهندية لا أدري ما هي، لأنها بحروف سنسكريتية، تقول اللافتة باللغة العربية:
إنه وضع حجر الأساس لكلية الطب ومستشفى عبدالحفيظ بيد فلان - محمد بن ناصر العبودي، الأمين العام المساعد لرابطة العالم الإسلامي، وذلك في يوم 20- 3-2005م وكذلك هناك موضوعات أخرى أطلعونا عليها، يعني المسألة ليست مقتصرة على حضور المؤتمر وإلقاء كلمة ومع الكلمة أشياء، أيضاً، رأيت أنهم قد أعدوا تسليم شهادات المتخرجين للمتقديمن من الطلاب، وقالوا إنها فرصة أنك تسلم شهادات المتخرجين بيدك للمتقدمين منهم، قلت:
هذا يمكن أن يقوم به أحدكم، وأنا أرجو أن تأذنوا لي بأن أذهب قبل انتهاء المؤتمر، فقالوا: هذا لا بد منه، وهو أمر في غاية الأهمية لهم، وبالفعل حضرت وقدمت للطلاب شهاداتهم، ولم أقتصر على تقديم الشهادات كما طلبوا، وإنما قدمت مساعدة شخصية مني وليست من الرابطة، وهي بعض النقود، قلت: هذه توزع على المتفوقين من المتخرجين.
* من عادتكم أن تؤلفوا كتباً عن زياراتكم، فهل كتبتم شيئاً عن الزيارة الأخيرة للهند؟
- نعم.. كتبت كتاباً سميته اسما ينطبق عليه، وهو العنوان العام، حيث كتبت في الأعلى (الرحلات الهندية) كما هي عادتي، لكن العنوان الذي أسفل منه هو (من أقصى الشمال الشرقي إلى أقصى الجنوب الغربي أو من بيهار إلى مليبار) هذا هو عنوان الكتاب، وهو كتاب ربما يقع في نحو مائتين أو ربما مائتين وخمسين صفحة.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved