* بغداد -رويترز: اندلع إطلاق للنار في مكان قريب لكن ذلك لم يمنع المتحمسين لسباق السيارات في العراق من اختبار محركات سياراتهم وحك إطاراتها القديمة بالأرض مصدرة صريراً عالياً في ساحة الانتظار. وعلى ضفاف بحيرة صناعية كان يطلق عليها اسم صدام حسين من قبل، يتجمع العراقيون كل أسبوع على مضمار سباق أُعد بصورة ارتجالية في محاولة للحصول على قسط من الترفيه في بلد تسيطر عليه أنباء التفجيرات الانتحارية وخطف الناس والجريمة المتفشية. وقال مذر قدوري (28 عاماً) وهو تاجر سجاد يركب سيارة موستانج بيضاء طراز عام 2002 (الشبان في العراق ليس لديهم مكان للترفيه. لم يكن بمقدورهم التعبير عن روح الشباب حتى وجدوا هذا النادي على الأقل ليستمتعوا قليلاً). وأضاف: (في بادئ الأمر نظمت مجموعة صغيرة من الأصدقاء هذا السباق ثم انتشر الأمر وأسسنا هذا النادي). والطريق إلى المضمار قد تكون أخطر من السباق نفسه فالسيارات الملغومة كثيراً ما تنفجر في شوارع بغداد وخطف السيارات والأفراد منتشر في البلاد. لكن بعض المتحمسين لسباق السيارات يقولون إن الفوضى التي تسود بغداد تعني على الأقل ان بإمكانهم ممارسة هوايتهم وإقامة مضمار سباق دون الحاجة للحصول على تصاريح من السلطات. وقال عبد الملك (60 عاماً) وهو صاحب متجر للألياف الزجاجية الذي ساهم في تأسيس النادي: (أحببت هذه الرياضة منذ الستينات والسبعينات... كنا نتسابق في شوارع ضيقة في ضاحيتنا. ما تغير الآن هو أننا حصلنا على حريتنا الشخصية في المجالات كافة ونفعل ما نريد). واستمد خالد يوسف سكرتير النادي الإلهام من المسابقات على قنوات التلفزيون الفضائية التي تبث سباقات وفيرة الأموال بصورة أبعد ما تكون عن صعوبات الحياة في بغداد. وهناك نوعان من السباقات هما: السباق المتعرج بين إطارات مثبتة على الأرض، والقيادة السريعة لمسافة ربع ميل. لكن سباقات السرعة هذه أُلغيت لاعتبارات أمنية. فليس هناك جدران أو مصدات لحماية السائقين أو المتفرجين من السيارات المسرعة. وقال يوسف: (ليس لدينا مكان لنادينا ولا مضمار آمن. نحتاج لدعم من وزارة الشباب باعتبار ما نقوم به من الرياضات التي تمارس في هذا البلد). واقتربت سيارة مسرعة بين الإطارات المثبتة قرب خط النهاية من مراهق لكنه تمكن من القفز بعيداً عن طريقها في اللحظة الأخيرة. هناك بعض حلبات أكثر أماناً في بغداد لكن الوصول إليها هو المشكلة. إحداها في المحمودية في جنوب بغداد في منطقة يطلق عليها (مثلث الموت) بسبب تكرار أعمال العنف والخطف فيها.وقال قدوري: (في بغداد سيطرت القوات الأمريكية على مضمار العبيد الوحيد الجيد بعد سقوط صدام ولا تريد تركه لاعتبارات أمنية). وقتل أكثر من 500 شخص في أعمال عنف منذ تشكيل حكومة جديدة في العراق في أواخر أبريل نيسان الماضي وتتزايد التوترات بين الطوائف والأعراق المختلفة هناك. لكن الصراعات الطائفية لا يرد ذكرها بدرجة تذكر عند هذا المضمار. وعندما قاد قادم جديد سيارته اولدزموبيل طراز 1990 حول الإطارات صفق الحضور لأدائه. وصاحوا مشجعين: (أسرع.. أسرع.. حقق الوقت المطلوب). ويحلم يوسف بالكثير لهذا النادي. فهو يريد لهذه الرياضة أن تنتشر في بقية أرجاء العراق على الرغم من التفجيرات وانتشار الجريمة التي تبقي تركيز الناس منصباً على التهديدات الأمنية وليس على السباقات. وقال: (بإذن الله سنصل إلى سباقات عربية ودولية. نحن خائفون الآن لأننا قد نضرب بقذيفة مورتر طائشة أو صاروخ).وقبل أن يتابع المتسابقون طموحاتهم تظهر صعوبة نشر هذه الرياضة في العراق. فعندما توجه يوسف إلى عدة وزارات لطلب الدعم وجد أن لديها أولويات أخرى. وقال: (طرقت العديد من الأبواب. الجميع يريد منا استغلال السباقات لجمع المال. نحن لم نأت إلى هنا من أجل المال بل لتطوير هذه الرياضة. ونحن نتحمل كل التكاليف. وندفع رسوم الساحة).
|