|
|
انت في
|
كمثال على ما نحن بصدد الحديث عنه فقد كتب عن هتلر آلاف الكتب بعد وفاته. وكان قد قضى آخر أيامه الـ105 بمخبأ عسكري ببرلين! وكانت حالته قد ساءت لدرجة أنه كان يبدو ابن سبعين سنة بينما عمره لم يتجاوز 55 عاماً، وكان هاجسه الدائم أن القوات الروسية المتقدمة ستمسك به. وأخذ كل شخص ممن حوله يخذله في أيامه الأخيرة حتى لم يبق معه إلا كلبه. وكانت حكومة هتلر قد قامت منذ بدايتها على العنف وبالتالي كان هتلر خائفاً في كل لحظة من الاغتيال، ويقال إنه تعرض لأكثر من 25 محاولة اغتيال، وكان ينجو منها في كل مرة. ويذكر زملاؤه أنه رغم هفواته الكارثية لم يعترف حتى لحظاته الأخيرة بأنه أخطأ! بل كان يلقي تبعات المسؤولية عن كل شيء على جنرالاته واليهود والشيوعيين.. بل وكان يتهم حتى شعبه الذي اكتوى بالمآسي بسبب تصرفاته الخرقاء. وحين يئس هتلر من كل شيء أنهى حياته بحبة السيانيد! هذا مثالٌ من التاريخ وهاك مثال واقعي شهده العالم المعاصر بأسره وهو زعيم العراق السابق صدام حسين الذي في علوه ومن ثم ذله عبرة لكل معتبر لم نسمع عنه حتى الآن أنه اعترف بأي خطأ حصل منه رغم أن أخطاءه من الجسامة والوضوح بما لا يختلف عليه اثنان فقد جنى بتصرفاته الرعناء خلال سنين طويلة من حكمه على شعبه وعلى المنطقة مآسي لا تزال الأمة تتجرع غصصها حتى الساعة وليس في الأفق ما ينبئ بزوالها بل كان يكابر ويصر على نهجه إلى آخر لحظة من حكمه فأورده المهالك. هذان مثالان صارخان يدلان على أنه ليس هناك أحد في العالم يعترف بخطئه لا على مستوى الزعامات والقيادات في الأمم ولا على مستوى الأفراد. فالكل يصر على أنه على صواب وحتى لو علم في قرارة نفسه أنه على خطأ فإن الرواسب الفكرية والتربية البيئية تجعله يكابر ويأنف الاعتراف بالخطأ وهذه في تقديري معضلة بشرية كبيرة تحتاج إلى تأمل وتحليل دقيق يكشف طبيعتها وأسبابها ومن ثم السبيل الأمثل لعلاجها. إن إصرار الكل على أنه على صواب سينتج عنه لا محالة أن الكل مخطئ في معادلة مضطربة نتاجها أنه إذا اعتقدت دائماً أنك على صواب فإن الآخرين في نظرك بالمقابل مخطئون، وهؤلاء سينظرون لك بنفس النظرة ويصبح الجميع في نهاية المطاف على خطأ، وهذا الوضع لا تستقيم معه الحياة! حيث إنه إذا أصرّ كل منا أنه وحده على صواب فلن تصلح الأحوال ولن يتم التوافق المفضي إلى الثقة المتبادلة ومن ثم التعاون البناء والإصلاح المنشود. |
![]()
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |