لقد فجعت مملكتنا الحبيبة المملكة العربية السعودية والأمة الإسلامية قاطبة والمجتمع الدولي بوفاة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله - وبفقدان خادم الحرمين الشريفين تفقد الأمة رجلاً وقائداً وسياسياً محنكاً عاصر الكثير من الأزمات وجنب وطنه وأمته الكثير من المشكلات والمآسي والويلات.. خادم الحرمين الشريفين كان - رحمه الله - رجل كلمة ورجل مبدأ ورجل صدق ورجل موقف مشرف له شخصياً - رحمه الله - ولوطنه ولأمته. كان - رحمه الله - موسوعة في الطيب والخير والرجولة والشهامة فمن الصعب تعداد مواقفه الصادقة.. ومثالاً واحداً وقفته مع الكويت تلكم الوقفة القوية الصادقة الرادعة التي أعادت الحق إلى نصابه والأوطان إلى أهلها وبذلك جنب أوطاننا مشكلات كبيرة وعويصة كانت ستحل بالمنطقة من تهور صدام حسين. أجدني مشدوداً لشخصية ذلك البطل الإسلامي الفذ الذي يذكرني بأمجادنا من الأبطال أمثال أبي بكر، وعمر، وعمر بن عبدالعزيز، وهارون الرشيد، فهذه الدولة الفتية ماهي إلا امتداد لذلكم التاريخ المشرق والمشرف الذي خدم الإنسانية بكافة نواحي الحياة. وخدماته الإسلامية لا يضاهيها أحد منذ بزغ فجر الإسلام العظيم، فالفهد - رحمه الله - هو قائد الملحمة الإسلامية الكبرى لأعظم عمارة للمسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف، فعمارته للحرمين هي الأكبر مطلقاً وستقف هذه العمارة له - رحمه الله - تذكاراً جميلاً كلما دخله مصل دعا له بالرحمة والغفران وعرف مآثر الملك الراحل - رحمه الله - على الإسلام والمسلمين وهو - رحمه الله - مؤسس أكبر مطبعة للمصحف الشريف تطبع الملايين من المصاحف للتوزيع. أما خدماته لإنسان ومواطن هذا الوطن الكريم المملكة العربية السعودية فهي لا تعد ولا تحصى، فقد خدم وطنه - رحمه الله - خدمة العمالقة العظماء الذين حق لهم أن يدخلوا التاريخ من أوسع أبوابه... فمن التطوير الهائل في التعليم حيث كان - رحمه الله - أول وزير للمعارف وما زال حتى وفاته يتابع وبشغف قضايا التعليم لعلمه أنها أساس رقي وتنمية المجتمع، إلى اهتماماته بالصحة للإنسان السعودي والمقيم على ثرى هذه الأرض الطيبة وهذا ما جعل هذه الأرض الطيبة أن تصبح مهوى لأفئدة كل مريض وسقيم في نواحي المعمورة حتى أصبحت مملكة الإنسانية بفضل الله ثم بالدعم اللامحدود من الوالد المرحوم محط أنظار العالم صحياً، هذا إلى غير ذلك كثير من الإصلاحات في الطرق والمواصلات والإسكان والضمان الاجتماعي وغيرها كثير من نواحي الحياة. وعرف عنه العالم أجمع - رحمه الله - بمبادراته السياسية المحنكة فهو من عاصر أسد الجزيرة الملك المؤسس - رحمه الله - وأخذ منه علم السياسة والواقع منذ نعومة أظفاره.. فلمسنا منه - رحمه الله - الهدوء السياسي والبعد عن المهاترات السياسية التي أدخلت دولاً كثيرة في الجوار في مشاكل كبيرة مثل ما حصل في العراق عندما دخل عدة حروب في عقدين من الزمان كان نتاجها أن فقدت كل أسرة عراقية ابناً لها وفقد المجتمع أهم مقومات التنمية وهو المال فلقد صرفت جميع الميزانيات على التسليح والسلاح وهي ما زالت تعاني من حروب أهلية طاحنة واستعمار بغيض، ودولاً أخرى في الجوار أدخلها قائدها في مهاترات سياسية فاشلة هنا وهناك كانت النتيجة أن دمرت البلاد اقتصادياً وتنموياً وسياسياً ودفعت المليارات من قوت المواطن المسكين لأسر عائلات المنكوبين في عدة طائرات أسقطها لأمريكا وفرنسا وألمانيا وغيرها. فكان - رحمه الله - حريصاً على إبعاد وطنه عن المهاترات السياسية غير المحسوبة العواقب التي جرّت الويلات كما ذكر. وله باع طويل في العمل العربي والإسلامي منذ تمثيله المملكة مع الفيصل - رحمهما الله - في مؤتمر سان فرانسيسكو ولإنشاء مجلس التعاون الخليجي ولمبادرة السلام في لبنان وللمبادرة العربية للسلام مع إسرائيل وغيرها كثير. وأنصع وأوضح دليل على احترام المملكة من دول العالم الأخرى الصدمة الواضحة لوفاته على تلكم الدول فمن دولة أعلنت الحداد لأخرى نكست أعلامها لثالثة أرسلت قادتها للتعزية من دول عربية وإسلامية وصديقة مما يدل على أن المملكة صديقة الجميع. رحم الله خادم الحرمين الشريفين فقد أدى الأمانة وخدم أمته ووطنه وما نقول إلا الحمد لله على قضائه وقدره ولا حول ولا قوة إلا بالله ونسأل الله أن يوفق ويسدد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي عهده الأمير سلطان بن عبد العزيز لكل الخير.. تعازينا للوالد القائد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز ولسمو ولي عهده الأمير سلطان بن عبدالعزيز وللأسرة المالكة وللأمة الإسلامية قاطبة ولمواطني وطني الكريم المملكة العربية السعودية ولصاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة القصيم ونائبه صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن ماجد بن عبدالعزيز. ويذهب الأفراد ويبقى الوطن عالياً شامخاً مرفوع الرأس والجبين رايته لا تنكس ولا تنزل حتى وإن مات القائد الملهم ليمسك بالدفة قائد وربان جديد والوطن أولاً وأخيراً. وإذا طل منا سيد قام سيد. ولله الأمر من قبل ومن بعد.
د.يوسف بن أحمد الرميح وكيل كلية اللغة العربية والدراسات الاجتماعية جامعة القصيم المستشار في إمارة منطقة القصيم |