Thursday 4th August,200511998العددالخميس 29 ,جمادى الثانية 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "متابعة "

وا حرَّ قلباه!وا حرَّ قلباه!



ما كان بَيتُ العزِّ يبنى عالياً
إلا وفهد مُحدَّب بفنائه
أبت النجوم سوى اختيال للذي
أضحى يُضيء الأرض من جوزائه
ومضت تحدث عن مآثر جده
جوابة بين الوغى وإبائه
فتألقت كل الديار بنوره
شرفاً وقهقه ثابتاً بسمائه
وتخضبت كف الكرام بجوده
وتدثرت روح الندى بسخائه
أشهدتُ ربي والملائك كلهم
وأقولها لله في عليائه
أني على دين يوافق دين من
ملك الفؤاد بشيبه ونسائه
متبسماً يا ليت شعري لو درى
ان الفؤاد متيم بولائه

كانت هذه قصيدتي الأولى في جريدة الجزيرة -جزى الله القائمين عليها خير الجزاء- في حبيب القلوب خادم الحرمين الشريفين، وكنت خارج حدود الوطن، ورأيته متبسماً وهو يرأس مجلس الوزراء في نشرة أخبار التلفاز السعودي، فنذرت تلك الليلة لحضرته بشهادة الشعر متأملاً إنجازاته ومكتسباته. ولا عجب في هذا الشعور الخالد في قلب أبناء الوطن تجاه هذا المليك لأنه المجدد وخادم القرآن والسنة. ويكفي من مآثره -رحمه الله- أنه جمع الأمة على مصحف واحد، وهي التي لم تجتمع على مثل هذا من القرن الأول الهجري. كان حديثه يفيض بالإسلام، وطريقته تنطق بالعقل والحكمة، استطاع بدهائه أن يخرج هذه الجزيرة من كل شر متربص بها وبأهلها. قائد استثنائي لمرحلة استثنائية باختصار، أليس هو القائل: (وعلي جعل الحكم بكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لا يد طائلة عليكم اليوم، فكتاب الله فوق الجميع. فالواجب عليكم هو معرفة الله تعالى والتمسك بكتاب الله وسنة رسوله وترك البدع والخرافات والتأدب بآداب الشريعة السمحة، وتوثيق عرى الألفة وأواصر النصيحة والإخلاص)، وقال في خطابه التاريخي بمناسبة صدور الأنظمة عام 1412هـ: (إن عماد النظام الأساسي ومصدره هو الشريعة الإسلامية حيث اهتدى هذا النظام بشريعة الإسلام في تحديد طبيعة الدولة ومقاصدها ومسؤولياتها وتحديد العلاقة بين الحاكم والمحكوم، والتي تقوم على الاخوة والتناصح والموالاة والتعاون.. والعلاقة بين الحاكم والمحكوم محكومة أولاً وأخيراً بشرع الله كما جاء به كتابه الكريم، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم)، بل انه يفتخر ويعتز بهذا المبدأ حيث قال: (نحن في هذه البلاد نفتخر ونعتز اننا متمسكون بعقيدتنا الإسلامية وسوف ندافع عنها بالنفس والنفيس). ذلك الموحد، ناصر السنة، محارب البدعة، من خلال التمسك بالعقيدة الصحيحة، أليس هو القائل: (كما حذرنا الرسول صلى الله عليه وسلم من الذين يريدون أن يدخلوا في الإسلام أموراً ليست من الدين في شيء، قال صلى الله عليه وسلم (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد).
وأثبت من خلال مسيرة التزامه بمبادئ المنهج الإسلامي صلاحيته ومسايرته لكل تطور باعتماده على الاعتقاد الصحيح وقواعد العدل والدعوة إلى التفكير والتدبر وإعمال العقل، قال (إننا نؤمن جميعاً أيها الإخوة أن الإسلام دين يخاطب العقل ويناهض التخلف في صوره وأشكاله ويشجع حرية الفكر ويستوعب منجزات العصر). ولذلك حرص -رحمه الله- على إقامة الندوات والمؤتمرات واللقاءات بين العلماء التي أعطت نتائج قيمة وثماراً نافعة ومن ذلك إنشاؤه لمجمع الفقه الإسلامي ليبحث في كل ما يتعلق بحياة المسلمين من مستجدات على المنهج الرباني.
إن المتأمل في جهوده -رحمه الله تعالى- في خدمة القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، يقف على صور كثيرة منها:
1- اتخاذهما مصدرين للأمة، منهجاً والتزاماً وتطبيقاً، قال (إن دستورنا في المملكة العربية السعودية هو كتاب الله تعالى الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى).
2- إنشاء أعظم صرح لخدمة القرآن بشهادة العلماء والفضلاء والشرفاء وهو مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، ذلك المشروع الذي جمع الله به على يديه الأمة، ويذكر لنا ان هذا المصحف بلغ مشارق الأرض ومغاربها وأصبح بين يدي كل مسلم دون مقابل مادي، وبخاصة أن بعض المسلمين لا يستطيع الحصول عليه. ومن أهم أهدافه: طباعة المصحف الشريف بالروايات المشهورة، وترجمة معاني القرآن الكريم وتفسيره إلى اللغات المختلفة وتسجيل تلاوة القرآن الكريم وإجراء البحوث والدراسات المتعلقة بالقرآن الكريم والسنة ونشر إصدارات المجمع على الشبكة العالمية وتلبية حاجة المسلمين في الداخل والخارج من إصداراته. وطباعة المصحف الشريف بطريقة برايل. والعمل على تربية الناس على هذين المصدرين في التعليم والإعلام عن طريق صياغة المناهج بما لا يتعارض مع الشريعة والمنهاج وبث ندوات ودروس ومحاضرات تبث عبر التلفاز والإذاعة تتعلق بالعلوم الشرعية والاعتماد على وسائل الإعلام لبث الإسلام والفكر الصحيح.
3- إنشاء (16) جمعية خيرية لتحفيظ القرآن، وتنظيم المسابقات في تلاوته وحفظه وتفسيره على المستوى المحلي والعالمي، ومنها الجوائز المحلية جائزة سيدي الأمير سلمان للبنين والبنات تقام كل سنة في الرياض وجائزة عالمية تحمل اسم المؤسس الملك عبدالعزيز -رحمه الله- تقام كل سنة في مكة.
وأما خدمة الحرمين الشريفين فقد عمل توسعة تخدم المسلمين لقضاء مشاعرهم بيسر وسهولة لم يجود بمثلها الزمان منذ الفجر الأول للإسلام ويكفيه فخراً أنه تنازل عن ألقاب الدنيا حباً في ارتباط اسمه -رحمه الله- بخدمتهما التي يراها تشريفا لحكام هذه البلاد حينما قال -رحمه الله-: (لقد طلبت من الأخ علي أقصد معالي الأستاذ علي الشاعر وزير الإعلام في منى أن لا يقول صاحب الجلالة، وقلت الجلالة لله عز وجل، وإنما يشرفني أن تقولوا خادم الحرمين لأنها أفضل عندي من صاحب الجلالة ومن أي شيء). وقد شهد الحرمان الشريفان في عهده أعظم توسعة في التاريخ وتم انفاق عشرات المليارات عليهما.
ولم يقتصر عليهما بل تجاوز اهتمامه إلى بيوت الله في أرجاء الأرض قال -رحمه الله- (نرجو من الجميع ان تتكاتف الجهود وتتضاعف الطاقات لخدمة ديننا الحنيف وأن نعيد للمسجد دوره المشرق ورسالته السامية ليكون منطلقاً للفكر لتخريج العلماء والدعاة المخلصين والأئمة المجتهدين). وشعوراً منه بأهمية الدعوة وتنظيم شؤون الدعاة أصدر أمره الكريم بإنشاء وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد وأكبر مهمة لها نشر العقيدة السلفية الصحيحة وإبراز وسطية الإسلام لتتولى الإشراف على الجمعيات والمسابقات ومراكز الدعوة في الداخل والخارج، وإعطاء الصورة الصحيحة للإسلام من خلال فكر نير وعقيدة صافية وإحساس بالمسؤولية تجاه الأمانة، قال -رحمه الله- (إن المستوى العالي الذي وصلنا إليه بفضل الله.. وهذا من كرم الله علينا، لأن هذه البلاد أنعم الله عليها أن تكون في خدمة الحرمين الشريفين بالإضافة إلى شيء مهم وهو تمسك هذه البلاد بالعقيدة الإسلامية نصاً وروحاً) وقال (ومن منطلق الإسلام والدعوة إليه، تتحدد سياستنا في الداخل) وقال إن أجدادنا الغر الميامين جاهدوا في سبيل الله وساروا في أرجاء الأرض فاتحين البلاد بسيوفهم الباترة، وفاتحين القلوب بإيمانهم وإخلاصهم حتى طهروا من الشرك والضلال وعمروها باليقين والتوحيد، فإذا كنا نفخر اليوم بجهادهم فإن الفخر لا يكفي ولابد لنا من أن نسير على سننهم، ونقفو آثارهم فندعو الناس في سائر أقطارهم إلى الإسلام وإلى التمسك بالقرآن والسنة المطهرة) ويقرر -رحمه الله- ان الداعية يجب أن يكون خبيراً بمداخل النفوس عن طريق الكلمة الطيبة والحكمة والموعظة الحسنة ولم يترك -رحمه الله- وسيلة ناجحة من وسائل الدعوة إلا استعملها ونصح بها، بل انه أنشأ إذاعة خاصة بالقرآن الكريم، تهتم بنشر فتاوى العلماء وبث التوعية ولم يقتصر على ذلك بل كان داعماً لقضايا العدالة والسلام في هذا العالم وعلى رأسها أم القضايا قضية فلسطين وتحقيق السلام في لبنان وتحرير الكويت.
عظم الله أجر الأمة في إمامها، وان العين لتدمع وان القلب ليحزن وإنا على فراقك يا أبا فيصل لمحزونون، وليس لنا إلا الصبر والاحتساب ونسأل الله تعالى أن يمد مليكنا خادم الحرمين الشريفين عبدالله بعونه وتوفيقه، والله من وراء القصد.
عبدالله بن ثاني

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved