Thursday 4th August,200511998العددالخميس 29 ,جمادى الثانية 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "متابعة "

ورحل الملك الإنسانورحل الملك الإنسان
سهم بن ضاوي الدعجاني ( * )

(الملك فهد في ذمة الله)، (خادم الحرمين الشريفين في ذمة الله)، هاتان العبارتان المملوءتان حزناً والنازفتان ألماً، تنافستا في الحضور الصباحي، يوم الاثنين الماضي، أول أغسطس الذي فاح حرّاً، هنا في الرياض، وكأن ذلك إيحاء منه بحرارة الألم المصاحب لذلك الخبر الفجيعة، عندما سمعنا وقرأنا على الشاشات المختلفة وفاة خادم الحرمين الشريفين، خصوصاً عندما أنصتنا جميعاً لوزير الثقافة والإعلام السيد إياد مدني عندما قرأ: بيان من الديوان الملكي (ببالغ الأسى والحزن ينعى الديوان الملكي باسم صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز وكافة أفراد الأسرة ونيابة عن الأمة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز حيث وافته المنية بعد مرض عانى منه، (إنّا لله وإنّا إليه راجعون) وعندما ذرف الجميع الدمع بعد هذا (البيان) الفجيعة كان العزاء على جناح (البيان الثاني) الذي تلاه الوزير عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة قائلاً:
(لقد قام أفراد الأسرة بمبايعة صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ملكاً على البلاد، وفق المادة الخامسة من النظام الأساسي للحكم، وبعد إتمام البيعة، أعلن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ملك المملكة العربية السعودية اختيار صاحب السمو الملكي الأمير سلطان ولياً للعهد حسب المادة الخامسة من النظام الأساسي للحكم. وقد بايع أفراد الأسرة سموه على ذلك).
فجعنا البيان الأول وخفف - بفضل الله - مدامعنا البيان الثاني، عندما أكدت الأسرة الحاكمة تماسكها والتحامها في أحلك الظروف لتبرهن للحاسدين تماسك البيت السعودي، عندما انتقلت السلطة بعد وفاة خادم الحرمين الشريفين إلى أخيه الأميرعبدالله والأمير سلطان بسلاسة وهدوء، مما ينبئ عن شدة (تماسك) المؤسسة الحاكمة في بلادنا وزيف الادعاءات التي مللنا نحن السعوديين سماعها من هنا وهناك أمّا الحديث عن مناقب الفقيد الراحل الذي يستحق أن يوصف ب(الملك الإنسان) الذي عرفه الناس في مشارق الأرض ومغاربها ب(خادم الحرمين الشريفين)، فهو حديث ذو شجون منذ ولادته - رحمه الله - وحتى تتويج مسيرته العطرة بملك المملكة، ومن خلال رصد سريع لملامح حضور خادم الحرمين الشريفين الراحل في ذاكرة (الإنسان) في الداخل والخارج نجد هذه الصور الجميلة ومنها:
* الملك الرائد.. فهو - بحق - رائد في كثيرٍ من المجالات الحيوية على الصعيد الداخلي والخارجي، فهو في الداخل على سبيل المثال رائد التعليم، حيث تولى وزارة المعارف ونجح في وضع الخطوط العريضة للبنية التحتية للإنسان السعودي المعاصر، خلال فترة توليه الوزارة، واستمرت الوزارة في هذا النهج بعده - رحمه الله -.
* رجل الأمن الأول.. وخادم الحرمين الشريفين - رحمه الله - هو رائد العمل الأمني، حيث تولى وزارة الداخلية وشهد له المنصفون بدوره الرائد في تشكيل العقلية الإدارية الأمنية المبنية على (الحلم) و(الأناة) في معالجة قضايا الملف الأمني عندما كان وزيراً للداخلية السعودية.
* رائد العمل الإسلامي.. ويكفيه - رحمه الله - فخراً ما أعلنه ذات يوم عن عزمه على تحويل رغبته في أن يسمى (خادم الحرمين الشريفين) بدلاً من لقب (صاحب الجلالة)، إلى واقع معاش وما زلت أذكره صوتاً وصورة من خلال مشاهدتي للتلفزيون السعودي وهو يعلن هذا (الاسم الجميل) الذي أدخله إلى قلوب ملايين المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها خصوصاً أنه نجح في ترجمته إلى واقع ملموس تشهد به ساحات البيت الحرام وساحات المسجد النبوي الشريف وكذا طباعة المصحف الشريف باسمه وعلى نفقته - رحمه الله -.
* رائد العمل الخليجي.. بل إن خادم الحرمين الشريفين - رحمه الله - يستحق أن يطلق عليه (مؤسس) البيت الخليجي، من خلال حضوره المميز والحكيم بين إخوانه قادة دول مجلس التعاون ولن ينسى العالم وقفته التأريخية وقراره الحكيم باستدعاء القوات الأجنبية لإخراج المعتدي الأثيم صدام حسين الهالك من جارتنا (الكويت) وإعادة الحق إلى أهله، ولم يكتفِ - رحمه الله - بهذا، بل فتح قلبه وبلاده للإخوة الأشقاء الكويتيين إبان أزمتهم، حتى تجاوزت المنطقة الأزمة.
يصعب الإحاطة بحجم الألم الذي لحق بالمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، عندما سمعوا بنبأ وفاته - رحمه الله - فكل مسلم يمر عليه اسم (خادم الحرمين الشريفين) يقفز فوراً إلى ذاكرته صور (البيت الحرام) و(المسجد النبوي) و(المشاعر المقدسة) و(منظر الحجيج) في يوم عرفة ويوم الحج الأكبر، فهنيئاً لخادم الحرمين الشريفين بهذه الصدقات الجارية بحول الله إلى يوم القيامة.
وفي الختام..
سيظل صباح يوم الاثنين 26 جمادى الآخرة لهذا العام 1426هـ، أول أغسطس 2005م علامة بارزة في خريطة الألم العربي والعالمي بفقد خادم الحرمين الشريفين، أما نحن أبناء هذا البلد، الذين عرفوا المليك الراحل إنساناً ومواطناً قبل أن يكون ملكاً، فإن (الخبر) نزل على قلوبنا كالصاعقة قبل أسماعنا لكننا لا نقول إلا: إنّا لله وإنّا إليه راجعون ولا يسعنا إلا الدعاء للملك فهد بالرحمة والمغفرة ولخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ملك البلاد ولولي عهده الأمين الأمير سلطان بالتوفيق والسداد في إدارة شؤون البلاد.

* مدير مركز حمد الجاسر الثقافي بالرياض

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved