Tuesday 30th August,200512024العددالثلاثاء 25 ,رجب 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "تحقيقات"

التربويون يطالبون بإعادة رئتهم الثالثة إلى سابق عهدهاالتربويون يطالبون بإعادة رئتهم الثالثة إلى سابق عهدها
المسرح المدرسي.. النجم الذي أفل!

  * رفحاء - منيف خضير:
قد يرى الكثير من التربويين أن الحديث عن المسرح المدرسي ما هو إلا اجترار للماضي واستعادة الاسطوانة المشروخة التي لا تزيدها الإعادة إلا مزيداً من الشرخ!.
ولكن المتفائلين من التربويين يرون فرصة سانحة لإعادة فتح الملفات التربوية العتيقة التي تزداد الحاجة إليها مع الظروف الراهنة والتي وضعت مجتمعاتنا المحلية في اختبار مع النفس.. هذا الاستطلاع ما هو إلا نداء موجه لمعالي وزير التربية والتعليم الدكتور عبدالله العبيد لإعادة النظر في المسرح المدرسي الرئة الثالثة التي يتنفس منها التلاميذ ومعلموهم على حد سواء.
نظرة التربويين
يصف مارك توين المسرح قائلاً: (إنه أقوى معلم للأخلاق وخير دافع إلى السلوك الطيب) ولا يخفى ما للمسرح المدرسي من أهمية في نمو الطالب المعرفي والوجداني وتنمية مكتسباته وصقل مهاراته. إن الأهداف التربوية التي تأسس في ضوئها المسرح المدرسي ما تزال قائمة، بيد أن هذا الزائر الجميل الذي يداعب أخيلة التلاميذ انحسر واختفى.. الجزيرة التقت بعض المهتمين بهذا الشأن من التربويين والطلاب، فكانت هذه الحصيلة.
يقول سعود فرحان العنزي: المسرح المدرسي أداة للتعلم والتثقيف والإغناء الروحي والوجداني، ولا يمكن الاستغناء عنه في أي مرحلة يعيشها المجتمع أو الأفراد فالمسرح المدرسي رافد من روافد الحركة المسرحية في البلد والمغذي للمسرح الوطني بالطاقات الوطنية المبدعة.
وتتبع الأهمية الخاصة للمسرح المدرسي برأي عيد نواف الشمري من كون المدرسة والتربية عموماً أهم ركن تتبلور فيه شخصية الإنسان من النواحي الوجدانية والعقلية، فالمسرح المدرسي منعتق من العلاقة الإنتاجية التي تقيد حركة المسرح القومي والوطني، وهذا التحرر كفيل بحفز حراك مسرحي متميز وخلاق على مستوى الوطن، شريطة أن يتم الأخذ بيد المسرح إلى آفاق ارحب بالدعم المادي والمعنوي.
تراجع دور المسرح
يشير فهد بن راوي العنزي في هذا الصدد إلى صورة قاتمة تم رسمها للفن المسرحي عموماً وجرى تكريس هذه الصورة السوداوية لدى قطاعات واسعة من الشباب وذلك ناتج من رؤية للمسارح العربية التي فيها جرعة زائدة من التحرر لا تتناسب مع تقاليدنا الدينية والاجتماعية المتسمة بالمحافظة. ولا داعي للذكر بأن المسرح المدرسي يطرأ عليه ما يطرأ على الفن المسرحي بشكل عام. يضاف إلى ذلك افتقار كثير من المدارس لوجود مسارح مجهزة خصوصا ونحن نعاني من أزمة المباني المستأجرة، كذلك من أسباب هذا الضعف تراجع الأنشطة الطلابية عموماً وتكسلها بشكل أصبحت معه طاردة ومنفرة للطلاب بسبب جمودها وتخلفها على المجالات والأصعدة كافة.
* هناك كثيرون يتشاءمون من مستقبل المسرح في ظل انتشار البث التلفزيوني والتطور الهائل في تقنية الأقمار الاصطناعية، ما صحة هذا القول؟ وما طبيعة العلاقة بين المسرح والتلفزيون؟
لا يتصور عيد بن نواف الشمري أن هذا التشاؤم مبرر، فلقد جرى بحث هذه القضية كثيراً وذهب كثير من المسرحيين العالميين إلى العكس وقالوا بأن التلفزيون هو مساعد للمسرح ومكمل له وليس بينهما تضاد، فعندما تنقل المسرحية على التلفزيون ويشاهدها 17 مليون مشاهد، فلكي يحضر هذا العدد إلى المسرح فأنت تحتاج إلى سنين عديدة من العرض المتواصل، بينما التلفزيون ينجزها في ساعات محدودة.
ويؤكد فهد بن راوي العنزي على تكاملية العلاقة بين التلفزيون والمسرح ويقول: كثيراً ما يتردد بأن المسرح ملك لرجال الثقافة بينما التلفزيون ملك لرجال المال والتجارة، وفي هذا الوضع لن يكون من هم التلفزيون -ونحن نشهد هذا التسابق الفضائي المحموم- أن يبادر إلى رعاية الثقافة ونشر الفن المعبر عن تراث المجتمع. ويرى الكاتب المسرحي الإيطالي ألدو نيكولاج أن (التلفزيون وسيلة مهمة من وسائل الاتصال بالجماهير العامة، يجب ألا تكون بأيدي من لا يهتمون إلا بالإنتاج التجاري، بل يتحتم أن تبقى ملكا لرجال الثقافة).
ثقافة وإبداع
* كيف يصمد المسرح المدرسي في وجه المتغيرات ويعود إلى ممارسة دوره الرئيس في نشر الفكر التنويري والثقافة القادرة على خلق الإبداع والتميز؟
يقول سعود بن فرحان العنزي: إن المسرح المدرسي في الظرف الراهن مدعو إلى التخلي عن الأشكال التقليدية الموروثة التي لم يعد يلتفت إليها أحد، فالمسرح المدرسي مدعو أكثر من أي وقت مضى إلى مراجعة لواقعه المتأخر وهجر أساليبه التقليدية البالية، فلا بد للمسرح المدرسي أن يترك البرج العاجي الذي ما زال يقبع عليه، فيجب أن تكون خشبة المسرح ميداناً حقيقياً للحوار والنقاش الجماعي عن الواقع المعاش سواء في المنزل أو المدرسة أو الشارع بدلاً من اجترار الحديث في التاريخ وتجاهل الواقع.
ويرى عيد نواف الشمري أن المكانة التي يراد للمسرح أن يتبوأها لن تتحقق طالما لم يلامس المسرح الهم الشعبي في الشارع، فقد أثبتت التجارب أن المسرحيات التي تنزل لمستوى الشارع وتناقش الهموم اليومية لرجل الشارع هي التي تحدث الأثر وتبقى حية في أذهان الجمهور.
تساؤلات طلابية
* ونسأل بعض الطلاب عما يريدونه من المسرح المدرسي؟ وهل يحقق طموحهم؟
يتساءل الطالب أحمد بن علي العنزي بألم: أين هو المسرح المدرسي؟ فنحن في مدرسة ثانوية لم نشهد إقامة مسرحية واحدة طيلة فترة دارستنا الثانوية، وكذلك حال بقية زملائنا في المدارس الأخرى!! فمثلاً يتكرر أمامنا في الاحتفالات الختامية للأنشطة الطلابية مشهد الحضور الكثيف لبعض المدارس النشطة التي تشكر على جهودها فيما نلحظ الغياب لمدارس أخرى لا نعرفها إلا من خلال اسم المدرسة المعلق على الباب الخارجي لها.. ويأمل أحمد أن يتاح المجال للطلاب في إعداد المسرحيات واختيار موضوعاتها، وقبل كل ذلك توفير المسارح المجهزة في المدارس من ناحية التقنيات المطلوبة والمستلزمات الفنية من ملابس وديكور وخلافه.
إلى ذلك يؤكد الطالب فلاج حماد الشمري على رأي زميله ويطالب بالإكثار من العروض المسرحية وعدم حصرها في الاحتفالات الختامية للأنشطة الطلابية، ولا يرى فلاج مانعاً من أن تكون العروض المسرحية شهرية أو كل شهرين وخاصة في المرحلة الابتدائية التي يحتاج فيها الصغار إلى المرح والترفيه بجانب التعليم، فالتعليم المقرون بالترفيه يحدث أثراً واضحاً لا ينساه الطالب. كذلك لابد من إشراك جميع الطلاب أو أكثرهم في النشاط المسرحي تحديداً، فنلاحظ الآن بأن الاختيار يقع على الطلاب المتفوقين حتى وإن كانوا غير موهوبين مسرحياً، فيما نجد طلاباً آخرين يمتلكون مواهب تمثيلية نادرة ومن الممكن أن يصبحوا نجوماً في المستقبل لو أتيحت لهم الفرصة في مسرح المدرسة.
* ما الذي يعيق النشاط المسرحي، في رأي الطلاب، ويجعل فائدته محدودة؟
أهم العوائق برأي الطالب أحمد بن علي العنزي تتمثل في عدم وجود من يدرك أهمية المسرح، فالقائمون على المسرح والنشاط في المدارس أغلبهم لا يسعى للإبداع بل يذهب ويحضر مسرحيات ونشاطات موجودة ويكررها في كل سنة حتى تفقد من يتابعها، ويضيف الطالب فلاج حماد الشمري إلى هذا العائق عائقاً آخر وهو عدم وجود وقت مخصص للمسرح ويطالب بتخصيص حصة واحدة على الأقل أسبوعياً تتسابق فيها فصول المدرسة بتنظيم مسرحيات قصيرة ويتم اختيار أفضل عرض وتكريمه، وستكون هذه خطوة إيجابية في دعم المسرح وتشجيع الطلاب على الاستفادة منه.
* ما المستقبل الذي ينتظر المسرح المدرسي؟ وما مسؤولية وزارة التربية والتعليم تجاه المسرح؟
يرى فهد بن راوي العنزي بأن المسرح المدرسي بواقعه الراهن لا يعطي إشارات تطمينية للمستقبل، فهذا الغياب وهذا التراجع للمسرح المدرسي سيطول طالما لم تتحرك الوزارة وتفعل دوره من خلال الدعم المادي والمعنوي ووضع الأسس التي يقوم عليها النشاط المسرحي داخل المدارس. ويضيف عيد نواف: إن الوزارة مسؤولة ومطالبة بتشجيع المدارس على تفعيل مسارحها بحرية ومن دون التقيد بمواعيد محددة كما هو الحال الآن، فالرأي هو أن يترك للمدرسة كامل الحرية في إقامة المسرحيات الهادفة والاحتفالات المصغرة ويستحب أن تكون مسافاتها متقاربة وليس كما يحدث الآن!
إلى ذلك يبدو سعود بن فرحان متشائماً من مستقبل المسرح ويلقي بالمسؤولية على تلك الفوبيا التي تتملك البعض تجاه الفن المسرحي ولا يحمل الوزارة المسؤولية وحدها، فهذه النظرة السلبية تجاه الفن المسرحي هي وليدة رؤى قاصرة أسهم ضعف الدعم الوزاري في تكريسها تجاه المسرح، والأمل هو في قيام جهد توعوي يسنده تنظيم وتقنين من وزارة التربية والتعليم يعيد للمسرح المدرسي وهجه وحضوره.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved