تهدف الزيادة في رواتب الموظفين الحكوميين السعوديين ومخصصات الضمان الاجتماعي ودعم مجموعة من الصناديق والمشروعات إلى تحسين مستوى معيشة أفراد المجتمع بشكل مباشر وآخر غير مباشر. ولا شك أن الأثر المرجو من هذه الإجراءات لا يتحقق إلا بتضافر جهود أطراف أخرى مع الحكومة.
ولعل أبرز مصادر التهديد التي تبرز في مثل هذه الحالات وتهدد بتدمير الفكرة من أساسها هو استغلال التجار الزيادات في الرواتب بشكل خاص وزيادة أسعار السلع والخدمات الاستهلاكية وهذا السلوك لا يلغي الأثر المرجو من هذه الزيادات بل ربما أدى إلى عكسه وذلك عندما تزاد الأسعار بنسب تتفوق على الزيادة في الرواتب والمخصصات.
والتعويل على تعاون التجار مع الحكومة في هذا الجانب ليس كافياً وحده بل لا بدّ من اتخاذ إجراءات تكفل احترام إرادة القيادة في إحداث تعديلات مهمة في مستوى معيشة المجتمع، وخاصة أن هذه الإرادة قد أصبحت هدفاً وطنياً تدعو إلى تحقيقه مجموعة من الاعتبارات المحلية والخارجية.
وتحسن مستوى المعيشة سيصب إن عاجلاً أو آجلاً في جيوب التجار والمستوردين، فما يمكن الحصول عليه بطريق زيادة الأسعار يمكن الوصول إليه بطريق زيادة الإنفاق المتوقع على السلع والخدمات.
وتتأكد هذه الفرضية في المجتمع المحلي حيث يشكل الإنفاق الاستهلاكي ثلثي الناتج المحلي الإجمالي، ونسبة ما يتجه نحو الإنفاق الاستهلاكي من أية زيادات في الدخول 85%.
وإلى جانب الرقابة الشديدة للأسواق لمنع أي تلاعب بالأسعار ووجود آلية سريعة وفعالة يتمكن بوساطتها المستهلكون من الإبلاغ عن التصرفات المريبة في الأسواق، فإن هناك تدابير أخرى لا بدّ من تبنيها مثل تجريم الممارسات الخاطئة في السوق مثل الاحتكار ورفض العمل بأجر المثل، وسن الأنظمة التي تسمح بمقاضاة ومعاقبة من يمارسها. ويوفر الفقه في هذا الجانب مساحة واسعة لولي الأمر للتدخل وضبط عمل الأسواق لضمان عدم الإضرار بمصالح المتعاملين أو استغلال بعضهم بعضاً.
ومن هذه التدابير إلزام أصحاب المحلات بتحديد أسعار السلع بناء على وحدات معيارية، وتكون هذه الأسعار واضحة إلى جانب الأسعار المعتادة؛ فمثلاً يوضح سعر الكيلو من الأرز للعبوات والأنواع المختلفة، ويوضع هذا السعر إلى جانب سعر الكيس؛ وذلك حتى تسهل الموازنة بين أسعار الأنواع المختلفة للسلعة وحتى يستطيع المستهلك التعرف على التغيرات التي تطرأ على الأسعار؛ إذ إن كثيراً من الزيادات في الأسعار بالنسبة للمواد التموينية تتم عن طريق إجراء خفض للسعر بنسبة محدودة للعبوة وخفض بنسبة أكبر للوزن أو السعة، ثم توضع الإعلانات والحملات الدعائية عن تخفيض الأسعار ويكتفى بكتابة الوزن أو السعة الجديدين بخط صغير على العبوة نفسها.
| 
"الاقتصادية"