Thursday 22nd September,200512047العددالخميس 18 ,شعبان 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "سماء النجوم"

حياتي...... أمل الفارانحياتي...... أمل الفاران

منذ أكثر من عام ببالي فكرة رواية عظيمة.. وهي فكرة رائعة.. طبعاً لن أحكيها لكم حتى لا تُسرق فلست ممن يلقون أفكارهم على قارعة الطريق.
فكرتي عذّبتني لطول ما ألحت عليَّ دون أن أقدر على إتمام الفصل الأول منها.. ما كان العيب فيها لا ولا في قدراتي بالتأكيد (فأنا كاتبة عظيمة).
العيب في ظروفي التي تلتهم وقتي وتضيع جهدي فأنّى لي بمكان أنزوي فيه بعيداً عن أعين الأهل والصديقات حتى أفرغ من الكتابة؟!
يبدو ذلك مستحيلاً فحتى غرفتي لا يسمح لي أن أغلق بابها عليَّ ساعتين متصلتين (خاصة إن كنت سأكتب).
هل بدأتم بالتفكير في حلول تساعدني؟
أرجو ألا تفعلوا فالمشكلة لم تبدأ بعد.
لنقل أنها ولدت مع (دوللي) وكلكم تذكرون دوللي النعجة إلا إن كانت دعاية الفياجرا قد أنستكم ما قبلها.
أنا لما رأيت صورة دوللي فكرت، حلمت بدوللي بشرية تكون نسخة بديلة عني وتحل محلي حتى حين.
ظل ذلك حلماً إلى أن قرأت في مجلة أجنبية عن ذلك الدكتور الذي غدا لاحقاً شريكي في تحقيق أمنيتي.
هو أيضاً كان مبهوراً بدوللي ويطمح أن يكون أول من يستنسخ واحدة آدمية.. ورغم أن ذلك محظور في بلده إلا أن شهوة التجربة أحرقته.
لن أدخل في تفاصيل يعتبرها صديقي الدكتور سرية.. فقط سأخبركم أنا التقينا في ظروف معينة وضعناها بعد أن اتفقنا أن آخذها معي عدة أشهر لتكون بديلتي ومتى انتهيت من كتابة روايتي أعيدها له ليتم عليها تجاربه.
ماذا أقول لكم عنها؟ إنها أنا.. فقط هي أهدأ قليلاً، أكثر إطاعة لأمي، أشد حناناً مع جدي خدومة لإخوتي، صموتة كما يتمنى أبي ومجتهدة كما تريد معلماتي (ذلك أني جعلتها تنوب عني حتى في المدرسة).
منذ جاءت اعتكفت أنا في ملحقنا المهجور فيما صارت هي تزودني بالطعام والأخبار كل ليلة.. كان ذلك مسلياً جداً، أول ليلة كانت الأكثر إثارة، لم أستطع أن أخط حرفاً واحداً ظللت أنتظرها بلهفة. آخر الليل لما سمعت خطواتها مقبلة غالبت ضحكتي.. فتحت هي الباب ووقفت به ساكتة لدقيقتين متواصلتين.. في نظرتها الحادة شيء من غضب.. كنت أستحثها على الجلوس والكلام.. لما جلست بكت طويلاً ومن بين عبراتها تدافعت كلماتها: أبوك ما يطاق، أمك ملحاحة، إخوتك يلزمهم إعادة صياغة..
ضممتها بقوة: أنت تشبهينني جداً.
لن أروي لكم تفاصيل الأيام التالية فتلك أسرار عائلية..!
لما شارفت على إتمام روايتي انقطعت بديلتي عن زيارتي ثلاثة أيام متتابعة.. قلقت عليها لذا لما انتصفت الليلة الرابعة لم أطق صبراً.. ما ان اُطفئت أنوار المنزل حتى تسللت عبر الحديقة إلى حجرتها (حجرتي) دنوت من نافذتها فسمعت همسات غريبة ألصقت أذني بها فالتقطت مفردات عجيبة.. بصعوبة أدركت أنها تهاتف رجلاً!!.
وهنت أطرافي، أحسست أن يداً من حديد تضغط صدري.. أنفاسي باتت تطلع بمشقة.. تكومت تحت الجدار تائهة بردانة: هذا - إذاً - الذي ألهاها عن المجيء إليَّ!!.
موجة غضب عارمة استبدت بي وأنا أتساءل: ماذا أفعل؟ تخيلت أني أقتحم المكان وأحطم الهاتف على رأسها دون نقاش لكني لما تكاملت صورتها بخيالي ارتعت..
انتزعتني ضحكتها من خواطري.. تسمعتها حتى سكتت عن الكلام المباح وصكت السماعة.. عزمت أمري ثم انتظرت حتى استوت في فراشها بعدها طرقت النافذة وطرقتها مرة أخرى لما طال انتظاري.. بتردد أزاحت الستائر فطالعتني عيناها وجلتين.. تفرست فيها ثم حمدت الله سراً: الآن أنا واثقة أن خطاياها لم تتجاوز الاتصال.. خوفها أنبأني.
بدت مترددة وهي تساعدني للقفز من النافذة للداخل.. ثم تمالكت نفسها واستفهمت مني عما أريد.. لم تعتذر عن غيابها ولم أكن أنتظر منها ذلك.. كنت قد قررت أن نتبادل المواقع إلى أن أجد سبيلاً لترحيلها.. سردت كذبتي باختصار مدعية أن الدكتور يريد منها أن ترجع حالاً.
ببرود ردت: وما قلت له؟
- ماذا كنت أقدر أن أقول؟
تعرفين أني أحببتك ولكن الموضوع كله في يده.
لم أظفر منها سوى بنصف ابتسامة طويلة أشعرتني أني صغيرة جداً ومفضوحة جداً.. تدافع الدم الحار لوجهي فخفضت عيني متمتمة: ما بقي وقت كاف.. يمكن يجي في أي لحظة.. عجلي، تجهزي.
بثقة وهي تضغط على كل حرف أجابت: ما أنا برايحة. شعرت أن يداً خفية أطبقت على روحي وقذفتني بعيداً.. بعيداً.. كدت أبكي حتى هي انتبهت لأول دمعة حارت في عيني.
تمتمت لي: اسمعي.. بصراحة حياتك أعجبتني وما أبغي أفرط فيها.. لكن ما دامت ذي رغبتك فسأروخ.
قبل أن أفرح أكملت: فقط وحتى تعتقدي أن غششتك لازم أعلمك بشيء ما حكيت لك عنه قبلا.. من شهر تقدم لي واحد من الأقارب.
التفت لها مصعوقة.. فواصلت بنفس النبرة.. وأنا وافقت لأن أمي تقول إنه رجال طيب وأخلاقه عالية.
صرخت: وصديقك آخر الليل أخلاقه عالية وطيب؟!.
خلافاً لتوقعاتي رفعت رأسها بهدوء وأومأت بيدها: لا.. ذا مجرد تسلية إلى أن يتم زواجي.. هذه المرة انتحبت.. ما عاد من داع لأخفي ضعفي أما هي فلم تتحرك حتى سكت، عندها نظرت إليَّ طويلاً ثم وضعت يدها على كتفي.. قالت: لا تبكي فكري في حل وتذكري أنها ما كانت غلطتي من البداية.
قلت: زين! الحل أن تختفي واحدة منا قبل أن يطلع الصبح. أدري أنك تبغين الحياة أما أنا فأبغى أكثر.. إذاً أنا أقرر..
بعدما ساعدتني على الخروج من النافذة عدت لملحقنا المهجور وقضيت الليل كله أراجع نص روايتي..
وفي الصباح سلمتها إياها لتنشرها كما وعدتني بعد أن أغيب.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved