Tuesday 1st November,200512087العددالثلاثاء 29 ,رمضان 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "الرأي"

إلى المؤذن والإمام والخطيب:إلى المؤذن والإمام والخطيب:
إن لم تكونوا أهلاً فاعتذروا!
محمد بن عبد العزيز الكريديس/بريدة

أطل علينا معالي الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد إطلالة مباركة في هذه الصحيفة الغالية في عددها الصادر يوم الأربعاء الثالث من شهر شعبان، وكان معاليه قد التقى الأئمة والخطباء في اجتماع عقد معهم في مدينة جدة، وتطرق إلى بعض النقاط التي أثارت في نفسي شيئا كامنا وحركت ساكنا كان يؤرقني كلما جادت الذاكرة بتذكره من الوضع المؤلم تجاه (بعض) الأئمة والخطباء الذين رأيتهم وما زلت أرى (بعضا) منهم يتنافسون تنافسا قد يصل إلى حد إثارة الكراهية والأحقاد فيما بينهم على تسنم هذه (الوظائف) والاستفادة من دخلها ومرتبها.
ولقد وافق كلام معالي الوزير شيئا في نفسي مبتهجا أن صدرت هذه الإشارات من معاليه كونه هو المعني بهذه الشؤون الخاصة بهذا المجال، وكان من أبرز ما ذكره (أن الإمامة والخطابة ليستا مهمة يتسابق إليها الناس لأجل دنيا أو ذكر أو ما شابه ذلك، وإنما هي أمانة عظيمة يقوم بها العبد في الصلاة لله عز وجل)، صدقت يا معالي الوزير إنها أمانة عظيمة ومسؤولية كبيرة.. بيد أن واقع (بعض) الأئمة والخطباء الآن يشهد بخلاف ذلك من التسابق (المخجل) في بعض الأحايين على الإمامة والأذان في المساجد والخطابة على المنابر من غير كفاءة ولا أهلية وغياب الوعي التام بعظم أمانة هذين المنبرين حتى أدى ذلك إلى (موت) بعض المساجد علميا واجتماعيا، مما أدى إلى طمس معالم الرسالة السامية للمسجد وكونه مهد الانطلاقة الكبرى للدعوة والتوعية والتثقيف، وكونه كذلك أعظم مجمع للترابط الاجتماعي والتكافل الاخواني بين المصلين.
أقول وبكل أسف إن كثيراً من المساجد الآن بات وشيك (الإغلاق) لم تعد هناك جماعة ثابتة في المسجد فالكل يبحث عن راحته وهو يؤدي فريضته، وقد يكون الإمام أو المؤذن قد تحملا النصيب الأكبر من وزر هذا الإغلاق لبعدهما الاجتماعي والروحي عن جماعة المسجد، فبمجرد ما يؤدي كل منهما ما عليه حتى ينطلق إلى سيارته (باترا أذكاره وهاجراً للسنة) وبشيء من الألم أقول إن الكثير من الأئمة والخطباء الآن لم يعد يعنيهم أن يتخلف أحد جماعة المسجد عن بعض الصلوات ولا ثمة عذر شرعي مسوغ فالأمر عند أكثرهم لا شيء!! ولم تعد تشغلهم الشقق التي بجوار المسجد مكتظة بالشباب المتخلف عن الصلاة!! إن هذه النماذج من الأئمة هم كثر وفوق أن يحصوا فشلوا في أداء الأمانة على أكمل وأتم وجه ولم يقدروا الثقة الكريمة التي منحتها لهم الوزارة في تعيينهم أئمة في المساجد وخطباء على المنابر، حتى أنك تستمع ويروى لك عن كثير من الخطباء لا يحسنون التخاطب مع الحضور وليس عندهم مهارات الإلقاء والتخاطب ولا ثمة تقدير للأحداث والمناسبات والتحدث عنها والتوعية بها، وليس هناك احترام لعقول السامعين وغير ذلك مما يجعلك تتساءل ما هذه الثقة المفرطة في بعض الخطباء ليرتقوا هذه المنابر من غير أهلية ولا كفاءة؟!
ولقد تحدث معالي الشيخ صالح عن أئمة المساجد قائلا: ولابد للإمام أن يكون واعياً بما يدور حوله ولكن بما انتشر وذاع وقد يقول الإمام أشياء الناس في غيبة عنها ولكن بين ما انتشر ومن استطاع من الأئمة أن يكتب في صحيفة أو يلقي موعظة في مسجد أو درس فهذا أفضل، وهذا كلام متزن يجب على كل إمام وخطيب أن يجعله منطلقا له في تعامله مع المصلين في توجيههم وإرشادهم بأمر دينهم ودنياهم.. ولكن وبكل حرقة إذا نظرت لواقع (بعض) الأئمة والخطباء الآن تجد أنهم إما صامتون مطرقون يؤدون ما عليهم من واجب الصلاة ويمضون!! وإما في واد بعيد غير آبهين بما يدور حولهم من قضايا عصرية ومستجدات علمية قد تنطلي فوائدها أو أهدافها ومراميها على الكثير من الناس فيحتاجون حينها الى من يبصرهم ويرشدهم ويبين لهم ذلك، وأقرب ما يكون هذا المرشد والمعلم هو إمام المسجد أو الخطيب فلا يجدون إمامهم أو خطيبهم إلا مغردا فيما لا ناقة لهم فيه ولا جمل، في غياب كامل أو تغييب للواقع الذي يلف ويحيط بنا.
ثم أشار معالي الشيخ في لفتة مهمة وقضية حساسة حيث قال: الإمامة ليست غنيمة بل هي مسؤولية عظيمة وأمرها عظيم، فإن لم تكن أهلا لها فاعتذر وهي وظيفة شرعية وليست حكومية والغياب إذا كان لحاجة فهذا عذر والمسألة في حاجة إلى محاسبة للنفس ونظام الدولة لا يجمع للشخص بين وظيفتين، وإنما هي رزق لإعانته على واجبه الشرعي.الذي أعرفه وأطالعه حولي أن الإمامة هي عند من يحصل عليها الآن في هذا الوقت (غنيمة بل وباردة) وما ذاك إلا للصعوبة البالغة التي تواجهك حينما تهم بالبحث عن مؤذن أو إمام مسجد ولقد حدثني أحدهم أنه تقدم لإجراء اختبار للقبول لإمامة أحد المساجد والذي تقدم عليه آنذاك (30) شخصاً ما بين صغير وكبير!!وإني أنادي مع معالي الوزير الأئمة والخطباء إن لم تكن أهلا لها فاعتذر فإنه والله من الظلم لجماعة مسجدك أن تقبض مرتبا على إمامتك أو أذانك لهم وحضورك في عدد أيام الشهر تكاد تحصيه بعدد أصابع يديك، وأصحاب هذا الأنموذج كثر حتى أن (الحاجة) التي يسوغ بها أولئك غيابهم أصبحت متعددة المشارب والمسالك فكل سفر فهو لحاجة! وكل نزهة هي لحاجة! وكل ما يعترض الشخص من مهم وغير مهم هو حاجة ملحة تسوغ الغياب والتخلف عن الحضور وأداء الواجب المنوط به، وعن مسألة غياب الأئمة والمؤذنين أتمنى من الوزارة لو وضعت ضوابط شديدة وعقوبات جادة للحد من هذه المشكلة (الشرعية) التي فيها إخلال بالأمانة وتضييعا لها ومراقبة ومحاسبة أصحاب (الشهور) ممن لا يرتضون التخلف يوما أو يومين بل شهر أو شهرين لا لشيء ضروري وإنما هكذا كما يسميه الكثير (استجمام!) ولا سيما ومع اقتراب شهر رمضان المبارك الذي يكثر فيه الغياب بحجج كثيرة، كذلك متابعة ومراقبة العلاقات (الودية) التي تتم بين مراقبي بعض المساجد وبين الأئمة والمؤذنين مما يخل أحيانا بأداء الواجب على أحسن وأتم وجه.
لافتة :
وعليه وتعقيبا على كلام الوزير حول الوظائف وأن الدولة لا تسمح بالجمع بين وظيفتين، أقول ومع شح وندرة الوظائف وصعوبتها هلا أعدنا النظر في أصحاب الأربع والخمسي وظائف خاصة في هذا المجال!!

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved