إنَّ التربية والتعليم تقوم على محاور أربعة: المدرسة والمعلم والطالب والمقررات المدرسية. المعلم حجر الزاوية في التعليم ورحاها الذي يدور في فلكه كل ضروب المعارف ومعطيات العلم وفنون المعرفة وصنوف الآداب وكل مدخلات الرقي العلمي والتطوير المعرفي ومخرجاته، وتظل المدرسة لها رسالتها القيمة ودعاماتها المعلم والكتاب. ورسالة المعلم ومهنته لا تقتصر على أدائه داخل حجرة الدرس، فهي أبعد من ذلك وأشمل، حيث تتطلب منه أن ينظر إلى رسالة المدرسة ودورها الحيوي في التعليم نظرة شاملة من مناهج وكتب ونشاط تربوي وتوجيهي وتعليمي وغيره، ولتلك العوامل دور مهم في تطوير أساليب التعليم وتحسين الأداء. ولقد حفل التراث التربوي الإسلامي بأنماط شتى من ضروب التربية، حيث كانت المدرسة بكل أبعادها وأهدافها تتركز على المعلم والكتاب وتولي ذلك عناية واهتماما سواء ما كان منها في المساجد أو دور العلم أو الأربطة أو غيرها، ولقد قرأنا سير أولئك العلماء النابغين الذين تخرجوا من تلك المدارس وتفقهوا في القرآن وعلومه والحديث وعلومه وأمور الفقه والفرائض والمنطق والأدب والبيان وغيرها من العلوم، وقرأنا عن الحافظين والمبدعين والنابغين والنابهين مما يدل على قدراتهم واستعداداتهم وإخلاص معلميهم، فأتقنوا العلوم واللغات، وتجشموا الأسفار من أجل العلم والتفقه والاستيعاب لمعطيات العلم وفنونه، ورأينا طلاب العلم يجوبون الآفاق للتعرف على ثقافات الشعوب، واقتباس المعارف في شتى المجالات وحفظ كتب المتون والأحاديث، وقد شغلهم العلم وتحصيله والاهتمام به والبحث عن الكتب ونسخه وتدوينه، فقد أثارت المدرسة في ذلك الوقت اهتمام الدارسين والمعلمين بكل ما فيها من معلم وكتاب وجد واجتهاد. ويسأل المرء نفسه كيف كانت المدرسة قديما، ودور أسلافنا في العلم والتعليم بأساليبهم المعروفة في ذلك الوقت حيث كانت مصدرا واسعا متجددا للعلم والمعرفة الشاملة الموسوعية وبدون تخصص محدد، إذ كان المعلم طالب علم مستمرا بحب متجدد للعلم والمعرفة، وما زلنا نقرأ في تاريخ التعليم قصص معلمين قاموا برسالتهم خير قيام في ظروف صعبة وقاسية. إن مدرسة اليوم تعمل في مناخ أكثر مناسبة، لما يحيط بها من وعي واهتمام وأساليب وأنماط وإشراف تربوي ومعايير تقويم للمعلم والمدرسة والعملية التعليمية والبحث عن الأساليب والأداء الأفضل والأمثل للمعلم لأداء رسالته بشكل جيد وفعّال لتحقيق الطموحات. والمعلم كما كان بالأمس بجواره أعوان من إدارة مدرسية إلى إشراف تربوي وإعلامي ومرشد طلابي مما له دور في أداء المعلم وكفايته، ولا شك أن معلم اليوم يحتاج إلى الدعم والحماس والتدريب والتأهيل، فذلك مما يكسبه المزيد من الخبرة والثقة وأداء مهامه بفاعلية وحسن عطاء ونبل نفس وعمق وإبداع، ومتى أدى هذه الرسالة فإنه سوف يشعر بالرضا والمتعة والسعادة والثواب. ومجمل القول فإن التربية والتعليم على محاور أربعة: معلم مخلص وكتاب جيد وطالب مثابر ومدرسة عصرية.. وفق الله الجميع لأداء المهمة التربوية والرسالة التعليمية والأدوار الرائدة.
|