عذرا أبا رهف، فهذا دعاء دعا به خير وسيد بني آدم عليه الصلاة والسلام حينما يداعب أصحابه أو يعاتبهم عتاباً لطيفاً على أمر من الأمور، فلو شاهدت دموع من كانوا يقرؤون خبر ما تعرَّضت له الوردة الرقيقة ذات القلب الطاهر الشفاف الذي لم يحمل حقداً بعد، ولا يعرف للظلم طريقاً، هو قلب رهف فلذة كبدك.. لو شاهدت ذلك لانفطر قلبك شفقة عليها، ستُحيي دموع الرجال قبل النساء والوِلدان فيك شوقاً آخر، وحناناً جديداً ستغدقه على صغيرتك لم تألفه هي من قبل. لم يستوعب من قرأ الأنباء أنك توصلها لمدرستها صباحاً ولم تلحظ معاناتها وانكسارها وخفضها وخفقاً سريعاً لقلبها المجروح بين أضلعها.. هداك الله أبا رهف: ألم تعلم أنها تتضوَّر جوعاً لأنها لم تتذوق الإفطار ولا العشاء ولم تذاكر دروسها ولم تصفف شعرها، ألم تلق عليها نظرة وتحية الصباح، ألم تقبِّلها لتشاهد جروحاً على خديها قبل أن تفهم جروح قلبها ومشاعرها؟!.. أبا رهف: من حقك أن تتزوج أخرى وأن تحب، لكن ليس من حقك أن تميل هذا الميل المخيف المريع لطفلتك، وإن كنت قد جبنت حيناً أمام واقع تعيشه مع زوجتك المعتدية فإن حلولاً يمكن أن تتوفر لو ملكت الشجاعة وتوجهت لأقاربك وأصدقائك ومَنْ عُرف بالحكمة وحسن التّصرف في حيِّك ليقدِّموا لك المشورة لانتزاع هذه الفراشة الوادعة اللطيفة التي ذاقت العلقم في كنفك وعلى مرأى منك.. الأمل في أهل الشأن باحتضان رهف وأخواتها المعذبات بين ذويهن في كل مكان.
|