Thursday 1st December,200512117العددالخميس 29 ,شوال 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "مقـالات"

طفرة تكفيريةطفرة تكفيرية
فهد الحوشاني*

على غرار الطفرة الاقتصادية التي مرت بنا في التسعينيات الهجرية، يسهل على المتابع للمجالس العادية ومجالس (النميمية) في الإنترنت التي يرتادها الشتامون والمتتبعون لعورات الناس وعيوبهم أو المصنعون لها والناهشون في أعراض الغافلين بتأثير من خيالاتهم المريضة يسهل على المتابع أن يرصد طفرة جديدة تتمثل في ذلك الكم من التكفير الجاهز للتصدير وهو منتج حققنا فيه اكتفاء ذاتياً ويتم تصدير الفائض منه إلى مشارق الأرض ومغاربها! حتى أصبحنا أكثر المجتمعات إنتاجاً لهذه الصفة البغيضة حيث تطلقه فئات من المجتمع باتجاه أشخاص أو فئات ضد فئات أو مذاهب تجاه أخرى!
ويمارس المصنعون للعبوات والعبارات التكفيرية محلية الصنع والتي يمكن أن تسع الأرض بمن عليها ما عداهم وكأنهم هم شعب الله المختار الذين لا يأتيهم الباطل من بين أيديهم ولا من خلفهم وهؤلاء المكفرون لم يبرزوا إلا في هذه الإنتاجية السهلة التي يسهل على كل انسان لا يضع اعتبارات دينية حقيقية أمام عينيه ان يطلقها تجاه الآخرين.. وهو لا يتلمس جوانب الخير عند الآخرين بل لا يرى الخير خيراً بل يراه خداعاً وتمظهراً بالدين، الراكبون على موجات هذه الطفرة التكفيرية عجيب أمرهم يدعون أن لديهم أجهزة تكشف النوايا وتقيس نبضات الدين في قلوب الناس، وهذا النشاط الذي يفتك بالمجتمع وبنيته الاجتماعية يرونه أعظم دور بل يرونه تعميراً للأرض الذي طالبهم الله به، ليسوا علماء دين تجمع الأمة على تقديرهم وتقدير علمهم ولم يخدموا الأمة الإسلامية بأي علم ديني حقيقي أو طبي أو إنجاز علمي أو اختراعات تنفع الناس ولا يرون متطوعين في أعمال الخير والخدمات الاجتماعية ولا يمكن رصد أي إنتاج مادي أو فكري لهم ينفع الأمة الإسلامية وأبناءها ويعلي موقعها بين الأمم انهم فقط عوامل هدم وتفرقة وهم في الحقيقة مرض مزمن وعالة على المجتمعات الاجتماعية، عجزوا أن يؤدوا دوراً اجتماعياً حقيقياً فكان أسهل الطرق هو التصدي لكل إنسان يخالفهم رأياً وفكراً لمحاولة قتله وإبعاده وإقصائه اجتماعياً بأساليب لا تختلف عن أساليب الإرهابيين بل إن الإرهاب الفكري الذي يمارسه البعض يفوق تفجير المجمعات السكنية والبيوت لأنهم بأساليبهم ومصطلحاتهم التفكيرية يشكلون الأرضية الخصبة لكل إرهاب تفجيري.. فهم إرهابيون بمعنى الكلمة وما الإرهاب إلا معارضة فكرية للآخرين خاصة إذا اقتضى تصفيتهم وقتلهم، إنهم فقط (أصوات) للهدم الاجتماعي ولتفتيت المجتمع بعد ان جعلهم الله اخوة في الدين.. وللأسف حتى الآن ما زال الحوار الوطني الذي بدأ منذ فترة ما يزال بعيداً عن مواقع الإنترنت وبعيداً عن مواقع ومصانع هذا الفكر المضاد لوحدة المجتمع فهل نقيم حواراتنا بعيدا عن صالات الفنادق لنقيم الحوار في الفصول الدراسية وفي غرف المدرسين وفي مقاهي الشباب فالجدران العازلة التي يقيمها هؤلاء حولهم لا بد من اقتحامها وعلى وزارة التربية ان تواجه مسؤولياتها من خلال برامج وأنشطة وفي هذا العام الدراسي الذي مر عادياً دون نشاط مواجهه ملحوظ كان من الأفضل ان نضع شعارنا (لا للتكفير) حتى وإن اضطررنا ان نوقف تدريس بعض المواد لبعض الوقت ونستثمر وقتها لبرامج توعوية حوارية حول موضوع التكفير، فمواجهة الفكر بالفكر عبر البرامج والأنشطة والمحاضرات وما يمكن من وسائل أهم الآن في هذه المرحلة من تلقين معلومة للطلاب، فالمعلومة الدراسية الآن على أهميتها ليست أهم من بناء شخصية الطلاب وتعليمهم الدين الإسلامي الصحيح وتحصينهم ضد الأفكار المنحرفة، ان من الأفضل أن نحيل مدارسنا فيما تبقى من هذا العام الدراسي إلى منصات لاطلاق التسامح والمحبة والبناء والوحدة والوطنية والاجتماعية ولنعلن ( لا للإرهاب.. لا للتكفير) مثلما يحث على ذلك ديننا الإسلامي وينادي به العلماء الحقيقيون وأصحاب الفضيلة المشايخ.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved