وحياة الإنسان تقوم في كثير من أحوالها على الأمل، والأمل ليس بالعقيم الذي إذا تحقق قنع به صاحبه، وليس له كرَّة يعود فيها، وإنما هو يولد أملا آخر والآخر يفتح نافذة على ما بعده، وهكذا دواليك فحياة المرء تمضي مع آمال تتعاقب، فبعضها يأتي بنتيجة مرضية لصاحبه ويمده بنشاط يقيم جسراً لعبوره إلى أمل آخر. والأمل إذا تردَّى وأصبح يتخبط في هوة سحيقة لا يمكن لصاحبه تداركه منها، أو انطلق في طريق لا تنتهي إلى غاية أو مقصد كان يطمع صاحبه في تحقيقه، فهو يولد أسى وحزنا وتعاسة لصاحبه، وخاصة إذا رأى آمال الأخرين من حوله تحقق لأصحابها مغانم كثيرة، وتنقلهم من سعادة إلى أخرى، ومن راحة نفس إلى أخرى، ولهذا نرى الناس منقسمين في ذكر آمالهم، فمنهم نادب له، ومعلن عدم رضائه عنه، ومنهم مشيد به وحامد فعله وسيرته معه. وكم للشعراء من وقفات مع تأملاتهم وآمالهم مدحا وذما، ومن ذلك قول الشاعر سليم أبو شقرا من قصيدة له يذم فيها أمله:
كلما أملت أن أحظى بما أرتجيه خاب مني مأملي! |
|