Thursday 1st December,200512117العددالخميس 29 ,شوال 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "منوعـات"

نوافذنوافذ
السبيل
أميمة الخميس

سأعيد هنا ما سبق وأوردته في مقال سابق وهو أن لقاءات الحوار الوطني هي (برلمان) سعودي متميز يحق لنا من خلاله أن نفاخر بخصوصيتنا، وأعتقد بأنه الضوء الذي يضيء في نهاية النفق المعتم للمرحلة.
والآن بعد أن شاركت في جلستين للقاء الوطني، الأولى هي الجلسة التحضيرية في الرياض المتعلقة بلقاء (نحن والآخر)، والثانية الخاصة بالإعلام والحوار الوطني، أجد بأنني كونت بعضاً من الانطباعات والتصورات التي لابد أن ننقلها وإيانا إلى اللقاء الرئيس في أبها بعد عدة أيام، ولا سيما أن لقاء (أبها) سيحظى بزخم إعلامي واسع وستُنقل جلساته جميعها مباشرة على الهواء أي سيتحرر من النطاق النخبوي وتوسع قاعدته الشعبية وبالتالي سيلقى على عاتقيه المزيد من المسؤوليات والواجبات الوطنية بل المواقف والمحكات التي لا بد أن تغلب بها المصلحة الوطنية العامة.
فقد لاحظت أن السؤال الرئيس الذي يسيطر على المؤتمرين وسواهم من شرائح المجتمع المهتمة، ماذا حل بتوصيات المؤتمر السابقة؟ ولماذا لم تجد طريقها إلى أرض الواقع؟ بالطبع هذا السؤال يغفل جانباً مهماً قام عليه الحوار الوطني وهو اللقاء كقيمة مستقلة وليس كسلطة تشريعية أو ما يسفر عنه من توصيات، أي الطريق نفسه وليس نقطة الوصول. فعلى سبيل المثال ردهات الحوار الوطني التي جمعت تحت سقفها بعضاً من نجوم الصحوة التكفيريين، وطائفة متفاوتة من المذاهب الأخرى في الداخل، على قدم من المساواة والتقدير وتمام الحقوق الوطنية، بحيث يدلي كل منهما برأيه وخلف كل منهما فريق كبير من الأتباع والمريدين يراقب ويترصد ويحلل ويخطئ!! لهو بحد ذاته أحد أبرز الملامح التي كرستها تجربة الحوار الوطني في مرحلة قصيرة جداً.
لذا أعتقد أن هنا قضية التوصيات لا تعني مطلباً حقيقياً على أرض الواقع بقدر المناخ الذي اخترق أجيالاً طويلة من الكره والقطيعة والنفور والتخطيء والتكذيب بين الأطراف، مجرد وصولهما لطاولة الحوار هو اعتراف كل منهما بالآخر وبحقوقه وبضرورة احترامه كمعتقد وكشخص وكمواطن أيضاً.
إن المتأمل لمعالم الشخصيات التي كانت تحضر الحوار الوطني في السابق سيعرف تماماً أنها ولسنوات طويلة كانت تجلس على أطراف الأقطاب المتضادة والمسافة بينهما مليئة بالنفور والتخرصات والإشاعات، لكن تحطيم صنم القطيعة والاسترابة بالتأكيد سيقطع بنا أشواطاً متقدمة في المجال الحضاري، وحتماً سيخلق نمطاً مجتمعياً جديداً إن لم يكن به التشابه والتطابق بالتأكيد ولكنه يحتوي على كم وافر من التعايش.
النقطة الأخرى التي لاحظتها أيضاً من خلال الجلستين الماضيتين، أن الكثير من الأطراف المتناقضة تأتي بذاكرة رطبة ساخنة، بحيث يتم من خلال المنبر تقاذف كم وافر من الاتهامات مع محاولة التأليب والاستعداء والاستفزاز والقيام بدور الوصاية العامة بحيث يغلب هنا الفردي على الجمعي، والمصلحة الخاصة على المصلحة الوطنية وبالتالي تصبح جلسات المؤتمر مجالاً خصباً للمزايدات وتوسل الأضواء وإرضاء الجمهور الخفي الذي يتلاقط الإشاعات وبعض ما ينقل عن جلسات الحوار الوطني إعلامياً.. لتغيب هنا المصلحة الوطنية وتبرز شراسة (الأنا) بجميع أمراضها وأورامها.
أصلُ في النهاية إلى أن الحوار الوطني ليس غايته التوصيات، ولا هو بساحة قصاص من الأعداء التقليديين.
الحوار الوطني هو غاية مستقلة مطلقة.. بحد ذاته.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved