بادئ ذي بدء دعوني أقول إنه وما إن ذرفت دموعنا حزناً على الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز - طيَّب الله ثراه - إلا وكان الصوت البلسم ينطلق يربت على مسامعنا يعزينا ويعزي نفسه منطلقاً من إيمان بالله عز وجل وثقة بنفسه وإخوته وشعبه داعياً الله العون والسداد.. ناشد الأمة النصح والعون.. هذا هو صوت عبدالله بن عبدالعزيز. أتذكَّر هذا الرجل وأنا استعرض شريطاً من الأحداث تمر بهذه الأمة وكيف أصبحت هي همه وشاغله.. يا أعزائي: عبدالله بن عبدالعزيز شاهدناه جميعاً خلال الأيام الماضية بين شعبه في مهبط الوحي وفي عاصمة الأمة وقلبها النابض، كيف كان هذا الرجل وأنت تقرأ همّ أمته في عينيه، تقرأه في حديثه، لم يغره السلطان فكان هو كما كان، الرجل الهمام، الرجل الشهم، الأب الحاني المليك المتواضع.. هو يعرف جيداً كم هو قريب إلى قلوب الناس وكم هم يحبونه.. لم يشأ أن يجعل التكليف والتكلُّف بينه وبين شعبه.. لم يتردد أبداً بأن يصدر ذلك بأمر كريم.. فلله درك أبا متعب.. إنك تواضعت لله فرفعك. هذا الحديث ليس إلا مدخلاً إلى قلب هذا الرجل الذي استشعر خطراً يحدق بالأمة فلم تغره سلطة الملك والتمتع بملذات الحياة وهو يرى أركان هذه الأمة تتداعى وأعداءها يتحينون الفرصة للانقضاض على ما تبقى لها من عز وكرامة.. طرق كل المحافل وخاطب كل الاتجاهات ورفع صوته عالياً بالحق منادياً بأن الإسلام دين محبة وسلام وإنسانية، وهو يعرف جيداً - وفقه الله - أن ما أصاب الأمة لم يكن ليصيبها لو كانت الكلمة مجتمعة والأمة على قلب رجل واحد، فتنادى يشحذ الهمم حيث لم تغب عن اهتمامه رياح عاصفة تهب حول دول شقيقة فجاهد بوضع الأمور في نصابها ورسم الطريق بحنكته وبُعد نظره حفاظاً على مصالح الأمة دولاً وشعوباً واحتراماً للمواثيق والشرعية الدولية فنادى بشحذ الهمم لتدارس أحوال الأمة الإسلامية وإيجاد الحلول الناجعة لمشاكلها وتوحيد صفوفها وبناء لحمتها.. فها هو - حفظه الله ورعاه - يستعد لاستقبال قادة الأمة الإسلامية في رحاب مكة الطاهر وبجوار بيت الله الحرام، يطوف ويسعى جاهداً أن يلهم الله قادة الأمة إلى ما فيه خيرها وصلاحها، فلك منا أبا متعب العون بالدعاء إلى الله أن يكلل على طريق الخير خطاكم ويسدد في طريق العزة لهذه الأمة مناكم ومبتغاكم إنه سميع مجيب.كما هي دعواتنا يا خادم الحرمين الشريفين إلى إخوانك وأشقائك إلى إدراك أهدافك السامية النبيلة والشد من أزرك وعونك إلى تحقيق ما يصلح أمور الأمة، ويعيد لها احترامها وتقديرها بين الأمم مجللة بإسلامها النقي.. إسلام السلام والمحبة والوئام.
* الرياض |