هناك شرائح في مجتمعنا ما زالت تتبع مبدأ المغالاة في كل شيء، ولعل وراء هذا المبدأ الكثير من الأسباب قد يكون بعضها معلوماً لدينا، بينما بعضها الآخر لا يزال هناك من يغالي في تفسير الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة إما تبعاً لعلمه البسيط ونظرته الضيِّقة وإما لأهداف أخرى لا نعلمها!!! هناك الكثير من أئمة المساجد من يفسر التشريعات الإسلامية حسب رأيه الشخصي ومن خلال نظرته القاصرة لنجده يتحدث عن كثير من أمور الشرع وأمورنا الاجتماعية المختلفة!! خطب الجمعة لا تزال تكتسب الأسلوب الذاتي لكاتبها ومعدها وتبعاً لعلمه وثقافته وإن كانت تلك الثقافة قاصرة ومتدنية!!! والمشكلة أن كثيراً من أئمة المساجد لا يستشعر ما يجري حوله من أحداث وأمور تجري في هذا العالم!! بل إن كثيراً من أئمة المساجد ليس لديه جهاز تلفاز أو حتى راديو أو أي وسيلة إعلامية يعرف من خلالها ما يجري في هذا العالم من أحداث وتطورات لكي يكون على دراية بالأمور ولكي تكون خطبته أكثر واقعية ولكي يكون مستوعباً لتلك الأحداث، حيث نجد أن كثيراً من أئمة المساجد يصدر أحكامه على شيء معيَّن (كمسلسل طاش ما طاش) مثلاً، فكثير من الأئمة اعترض على كثير من أفكار هذا البرنامج رغم إيجابية كثير من أفكار وحلقات هذا البرنامج!!! وعندما تناقشه في حلقة أو فكرة من هذا البرنامج يجيب بأنه لم يره وإنما سمع عنه من فلان أو غيره!!! ولنقس على هذا المثال أمثلة كثيرة لأئمة وخطباء يصدرون فتاواهم وأحكامهم عن أمور لم يتيقنوا منها على الوجه المطلوب. خطب الجمعة تحتاج إلى مزيد من التنظيم والمتابعة لتكون أكثر إيجابية لمجتمعنا الذي يمر الآن بفترات حساسة تحتاج منَّا إلى أن نتعامل مع الأمور بواقعية وحكمة. لا يزال الغلو يسيطر على كثير من أفراد هذا المجتمع مما يستوجب علينا أن نقف وقفة حازمة مع خطر الغلو الذي يهدِّد حياتنا ومجتمعنا، هناك بعض الأئمة هداهم الله من لا يعرف إلا كلمة كافر أو مرتد ناهيك عن ملامح وجهه التي لا تعرف الابتسامة أو البشاشة، فلا نجد إلا حاجبين معقودين ووجهاً عبوساً رغم أن ديننا يدعو إلى الابتسامة وإظهار البشاشة لمن نقابلهم!!! حتى إن هناك كثيراً من أئمة المساجد لا يقرأ من القرآن سوى تلك الآيات التي تحمل معاني الترهيب والتخويف من عذاب الله عزَّ وجلَّ!! ديننا دين الوسطية ودين السلام والمحبة والدعوة إلى الخير باللين والترغيب لا بالقوة والشدة، لا تزال هناك فجوة نلاحظها جميعاً بين أفراد مجتمعنا يكون سببها الغلو، ولعل تلك الفجوة تظهر بين أصحاب اللحى الطويلة والثياب القصيرة وبين غيرهم من عامة الناس، حيث نجد أن هناك مسافة طويلة تمنع التواصل الإيجابي، ولعل تلك الفجوة لها آثارها السلبية على المجتمع وعلى ترابطه وتلاحمه!! فهذه الفجوة سببها الغلو الذي يدفع الكثيرين إلى سهولة قذف الناس بالكفر والردة ومخالفة الشرع، رغم أننا جميعاً مسلمون وعلى هذه الأرض الطاهرة التي تحكم بشرع الله وهدي سنَّة نبينا الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم. ما أردته قوله هو أن آفة الغلو ما زالت متفشية عند البعض ويجب العمل على إزالتها والخلاص منها وتقريب المسافات بين شرائح المجتمع، فنحن شعب واحد يجمعنا وطن واحد أخذ من القرآن الكريم دستوراً ومنهجاً. وليعلم الجميع أن رمي الناس بالكفر ليس بالأمر الهيِّن والسهل وأن مرض الغلو يتعدى مجرد التكفير ليصل إلى تفشي الاختلاف والتناحر والذي يؤثِّر على وحدتنا وترابطنا.
|