Thursday 5th January,200612152العددالخميس 5 ,ذو الحجة 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"حدود الوطن"

حدود الوطن حدود الوطن
عودة سدير
خصوبة الأرض ووفرة المياه تغريان السكان بالزراعة

  * حلقات أعدها - محمد بن عبد العزيز الفيصل :
في هذه الحلقة نواصل الحديث عن تاريخ عودة سدير بعد أن ألمحنا في الحلقة الماضية عن جزء من تاريخها وأحيائها.. كما نتناول في هذه الحلقة الحياة المعيشية والجانب العمراني، كما نتحدث عن الجانب الثقافي بالعودة.
الموقع
قال الهمداني: (وكذلك جماز سوق في قرية عظيمة أيضاً)، وجماز هي حي من أحياء العودة القديمة.. الأبنية والبيوت، منارة المسجد، الحوامي المحيطة بالعودة، البساتين، المرقب، عندما تسير في هذه البلدة القديمة متجولاً بين كل هذه الأمور متصوراً الحياة البدائية القديمة التي كانت العودة تعتمد عليها لا تحس بنفسك إلا وخيالك يصحبك إلى قرن مضى لتعيش طعم الحاضر الذي كان يحاكيه الأجداد.
تقع عودة سدير في السفوح الشرقية من طويق وفي الجانب الغربي من العتك الكبير تقع العودة حيث تشغل مساحات واسعة من وادي سدير (الفقي قديماً) وهي تبعد عن مدينة الرياض سبعين ومائة كيل من الناحية الشمالية الغربية، وموقعها في أسفل الوادي أتاح لها وجود مساحات صالحة للزراعة والرعي سواء كان ذلك في الوادي نفسه أو في الروضات القريبة منها، فالعتك الكبير الذي تطل عليه العودة من الناحية الغربية يشتمل على مراع جيدة، وفي الناحية الجنوبية يتاخمها وادي أراط الغني بمراعيه المتوافرة، هذا الموقع الذي تتميز به العودة بالنسبة لجاراتها من وادي الفقي وقراه له سلبيات لا تنكر، فخصوبة المراعي المجاورة للعودة تغري البدو بالحلول فيها في أيام الربيع، فيحدث النزاع بين سكان البلدة والبدو، وفي العصور الماضية عندما كان الأمن مفقوداً في الجزيرة العربية كانت هجمات البدو على العودة أمراً مألوفاً لأن العتك معبر معروف في جبل طويق تسلكه البادية القادمة من جنوب نجد والمتجهة إلى الدهناء والصمان أو القادمة من الصمان والدهناء والمتجهة إلى جنوبي نجد، وهذه الهجمات المستمرة هي التي جعلت سكان البلد يحصنونها بالحوامي والأسوار العظيمة التي لا تزال شامخة توحي بصد المهاجمين ورد المعتدين قبل توحيد المملكة على يد جلالة الملك الراحل عبدالعزيز - طيَّب الله ثراه -.
تحديدها في الكتب القديمة
وإذا رجعنا إلى تحديد هذه البلدة في كتب تقويم البلدان فإننا نجد لغدة الأصفهاني يقول: والفقء بالكرمة، فالكرمة عند لغدة الأصفهاني هي الجزء الشمالي الشرقي من اليمامة، ووادي الفقي الذي هو وادي سدير يقع في هذا الجزء من اليمامة والعودة في أسفل هذا الوادي، ولغدة حدد وادي الفقي ولم يذكر العودة.
أما الحسن بن أحمد الهمداني فقد حدد العودة وذكرها بما تعرف به في ذلك الوقت حيث كانت تسمى جمازاً فهو يقول: (ثم تقفز من العتك في بطن ذي أراط ثم تسند في عارض الفقي، فأول قراه جماز وهي ربابية ملكانية عدوية من رهط ذي الرمة ثم تمضي في بطن الفقي وهو وادٍ كثير النخل والآبار).
ويمضي الهمداني في وصف قرى هذا الوادي إلى أن يقول: (وكذلك جماز سوق في قرية عظيمة أيضاً).
وقد ذكرها الشاعر الشعبي إبراهيم بن جعيثن العودة وما حولها ووادي الفقي في قصيدته التي قالها في مدح أهل سدير ومنها:


ووراط يحيا به حلال مهازيل
حيث هو اللي ينطح السيل جاله
وإلى انحدر يضفي على العودة السيل
وتمير مجزل تملا اهجاله
ووادي الفقي زين البساتين ونخيل
في القيظ يسقي صافي من زلاله
كدادهم كنه على ساحل النيل
تسمن معاويده ويكثر رياله
يرجع سدير ويكثرن المحاصيل
تلقى به التاجر اينمي حلاله
غرايس يازينها طلعة سهيل
يفرح بها اللي جايعين عياله

جغرافيتها
تقع عودة سدير في منطقة جبلية، فالجبال تحيط بها من الناحية الشمالية، والجنوبية والبلدة تشغل مساحات واسعة من ضفتي الوادي وإن كانت الضفة الجنوبية تحتضن معظم النخيل والبساتين المعمورة الآن، وتعتمد البلدة على السيول الجارية في وادي سدير المعروف عند أهل البلدة بالباطن، فإذا سال هذا الوادي امتلأت الآبار بالماء وارتوت النخيل في جميع انحاء البلدة، وهناك أودية صغيرة تروي البلدة بسيولها، لكنها لا تكون عامة وهذه الأودية هي:
1- وادي الجوفاء ويسقي أعلى البلدة.
2- وادي الشعبة ويسقي أسفل البلدة.
3- وادي الداخلة ويسقي أسفل البلدة.
الطرق
والطرق المسلوكة من وإلى البلدة طرق سهلة تسير في بطن الوادي وطرق جبلية، فالطرق السهلة هي الصاعدة إلى قرى وادي سدير حيث تتجه غرباً مسندة الوادي، والطرق المنحدرة مع الوادي حيث تسير شرقاً متجهة إلى الرياض.
أما الطرق الجبلية فتتجه جنوباً حيث تربط البلدة بمنطقة الوشم والمحمل، والطرق هنا مسالك جبلية معروفة بأسمائها ومنها: درب الزمل، درب الرجيلة، درب داحس، درب مخارق، درب مصيليت، درب الشريف.
وهذه الطرق وعرة وربما هلك سالكها عندما ينحرف عن الدرب يميناً أو شمالاً كما حصل لرجل اسمه داحس، وكما جرى بجيش زيد الشريف، وأما الطرق الجبلية المتجهة شمالاً فهي أقل وعورة، وهذه الطرق تربط البلدة بالقرى المجاورة مثل الخطامة وعشيرة سدير وتمير كما تربط البلدة بالدهناء والصمان.
مصادر الحياة
والحياة في عودة سدير قديماً قائمة على الزراعة والرعي، فالزراعة تعتمد على مياه الآبار والآبار بعيدة الغور، فالماء يبعد عن سطح الأرض ما بين ستين وخمسين متراً، وطبقات الأرض التي تخترقها البئر هي:
طبقة طينية في حدود خمسة أمتار ثم طبقة البطحاء التي قد تصل إلى ثلاثين متراً ثم طبقة جبلية تمسك الماء.
ومناطق الرعي هي الرياض حيث التربة الطينية، والبرق (جمع برقاء) حيث تختلط الرمال بالحجارة في سفوح الجبال، والمناطق الجبلية، والمراعي متوافرة حول البلدة والمياه موجودة في المناطق الجبلية، وهذا هو السبب في أن الغزال ما زالت ترى في المناطق الجبلية الجنوبية.
أما الأرانب البرية فهي متوافرة حول البلدة، وتعتبر الزراعة والرعي من مصادر الحياة الأساسية التي يعتمد عليها الناس في البلدة وتقاس المستويات الاجتماعية هناك أي الغني والفقر تبعاً للمساحات الزراعية والماشية من الإبل والغنم، أما الصيد فلا يشكل إلا نسبة قليلة أو ضعيفة جداً من مصادر الحياة أي أنه لا يمثل مصدر دخل ثابت للفرد يمكن أن يعتمد عليه في حياته.
العمران
العودة بلدة قديمة والعمران فيها مربوط بأطوار مختلفة يصعب وصفها، وإن أقدم الآثار والمراحل العمرانية المشاهدة هي (الحوامي) أو قصر غيلان، أما بيوت البلدة فلا يتجاوز أقدمها ثمانين ومائة عام.
أسوار البلدة القديمة
الأسوار مبنية من الطين على الرغم من ارتفاعها، وهي مكونة من جدران متلاصقة تصل إلى العشرة في بعض الأسوار، والبناء بالطين الخالص أي بدون لبن تشتمل على بروج خادعة، فإذا نظرت إلى السور من خارجه فإنك ترى البرج بارزاً في السور.. وإذا نظرت إليه من الداخل وجدته كتلة من الطين، أما البروج الحقيقية فهي في وسط الحامي ولا يلاحظها المار لا من خارج السور ولا من داخله، مع أن من بداخلها يرصد حركة المار بكل دقة ويستطيع إطلاق النار عليه، وتتكوَّن تلك البروج من خمسة طوابق.
أما أسوار النخيل والبساتين فإنها تبنى بالطين بدون لبن، فيؤتى بالزنبيل المملوء بالطين ويطرح فوق الجدار وبعد أن تجففه الشمس يطرح عليه الطين من جديد وهكذا حتى يكمل البناء.
صفة بناء البيوت
تؤسس البيوت بالحجارة بحيث ترتفع مقدار ذراعين وبعد ذلك تبنى الجدران بالطين واللبن وبعض أجزاء البيت تبنى بالحجارة والجص والسقف يتكون من خشب الأثل والجريد والطين أو يتكون من خشب الأثل والحجارة الرقيقة ومرافق البيت هي:
1- مجلس القهوة: ويشتمل على (الوجار) وهو مشب النار وبيوت صغيرة بجانبه تحفظ فيها أدوات القهوة، ورأس الوجار وهو مكان يتسع لشخص واحد، وفي العادة يجلس فيه كبير القوم، ويفرش مجلس القهوة بالحصر وفوقها (الزوالي) السجاد وسقف مجلس القهوة يكون مرتفعاً.
2- المصباح: وهو ساحة واسعة مسقوفة.
3- الحجرات الأرضية: وهي إما لحفظ المؤن أو حفظ الأعشاب وتخصيص واحدة من الحجر الأرضية لحفظ التمر، حيث تشتمل على (الجصة) وهي بناء صغير يُبنى بالجص والحجارة ويُملأ بالتمر و(الرميلة) وهي حجرة صغيرة غير مسقوفة تملأ بالتمر المعد للبيع أو ما شابهه و(المنقولة) وهي إناء كبير يصنع من الفخار ويوضع فيه أجود التمر، ثم يسكب عليه الدبس الذي يخرج من (الجصة) وتمر المنقولة مخصص للضيوف.
أما الطابق الثاني من المنزل فيشتمل على:
1- مصباح الطاية: وهو ساحة مفتوحة للهواء من ناحية الشمال، وهو مخصص لجلوس النساء.
2- غرف النوم: وتشتمل الغرفة على صناديق حفظ الملابس وتلك الصناديق من خشب الساج.
3- غرفة حفظ الحبوب: وهي مقسمة إلى أحواض ومطلية بالجص، فيوضع في كل حوض نوع من الحبوب.
4- الطاية، وجمعها طوايا: وهي السطوح فإذا كانت فوق الطابق الثاني فهي الطاية العليا، وإن كانت فوق الطابق الأول فهي الطاية السفلى.
ومن مرافق البيت، المطبخ وهو إما في البناء الأرضي أو في الطابق الثاني.. ومن مرافق البيت الحمامات وتكون في البناء الأرضي وفي الطابق الثاني.
بناء المساجد
أما المساجد فلا يختلف بناؤها عن البيوت كثيراً لأن مادة البناء واحدة وإذا وجد اختلاف فهو في استعمال الزوايا الموصلة بين العمد حيث يوصل العمود بالعمود الآخر عن طريق حجرين مستطيلين يشكلان زاوية، يظهر الاختلاف في ارتفاع السقف وكثرة النوافذ وسعتها، ويشتمل المسجد على خلوة محفورة في الأرض لا تؤثر فيها برودة الجو أو حرارته، فهي باردة في الصيف دافئة في الشتاء وتبنى المنائر على شكل دائري.
الثقافة الدينية والعربية
ثقافة سكان البلدة في عمومها ثقافة دينية، فالبلدة منذ القديم تشتهر بمدرستها المجاورة للمسجد الجامع، فتلك المدرسة يتعلم فيها الفتيان القراءة والكتابة وقراءة القرآن وحفظه بالإضافة إلى تعلم شيء من علوم الدين مثل التفسير والتوحيد والفقه، مما يدل على إقبال سكان البلدة على التعليم الديني وأن عامة الناس يلزمون بقراءة رسالة تحتوي على المبادئ الدينية العامة وذلك في مساجد البلدة بعد صلاة الفجر وربما قرؤوا تلك الرسالة الدينية بعد صلاة العشاء، وقد ساعد انتشار الثقافة الدينية على التقليل من نسبة الأمية في البلدة فقد كان القارئون للقرآن الكريم في المصاحف يمثلون نسبة عالية من المصلين وذلك قبل ثلاثين سنة، أما الآن فقد عمَّ التعليم وفتحت المدارس وكل ذلك بفضل حكومة خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - ومن الذين كان لهم أثر في التعليم الديني في البلدة في تاريخها الحديث والمعاصر الشيخ عبد الله بن محمد بن حسين، وهو مشهور بقراءته وخطه وهو من علماء النصف الأول من القرن الرابع عشر، وعثمان أبو حيمد وهو من علماء القرن الثالث عشر وأول الرابع عشر، وعيسى بن خريف وهو يجمع بين الثقافة الدينية والأدبية، فبالإضافة إلى كونه مرجعاً في الفقه فهو شاعر رثى الملك عبدالعزيز بقصيدة طويلة، وقد طلب لمنصب القضاء لكنه آثر البقاء في بلدته مع أنه معروف لدى عدد كبير من قضاة عصره، وله أشعار نبطية وقد توفي منذ ربع قرن وكان يملك مكتبة صغيرة آلت إلى ورثته.
ومن العلماء الذين كان لهم مساهمة في التعليم الشيخ سعد بن محمد بن حسين وهو عالم جليل تخرج على يديه جيل وقد توفي رحمه الله.. وسعد بن عبد الرحمن أبو حيمد وقد تولى القضاء في عين قحطان وعبد العزيز بن إبراهيم العمران.
وقد صدَّرت العودة العديد من العلماء في هذا العصر منهم: الأستاذ الدكتور محمد بن سعد بن حسين أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام، وهو أديب وكاتب معروف ألَّف العشرات من المؤلفات في الأدب، وكان له إسهام في الحركة العلمية والثقافية والأستاذ الدكتور عبدالعزيز بن محمد الفيصل أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام، وكاتب وأديب معروف له العديد من المؤلفات الأدبية منها كتابان عن عودة سدير.
الأستاذ الدكتور عبد الله بن محمد الفيصل أستاذ المحاسبة بجامعة الملك سعود، وله عدد من المؤلفات في المحاسبة ويعمل حاليا ًمديراً للجامعة، الأستاذ الدكتور زيد بن عبد المحسن الحسين أستاذ العلوم الاجتماعية بجامعة أم القرى وعضو مجلس الشورى ومدير مركز الملك فيصل للدراسات والبحوث ورئيس تحرير مجلة الفيصل سابقاً، الأستاذ عبد الرحمن أبو حيمد عضو مجلس الشورى ووكيل الحرس الوطني سابقاً.
والثقافة العربية في البلدة تتمثَّل في الأمثال والحكم والقصص وأخبار البطولة ورواية التاريخ، فالأمثال الجاهلية ما زالت سائرة بين الناس في المجالس والمجتمعات والقصص التي تروى على امتداد التاريخ العربي ما زالت موجودة، وكتب الأدب والتاريخ عند بعض الأدباء لكن القراءة فيها قليلة، ونظم الشعر الفصيح موجود وإن كان قليلاً والثقافة العربية لا تقتصر على الأدب والتاريخ، فأجزاء من كتب الطب والحكمة توجد عند عبد الله بن عمار ويستفيد منها في علاج مرضاه، ومن الذين لهم صلة بالثقافة العربية عيسى بن خريف فهو شاعر مطلع، وعبد الله بن عمار واطلاعه مقصور على عمله في الطب وعدد من العلماء المعاصرين الذين تمَّ ذكرهم سابقاً أما الذين اقتصرت صلتهم بالثقافة العربية على النقل والحفظ والمشافهة فهم كثيرون.
المعارف
والمعارف عند سكان البلدة كثيرة ومتنوعة فهناك المعارف المتعلقة بالتوجيه الاجتماعي والمعارف المتعلقة بالزراعة والمعارف الفلكية ومعرفة النبات ومعرفة الطب وطب الحيوان ومعرفة هندسة البناء والآبار وطيها والمعارف الحربية والمعارف المتعلقة بالحرف من حياكة ونجارة وحدادة وخرازة.. وهناك الأمثال الشعبية والقصص والحكايات، هذه المعارف لا ترقى إلى درجة العلوم فهي غير مدونة، لكنها محفوظة في الصدور ومتوارثة يتلقاها الابن عن الأب على امتداد التاريخ فسلوك الفرد مرتبط بمعارفه فهو يعرف الممنوعات فيتجنبها والمباحات فيأتيها.
ومعارف المزارع علم متكامل فهو قد تلقى عن والده كيف يخرج الماء من البئر وكيف يركب تلك الآلات.. وهو يحفظ أسماءها ثم هو يعرف غرس النخيل وخدمتها والقيام على صيانتها حتى يجيء ثمرها اللذيذ والمزارع يعرف متى يبذر القمح ومتى يحصده لأنه تلقى معارفه الفلكية بكل دقة وإتقان عن آبائه وأجداده.
الطبية
والمعارف الطبية تشتمل الكي ووصفات العلاج وتجبير الكسور، ومن أمهر الأطباء في القرية عبد الله بن عمار الذي يجمع بين المعارف والاطلاع العلمي ومنهم محمد بن غانم الذي اشتهر بتجبير الكسور وغيرها، أما طب الحيوان فهناك كثير ممن يشهد لهم بالنجاح في البيطرة وذلك بفضل المعارف التي تلقوها عن آبائهم والمعارف المتعلقة بالبناء تشهدها الأبنية المتقنة من أسوار وبيوت وآبار مطوية.
الحربية
والمعارف الحربية تظهر في صمود البلدة أمام المهاجمين واتقان البروج هذا قبل توحيد المملكة على يد جلالة الملك عبدالعزيز - طيَّب الله ثراه - أما الآن فقد عم الأمن والأمان ولله الحمد، كما نجدها في المخططات الحربية الناجحة والمعارف الحرفية لها أثر ملموس في نشاط سكان البلدة حيث نجد الحياكة المتقنة والنجارة والحدادة والخرازة بالاضافة إلى نسج الحصر وعمل الزنابيل والمراوح اليدوية وفتل الحبال وغير ذلك.. فالمعارف كثيرة ومتنوعة وهذه المعارف جزء من المعارف النجدية العامة التي يعرفها سكان القرى النجدية عامة.
الشعر
الشعر الشعبي هو الشعر السائد بين الناس في بلدة العودة، أما الشعر الفصيح فإنه قليل ولا يقوله إلا رجال يعدون على الأصابع والشعر الشعبي له أثر في الحياة الاجتماعية، ولذلك حفظه الناس واعتنوا به، ومن أشهر الشعراء الشعبيين راشد بن دباس الذي عاش في النصف الأول من القرن الثالث عشر وهو شاعر مقل حفظت له قصيدة نجدها في معظم دواوين شعراء النبط، وقد قال قصيدته تلك في ابنه دباس الذي ترك والده وسار إلى عُمان طلباً للرزق وهذا مطلع قصيدته التي قالها في ابنه دباس:


يا ونه ونيتها من خوى الراس
من واهج بالكبد مثل السعيرة
ونين من رجله غدت تقل مقواس
ويون تالي الليل يشكي الجبيرة
ويا حمس قلبي حمس بن بمحماس
ويا هشم حالي هشمها بالنقيرة
ويا وجد حالي يا ملا وجد غواس
يوم أثمرت واشفا صفا عنه بيره
على ثمر قلبي سرى هجعة الناس
متنحر درب عسى فيه خيره
الله يفكه من بلا سوا الاتعاس
ومن شر عبثات الليالي يجيره

* دباس بن راشد بن دباس، لم يكن أكثر شهرة من أبيه، فهو شاعر مقل عرف بقصيدة واحدة ردَّ بها على والده في عُمان ومنها:


حي الجواب اللي لنفانا من الراس
جابه اغلام ما توانا مسيره
أهلا هلا به عدما ضيع قرطاس
أو ما كتب فوقه البيوت سطيره

* خريف الخريف، شاعر رقيق الحس عاش في القرن الثاني عشر، ومن شعره:


العودة أم سدير والمدن حولها
معاش وهي فوق المعاش إيدام
أهلها مغاوير عصاة على العدا
وللجار سهلين الجناب كرام

* ناصر بن عباد وقد توفي في منتصف القرن الرابع عشر، بلال بن عباد حمد بن فواز وهو من الشعراء المجيدين وقد توفي في النصف الأول من القرن الرابع عشر ومن شعره قوله في الملك عبدالعزيز حين أمر حجاج نجد بالبقاء في مكة بعد الحج:


يوم أبو تركي ومر بالجهاد
فكرت بوجيه النشاما غدت سود
إلى تعذر صار عذره سداد
وش عذرنا يالي على ضمر قود
حمر إلى أوحت حس صوت المنادي
لكن يطردها من الحشو مفرود

* عبد العزيز بن حمد بن فواز وشعره لا يقل عن شعر أبيه من ناحية الجودة وهو من الشعراء المحسنين.
* محمد بن صالح وهو من شعراء العودة المشهورين المجيدين، وهو من المقلين وقد توفي في أول النصف الثاني من القرن الرابع عشر وشعره من أروع ما قِيل.
* علي بن سعود بن شويش شاعر مجيد وقد مرض في آخر حياته ولازم الفراش حتى توفي.
* محمد بن عبد الرحمن التمامي، له أشعار وقد توفي في أول النصف الثاني من القرن الرابع عشر.
* عبد الله بن محمد بن شويش وهو من الشعراء المعاصرين وله أشعار حماسية يغني بها في العرضة، وقصائده تُعد من عيون الشعر الشعبي ويُعد من أشهر شعراء العودة المعاصرين.
* عبد الله بن هويشل الملقب بالجمل وهو شاعر فحل كثير الشعر وقد جمع شعره في ديوان لكنه لم يطبع.
* راشد بن محمد بن دباس، عبد العزيز بن ضويحي، عبد الرحمن بن شايع.
* عبد العزيز بن شايع أما هؤلاء فهم من الشعراء المعاصرين.
الفلكلور الشعبي (العرضة)
والعرضة في عودة سدير مقترنة بالحرب، والأغاني التي تُقال في العرضة حماسية، حيث تقرع الطبول، وصفتها أن يتقابل صفان ويقومان برفع الأناشيد مع تمايل نحو اليمين ونحو الشمال وبين الصفين يرقص الذين يضربون الطبول وتوجد فرقة بين الصفين تعمل على شكل دائرة وتصوب بنادقها نحو الأرض وتطلق النار أحياناً.
السامري
السامري رقص شعبي يصحبه الغناء إلا أنه يختلف عن العرضة اختلافاً كبيراً فالمغنون في العرضة وقوف وفي السامري جلوس، وأغاني العرضة حماسية ومقترنة بالحرب، أما السامري فأغانيه غزلية وصفته أن يتقابل صفان ويبدآن في الغناء ثم يتكئان على ركبهما ويتمايلان مع الغناء يميناً وشمالاً.. يصحب ذلك التصفيق ثم يميلان إلى الأمام يتلو ذلك الرجوع إلى الخلف ثم عود الجلسة الأولى، وهو من الفنون الشعبية التي يميل إليها الشباب.
وهذان الفنان من أشهر الفنون الشعبية ويصحبهما فنون أخرى مثل: الرد، وغناء الربابة، وغناء الضريب، وغناء المنحاة، والغناء على الرحى، ورقص النساء.
القصص الشعبية
يتناقل الناس في العودة قصصاً وأساطير وخرافات منها ما يعتمد على حقيقة معروفة، ومنها ما يهدف إلى التسلية ومنها ما يهدف إلى التعليم، ومنها ما يهدف إلى الرغبة الجماعية إما في مال أو غيره، وهذه القصص مقترنة بتاريخ العودة الذي يمتد إلى قرون بعيدة وأول هذه القصص وأجملها قصة قليب غيلان.
المرجع:
عودة سدير لمؤلفه الأستاذ الدكتور عبد العزيز بن محمد الفيصل.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved