إن الحديث عن الرحلات والأسفار سواء كانت داخلية أو خارجية لحديث ذو شجون، تطرب له النفس وذلك لما يحوي في طياته من التجارب والدروس؛ وتشتاق له الأسماع لما يحمل من الصور والذكريات المرتبطة بتاريخنا وتراثنا وحضارتنا التي يعتز بها كل مسلم.
ولقد يسَّر الله تعالى لي بأن قمت برحلة من الرياض لمدينة الخبر برفقة أخي فضيلة الشيخ عبد الله اليمني بالقطار، ولكوني لأول وهلة أصعد قاطرة فقد استمتعت بالرحلة كثيراً؛ ومما زادني استمتاعاً بشاشة أهل المنطقة، وحسن استقبالهم وكرم ضيافتهم، ولا أدل على ذلك مما شاهدنا من كرم الشيخين الفاضلين الشيخ صالح الضلعان، والشيخ محمد المري.. وكان الجو لطيفاً بالمنطقة وقد رأيت جسر الملك فهد - رحمه الله - والذي يعد من أهم المعالم هناك.. ورأيت الخضرة والماء والهواء الطلق.. وتيسر لي مقابلة أحد الأعيان وهو فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد العزيز القرعاوي كاتب عدل قرابة ستة عشر عاماً بالخبر، وقد عرف بنزاهته وحبه لعمل الخير والدعوة إليه ولا عجب حيث إنه متزوج من ابنة الداعية المصلح سماحة الشيخ عبد الله القرعاوي - رحمه الله - صاحب النهضة الإصلاحية في جنوب المملكة.. وقد ذكر شيئاً من مناقبه وفضله وقصصاً تبدي للسامع بعد وسعة أفق الداعية الشيخ القرعاوي وما مدى سلامة صدره.. وكان الشيخ أبو حمد قد ترك وظيفته ككاتب عدل بعد هذه الحقبة بناء على طلبه وبعد إلحاح على الشيخ الحركان - رحمه الله - وزير العدل آن ذاك.. وكان محبوباً عند كل من عرفه؛ ذا شهامة وكرم محباً للخير وأهله وكثيراً ما يتمثل بقول الشاعر:
سئمت تكاليف الحياة ومن يعش ثمانين حولاً لا أبا لك يسأم |
ولا أنسى بشاشة أخي الداعية الموفق الشيخ خالد الراشد وحديثه العذب، وكذلك ضيافة أخينا الشيخ سعد الصميل وإهداءه لنا بعض الكتب المفيدة.. وأيضاً رحابة صدر الشيخ الوالد سليمان الضلعان واستقباله لنا بمنزله العامر.. وكل هذه المشاهدات واللقاءات الجميلة كانت في مدينة الخبر التي حق فيها قول الشاعر:
يا ابن الكرام ألا تدنو فتبصر ما قد حدثوك فما راءٍ كمن سمعا..! |
|