Wednesday 11th January,200612158العددالاربعاء 11 ,ذو الحجة 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"محليــات"

باختصار باختصار
عيدية
نورة المسلم

في الماضي القريب الذي شهدناه، كان الناس يرون مطالبهم أشبه بحجر في بئر عميق، فما حدث من هزات وانتكاسات اقتصادية في معظم الدول النامية، خلقت فجوة بين الناس ومطالبهم، وجعلت من المستقبل شبحاً يطارد أحلام البسطاء ومن يفكرون في اتساع لقمة العيش وأريحية الحياة. وبما أننا كنا جزءاً من هذا العالم، فقد طالنا الارتباك الاقتصادي، فكان لابد من حلول، وإن كانت تلك الحلول لا تأتي عادة كما نتوقعها أو نحلم بها. بيد أن فنون الابتكار في مواقعة البدائل وكسب العيش أصبحت أمراً معتاداً، فقد رأينا للوهلة الأولى مواطنين يعملون في وظائف كان من المستحيل أن يعمل بها سعودي مثلاً، كالطباخ والنادل في المطعم وسائق سيارة الليموزين وغيرها كثير لا يحضرني الآن. كل هذه التوجهات البيانية التي أخرجت المواطن وأحلامه من عنق الزجاجة، هي دليل على واقعية نالت مخططات العيش وتعامل معها الناس كجزء من الواقع رغم غرابتها في البداية!
الآن، لا أقول إن هذه المظاهر اختفت، ولا أجزم أيضاً أن أصحاب المهن البسيطة من المواطنين قد تخلوا عن تلك البدائل، لكني أجزم بأن الوضع ليس كما هو قبل عامين مثلاً، لا لأسباب جازمة أو معلومات موثقة، بل هي قراءة سريعة لأوراق أيامنا هذه، فنشوة الناس بأحلامهم تتطاير فوق الرؤوس، ويبدو أن الناس لا تتنفس أسهماً فقط أو هجرة حول أبواب البنوك كما هي الانتفاضة المالية لسوق المال حالياً، بل لأحلام أخرى مدسوسة تعلن عن نفسها كل يوم. وقديماً كان أهالينا يفرحون بنا في الأعياد، وهم ملزمون بتوفير (العيدية) لنا، والتي كنا نرقب خيوط فجر العيد كي نوقظهم بسؤال اختمر في الذاكرة (وين العيدية)؟.. بينما تبدو عيدية الشعب السعودي الآن في خطوات نماء سريع وفي مواجهة جماعية لكل آثار الاحباط الذي تعثرت عنده الآمال فترة من الزمن، تطورت العقلية للمواطن تجاه كثير من المسائل التي كان مجرد الحديث عنها ضرباً من الجنون، هناك نبذ للتطرف، للتخلف، هناك ثقافة عامة وغير مقننة تتناوب على تناولها العقلية المحلية وهي من كانت سابقاً حصراً على المهتمين بالتخصصات المعنية. المواطن الآن يقرأ في الاقتصاد ويقرأ في السياسة ولا يمانع أن يتحدث عن المرأة بصوت مسموع، ويناقش جل المسائل التي كانت في صندوق المحرمات الاجتماعية. أصبح الناس اليوم غير بعيدين أبداً عن مصادر قرارات عيشهم، وأرى أن هناك مستقبلاً قريباً سيصنع سعودياً آخر مواطناً يفكر بإلحاح في الحلول الواقعية وليس النماذج والأحلام التي توضع من ورق وتذوب مع الورق لأنها لا تلامس الواقع الذي لم يهيأ لها أصلاً!
عيدية السعودي الآن، هي في مستقبل أبنائه، وايصال صوته لايفاء متطلبات الحياة، والتعامل بواقعية صرفة مع كافة المتغيرات التي دشن اساساتها رجل الدولة الأول عبد الله بن عبد العزيز، وجعل خطابه مفتوحاً وعاماً، بل قرأ تعليماته على المسؤولين في حكومته بصوت مسموع حتى لا يكون هناك أي ضبابية في تنفيذ الوعود لبلد يعتبر من أهم الدول الفاعلة على الخريطة الدولية اقتصادياً واستراتيجياً وسياسياً!
قبل أن أنسى، بمناسبة عيد الأضحى المبارك، عيديتكم مني، كل عام وأنتم بخير!

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved