Tuesday 17th January,200612164العددالثلاثاء 17 ,ذو الحجة 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"محليــات"

باختصار باختصار
إمارة لا تنسى
نورة المسلّم

لا أظن الكويتيين سينسون أميرهم الراحل الشيخ جابر الأحمد بسهولة، ولا أظنهم اتبعوا ما دأبت عليه المشاعر الجماهيرية للشعوب العربية تجاه الحاكم، من تمجيد تلون بالخوف، بل إن خيطاً رفيعاً ودقيقاً كانت قد مرت به مرحلة حكمه لم تنقطع قبل خمسة عشر عاما، وهي ما جعلت الكويتيين أكثر التصاقا بأميرهم المسالم الذي لم نسمع له خطابا جهوريا ولا لغة صارمة ولا قرارات متفردة ولا تهديدات هائجة، كان منهم وفيهم.. وحين اختطف صدام الكويت أثناء نومها فجر الثاني من أغسطس عام 1990، لم يتشرذم الكويتيون ولم يستمعوا إلى أصوات صدام التي أصبحت في كل بقعة وبيت كويتي داخل الكويت تعدهم بأحلام وأوهام، تختطف النساء والرجال وتلقي على مسامعهم عبارات صدام الشهيرة عن الحاكم الراحل والمسيئة بالطبع كما اعتاد الناس على لغة صدام !
نسأل دائماً أي محبة يختزنها الناس لحكامهم، وأي علاقة إنسانية يمكن أن تخرج من معطف الخوف والأمر والنهي والعقاب، لا شك أنها معادلة صعبة، وان مثل هذا التناسق بين الحاكم والمحكوم هو بمثابة قصة طويلة ينسجها الإرث الهائل لطبيعة الحكومات العربية إلا من بعض الاسثناءات، وبالكاد تستطيع التماس الحقيقة التي تبدو أثمانها باهظة حيال آراء الناس تجاه من يحكمونهم بالرهبة ويحتكمون إليهم بالضعف والجور!
الأمير الراحل، كان لنا نحن السعوديين معه قصة، خصوصا جيلنا هذا، فهو من أعاد لنا التاريخ حين احتلال الكويت، حين حل ضيفا على المملكة أثناء غزو العراق لبلاده، وحينها أعاد التاريخ قصة قديمة لذهاب الملك عبد العزيز إلى الكويت إبان مرحلة تأسيس المملكة، أقول إن تلك المرحلة عززت مشاعر أخوية بين البلدين وأعادت ملحمة الجوار وامتزاج الدم والأواصر، وأظنها كانت فارقة كبيرة في علاقة السعوديين بالأخوة في الكويت !
لا أظن أن التاريخ يمحو هذه الصفات أو ينساها، لكن الذي ربما ينسى في ظل تزايد التوترات لعلاقة الحكومات العربية بشعوبها، هو انه من النادر جدا أن تجد حاكما يحبه الناس على اختلاف مشاربهم، يحبونه دون خوف، ويكنون له ما يسمى الولاء، تلك المفردة التي تنتزع اغتصابا في بعض البلدان العربية وعلى ذمتها تقطف رؤوس وتزهق أرواح، أما المحبة التلقائية، فهي لا تأتي إلا نتيجة لحكم عادل وعلاقة شرعية لا تبني كثيراً من الحواجز والسلطات الوهمية التي غالبا ما تضيع فيها حقوق ومصالح !
الأمير الراحل ترك بصمات لن ينساها شعبه، وهو مَن عزز مفاهيم ما زال الكثير يتنازعون حولها، وجعل من البرلمان الكويتي قبة تستظل تحتها الآراء العامة ويتفق حولها المختلفون بقناعة دون مواربة لأحد على أحد، وأظن أن المرأة الكويتية تحديدا لن تنسى أنها نالت حقوقها السياسية في عهده، بعد أن اختتم عهده بتعيين أول وزيرة كويتية هي وزيرة التخطيط معصومة المبارك وقبلها د. فايزة الخرافي كمديرة لجامعة الكويت ونبيلة الملا كسفيرة لبلادها في إحدى الدول الإفريقية، هذه التحركات الشجاعة لن تذوب مع الزمن ولا مع الفوارق المتسارعة، ولا أظن أن الناس تغيّب ذاكرتها ان هي تذكرت أن هناك حكاما وحكاما، بعضهم يحبونهم خوفا وبعضهم يبكونهم لأنهم يشعرون بمدى العلاقة التي تجعل الناس لا تتظلم بل تشعر بالفراق رغم أنها لم تشاطره لقمة عيش أو شربة ماء !

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved