Tuesday 24th January,200612171العددالثلاثاء 24 ,ذو الحجة 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"محليــات"

باختصار باختصار
الموقع المستحق
نورة المسلّم

الجهتان اللتان اتجهت إليهما رحال خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الصين والهند، تمثلان بلا شك واحدة من الزيارات المختلفة، وأظنها تتوافق تماماً مع متطلبات هذا الوقت تحديداً، كونها لا تذهب إلى أهداف استراتيجية أو سياسية أو عسكرية كما جرت العادة، بل اختارت بلداً كالصين مثلاً، تمثل المراتب الأولى في النمو لكل العالم، ليس على مستوى الثورة الصناعية فقط، بل العقول المدربة والأيدي الماهرة التي لم تحتر أبداً في الثورة البشرية الهائلة لبلد ما فوق المليار، ولم تعان من الجوع أو البطالة، ولم يتحول التضخم البشري فيها إلى عبء، وإنما وظفت كل هذه العناصر لمصلحتها وجعلت منها واحدة من البلدان الهادرة في مجال التطور والتفوق الصناعي.
أما الهند فهي البلد ذات الكثافة السكانية الهائلة أيضاً، وبلد تعدد الأديان واللغات، ومع ذلك سلكت منذ زمن منهجاً فريداً في الديمقراطية اللافتة. أقول إن التجارب الفريدة هي التي تصنع القوة، واستعارتها أو التمازج معها أمر لا بأس به، بل يمثل بلا شك حقيقة نسيج العلاقات الدولية والانفتاح على العالم.
وها هي السعودية الآن كدولة مهمة لها حضورها المميز على الخريطة الدولية، تشهد عصراً جديداً في الانفتاح على العالم الخارجي بقوة، وتجربة الإصلاح التي أظنها تسير باتزان وبصمت بما يوازي هذه القوة الناطقة حينما تتحدث عن نفسها لهي أكبر دليل على ذلك. كما أن الثورة الاقتصادية الهائلة التي تشبه بزمن الطفرة، تمثلت في فائض الميزانية وانتعاش السوق المالي الشبيه بالحلم عقب فترات الركود السابقة، إلى جانب الوعي الذي يصاحب كل هذه العناصر. جميع هذه الموارد بحاجة إلى توظيف وشق الأرض بحثاً عن التجارب والخبرات والاستزادة بما شاء له أن يكون في صالح بلد يظهر للعالم الآن بكل أثقاله وأوزانه المختلفة. إلى جانب الانفتاح القوي على العالم الخارجي.
لقد ترسخت في الذهنية منذ زمن، وخصوصاً في العالم الثالث، الزيارات الدولية لرؤساء وحكام الدول في ما بينهم على أنها زيارات لتبادل المصالح والاستزادة العسكرية الاستراتيجية، وأكثر الدول كانت تنفق جلَّ ما في خزائنها على القوة العسكرية التي ربما انتهت صلاحيتها قبل الحاجة الفعلية إليها، بينما يموت الشعب من الجوع ومن البطالة وضيق ذات اليد.
كثيرة هي الدول الغنية، وكثيرة أيضاً هي الدول القوية عسكرياً، لكنها أهملت جوانب التنمية، ومساعدة الإنسان على أن يصنع خبزه بيده بدلاً من مدها للسؤال أو الذهاب إلى مغبات الهجرة. لهذا فإن التجربة الصينية كواحدة من الدول الخمس التي يُطلق عليها النمور الآسيوية، هي تجربة مغرية بحق، وهي التي تعاني نمواً بشرياً هائلاً، مما حدا بالقانون هناك إلى الاحتكام إلى تحديد النسل الذي لا يتجاوز طفلاً واحداً، لكن المسألة تنمو في اتجاه آخر، إلى خلق وتأهيل الإنسان، لا تركه عبئاً على نفسه. كما أن الديموقراطية التي أصبحت مطلباً ملحاً وبدأ التعامل بها كواجهة حقيقية لبناء الحضارة الإنسانية واتساع رقعة العدل، هي الأخرى مطلب لا يقل إلحاحاً عن لقمة العيش.
الزيارتان تحلان جوانب مهمة جداً في السياسية العامة للدولة، وعلى قدر من الإلحاح، الذي لم يكل رجل الدولة الأول عبدالله بن عبدالعزيز في طرق أبوابه هنا وهناك، لوضع بلاده في المرتبة التي تستحقها.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved