Sunday 5th February,200612183العددالأحد 6 ,محرم 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"محليــات"

باختصار باختصار
السبع الفوائد
نورة المسلّم

السبع الفوائد التي قيلت عن السفر، والتي انطلقت حكمة عربية ومن إرث عربي، لم تحتكم من واقع ما نراه إلى أي من هذه الفوائد السبع، بينما نحصرها في فائدة أخرى وهي الحقائب الكثيرة والتسوق، حتى بات يطلق على كميات (العفش) أو الحقائب الكثيرة واللافتة للنظر مسمى (الأمتعة العربية).. لا تنتهي الدهشة هنا، فأكثر الناس حين يسافرون للسياحة لا يذهبون خفافا، بل إن معدل حقيبتين للفرد الواحد فكرة واردة، وأتذكر صديقة كانت تقول إنها تكره يوم السفر لأن مشاجراتها مع زوجها تبدأ من نقطة عدد الحقائب التي يذهبون بها ويعودون بها مضاعفة بالطبع، حين قالت: لدى زوجي ملاحظة علينا، فهو يقول تذهبون بكل هذه الشنط وتقولون إنها ملابس، بينما لاحظت أنك تستخدمين عدداً محدوداً حتى نهاية الرحلة لا يمكن لها أن تحتاج لأكثر من شنطة واحدة!
فوائد السفر الغائبة، هي ليست فرضاً إلزامياً يدعي الثقافة ويبحث في شجون التاريخ والحضارات الأخرى والمتاحف والمسارح الثقافية، لكنها رغبة تنطلق من فكر الإنسان، الذي إذا ما تعوّد أو اقتنع بأهمية مثل هذه الكنوز للاطلاع عليها، فهي لن تحرك بداخله أي رغبة للاطلاع أو الاستعداد لفتح نافذة في العقل، فلو أن مصادر المعرفة لدينا تجاه مسائل الفكر والفنون الثقافية بكل ألوانها قد تحركت بأي اتجاه كأن تشملها المناهج العامة والندوات العامة كثقافة عامة لكانت النظرة مختلفة، ولما كان أكثرنا يهيمون في الأرض للسياحة باسمها يمارسون نفس الطقوس السنوية، ويصرفون الملايين على سياحة محدودة الفائدة، في حين أصبح مشهد التجمع ظاهرة سعودية خاصة، فهم يسافرون لمكان واحد ويرتادون نفس الأماكن العامة التي لا تتجاوز المقاهي والمطاعم والأسواق، وتبدأ أيامهم بعد الرابعة عصراً، بينما يختفون في النوم طوال ساعات النهار، في حين يصر البعض على جلب كل مظاهر حياته العامة هنا إلى هناك، من حيث استئجار السيارات الفارهة والحرس الشخصيين (البودي جارد) بينما يكون معظم هؤلاء أناساً عاديين لا تكلف حياتهم كل هذا الحرص لمجرد الإشارة إلى شيء ما، وفي النهاية نعتبرها حرية شخصية، لكنها تحاط بأسئلة كثيرة كتطور الوعي، أنماط الاستهلاك لوسائل الحياة واستغلالها في أساليب أخرى مفيدة كمظهر عام قد يوحي بخلل ما في طريقة العيش التي تبدو في معظمها مثيرة للعجب.
حرضني على هذه الفكرة مقالة لكاتب بريطاني في صحيفة الجارديان، كانت المقالة عن سفر هادئ ومريح ومنتقى للأمتعة ومنظم يرفق بـ101 نصيحة، حين قسّم هذه العناصر على فقرات خمس أولها (قبل أن تذهب) ماذا عليك أن تفكر فيه، وبالتالي كان أول تلك العناصر أن تحمل أمتعة خفيفة جداً، وتبعها بعد ذلك عشرون نصيحة أخرى كلها تنطوي تحت قائمة قبل أن تذهب، أما العنصر الثاني فهو (في المطار) وما يجب أن يسبق الذهاب إلى المطار وبالتأكيد أن الوقت لاعب مهم.
الغريب أن خبرتنا في السفر والتنقل وهي طويلة للكثير من واقع المقدرة على السفر بشكل عام، لم يتخللها أي تغيرات جذرية في طريقة استغلال هذه الفرص، بل تبدو سياحة تسوق للكثير وجلب كثير من العناء والمشقة في المطارات وهدر الأموال على العفش شراءً وشحناً على سبيل المثال، بينما تهدر بقية الميزانية على المطاعم والقهاوي التي يرتادها مواطنونا ولا ننسى حجز الطاولات المسبق التي أصبحت سمة خاصة بنا فقط!

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved