Sunday 12th February,200612190العددالأحد 13 ,محرم 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"الريـاضيـة"

مصر تتحدث عن نفسها مصر تتحدث عن نفسها
رضا محمد العراقي *

(الله عليك يا مصر).. مطلع أغنية وطنية يتغنى بها المصريون دوماً، لكن لها طعم ووقع خاص الآن، بعد أن حققت مصر الفوز التاريخي الخامس في مسيرتها الإفريقية، وحصولها على بطولة كأس الأمم الإفريقية، وفرحة عاشتها مصر عن بكرة أبيها. ومن فرط فرحتها خرج شعبها إلى الشوارع يعبر عن فرحته وابتهاجه بالبطولة.
وقد جاء التتويج المستحق للكرة المصرية بعد أن تجاوزت فرق القارة الإفريقية التي تكتظ بلاعبين محترفين في الدوري الأوروبي، وكان للاعب المصري المحلي كلمته التي فرضها على هؤلاء النجوم المحترفين الذين تجاوزت أسعار احترافهم في أوروبا أرقاماً فلكية؛ فلا فخر أن كل الفرق الإفريقية (باستثناء المنتخبين المصري والليبي) كانت تضم تشكيلاتها تقريباً محترفين وأسماء مشهورة في عالم هذه اللعبة، غير أن الروح القتالية للاعب المصري داخل الملعب كانت لها كلمة السرّ في التغلب على الحالة الفنية العالية للفرق الأفريقية؛ ففازت بكل مباريات الدورة باستثناء التعادل مع المغرب، كما فازت بنسبة تهديف عالية أعطت لهجومها الكعب العالي على هجوم كل الفرق الأخرى المشاركة التي تزخر بأسماء مثل إيتو الكاميروني، ودورجبا الكوت ديفواري، وكانوا النيجيري، وسانتوس التونسي، وحجي المغربي؛ فظهر التألق لميدو وأبو تريكة وعماد متعب وحسام حسن وأحمد حسن، وهي ظاهرة تؤكد أن الحالة الفنية للفرق وحدها لا تكفي بدون روح عالية يجب توافرها لدى اللاعبين، وهي الحالة الفارقة التي استثمرها الفريق المصري مع الجمهور الكبير الذي وقف معه في ملحمة رياضية شهدها استاد القاهرة؛ فكان هذا التفوق.
ولا أبالغ إذا قلت إن الانتصار المصري والفوز بكأس الأمم الإفريقية جاء في وقته بعد حالات من الحزن الشديد عاشتها مصر بعد غرق العبارة المصرية في البحر الأحمر ووفاة أكثر من 950 شهيداً؛ فقد كان شعب مصر ينتظر هذا الإنجاز بفارغ الصبر؛ ليخفف من آلامه ومعاناته مع الأحزان، ويمسح دموعه بفرحة رياضية قارية، وفوز خرج من رحم انكسارات متكررة من تلك البطولة، ومن عدم تمكنه من بلوغ تصفيات كأس العالم منذ عام 1990؛ لذلك كان للفرحة مذاقها، وللانتصار حلاوته؛ فجاء الاحتفاء به بحجم انتظاره بشغف ولهفة، كما جاء الانتصار - ولله الحمد - بصورة مشرفة في دورة وبطولة قال عنها الغريب قبل القريب إنها أفضل دورة إفريقية، سواء من ناحية التنظيم الهائل أو الحضور الجماهيري المكثف أو الإعداد الجيد أو الافتتاح البديع.
لذلك كله، كان من حق المصريين أن يعلنوا فرحتهم بصوت عال؛ فقد اقتنصوها من بين أنياب الأسود والنسور والأفيال وكل أسماء الحيوانات التي تدل على قوة أصحابها، وأثبت (الفراعنة) حضورهم وفرضوا إرادتهم على كل الفرق؛ فجاء التتويج الخامس في تاريخهم القاري، وحققوا الرقم الأعلى بحصولهم على البطولة.
وأزعم أن اختيار اللاعب القدير أحمد حسن أفضل لاعب في البطولة هو اختيار مستحق للاعب قدم فاصلاً من أروع عطاءاته في الملاعب، وكان محورياً ومؤثراً في الفوز بالبطولة، كما كان حصول عصام الحضري على أفضل حارس مرمى في البطولة يؤكد أن الحضور المصري كان فاعلاً في هذه الدورة.
ومن حق المصريين أن يعلنوا مظاهر فرحتهم بعد أن شاركهم كل العرب فرحتهم؛ فقد تجمع العرب على فرحة اسمها بطولة الأمم الإفريقية ال (25).. وكأس غالية حملتها أياد مصرية.
***
مرة أخرى.. الله عليك يا مصر وعلى جمهورك الرياضي الرائع الذي اكتظت به ملاعب القاهرة والإسكندرية وبور سعيد والإسماعيلية، وكأنهم عطاشى إلى الكرة وفنونها وجنونها، وأفراحها وأطراحها، وهزائمها وانتصاراتها؛ فتفاعلوا معها؛ فتفاعلت معهم البطولة؛ لتعطيهم بحق أفضل بطولة نظمت على الأرض الإفريقية، ولتعطيهم قصب السبق في رقم حصولهم عليها، وفي ذلك كله كانت مصر تتحدث عن نفسها.
ألف مبروك لمصر وشعبها هذا الإنجاز.. ويا رب المزيد والمزيد من الانتصارات.

* صحفي مصري

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved