Tuesday 14th February,200612192العددالثلاثاء 15 ,محرم 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"محليــات"

باختصار باختصار
الجريمة الأكثر غباءً !
نورة المسلّم

قيل إن الجريمة مهما أحكمت خطتها، فإن مصيرها الفشل في النهاية، ليس بإضاعة الهدف، بل لإفلات الفاعل من شرك الحقيقة. وجريمة مقتل الحريري - رحمه الله - تبدو للجميع جريمة غبية بكل المقاييس، حين لم يحسن تخطيطها، بل تعد من أغبى الجرائم على الإطلاق التي شهدها العصر، فمخطط الحادث كان بحق انفعالياً وعاطفياً، وعلى إثره تعاقبت كثير من الجرائم المتلاحقة المتصلة بأي مشاعر أو تأييد لنهج الحريري نفسه.
ورغم أن مقتل الحريري بتلك الطريقة وانتهاء ما آلت إليه النتائج حتى اللحظة من تحريات ومواقف شائكة لكثير من الأطراف المتهمة، إلا أنها كانت بمثابة الزلزال الذي أماط الغطاء عن كثير من الاستفهامات النائمة في لبنان، والتي لم يجرؤ أحد قبل رحيل الحريري على طرحها، وهي هنا تعد بمثابة الفائدة التي أثمرت عنها مثل هذه المصيبة!
ورغم مضي عام على اغتيال الحريري, إلا أن الأمور اللبنانية الداخلية تبدو في حالة انفلات شديد، ويخيل للمراقب البعيد أن نصف الشعب اللبناني قد يصبح عضواً في حزب أو معارضة أو تيار، انطلقت ألسن اللبنانيين رجالاً ونساءً وأصبحت مسألة الحصول على ميكرفون لإلقاء خطبة أو كلمة أسهل من عملية الحصول على فنجان قهوة، أصبح النواب والمعارضون والإعلاميون وأعضاء الأحزاب والتيارات التي تبدو في تزايد وزوجاتهم ساسة ومعارضين وبلغاء. ربما كان الوضع يحتاج إلى كل هذا الضخ الإعلامي والسياسي، وربما كان الزلزال الذي حدث منذ عام تقريباً بحاجة إلى كل هذه الفوضى لإعادة هيكلة لبنان من جديد بعد الخروج السوري من جسده. لكن العملية ببساطة تحتاج إلى شيء من الاستقرار في التوجه، والرؤى التي تبدو في ازدحام شديد على الواقع اللبناني الساخن.
لو أن الجرائم تحدد بهوياتها وتصنيفها، لكان مقتل الحريري - رحمه الله - يعد الأغبى والأكثر سذاجة، لأنه أعاد للأذهان فكرة بسيطة جداً، رغم ابجدياتها السهلة، إلا أنها كانت (تابوه) محرم، كتحرر لبنان من القبضة الخارجية، والآن بعد انكشاف جميع الأوراق، على اللبنانيين أنفسهم ان يرتبوا أولوياتهم ويقلصوا كل هذه الحمم لمزيد من التكاتف، لبلد صغير يحمل أكثر من فتيل للفتنة، إذا لم تخمد في وقتها، فإن المسألة ستطول وستبدو أكثر تعقيداً مما يتصوره شعب أكثر من نصفه مثقف سياسياً!

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved