Monday 20th February,200612198العددالأثنين 21 ,محرم 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"محليــات"

باختصار باختصار
نزهة الحرية!
نورة المسلّم

كنت أقرأ منذ زمن أن القوات العسكرية التي تذهب في مهمات دولية تتوفر لها وسائل تسلية كثيرة، بعضها بقصد الترفيه عن الجنود خلال مكوثهم في بيئات مختلفة مناخياً وثقافياً عما اعتادوا عليه!
كانت هذه الوسائل تختلف وتتنوع حسب الأماكن التي تذهب إليها هذه القوات، وفي زمننا هذا شاهدنا كثيراً من القوات الأجنبية التي تجوب العالم لنشر الحرية وترفع يافطات الديموقراطية كحجة قوية لتحرير الشعوب، لكنها وباسم الحرية سقطت في امتحان استغلال الحرية وهم يعبثون بكرامة الشعوب الذين قصدوها بهدف التحرير، بل كان هناك احتلال آخر لأجساد البشر، حين توالت علينا الصور المهينة التي تتنافى مع الحقوق الإنسانية تحت أي مسمى وأي مبرر، فنحن لم ننس صور أبوغريب التي التقطت بكاميرات الجنود الأمريكان أنفسهم، وشاهدنا ملامح المهانة والإذلال وما بعد ذلك أي تبرير، في حين لم تتوقف هذه التعديات ويبدو أنها أصبحت عدوى تنتشر في خلايا الجنود وقوات التحالف بكل جنسياتهم، بعد أن انتشرت صور أخرى لا تقل بشاعة عما شاهدناه وما تحفل به وسائل الإعلام العالمية الآن لمعتقل جوانتانامو وتولي ثلة من القوات البريطانية تعذيب صبية عراقيين كانوا يتظاهرون بطريقة تلائم مبرر وجود القوات الأجنبية في بلادهم؛ ظناً منهم بأنها الوسيلة الأقوى تأثيراً وتفهماً في ثقافة الجنود لبلدان حضارية تتولى الدفاع عن حقوق الناس والحريات وكل تلك المبادئ!
نزهة الحرية على أجساد البشر وعلى كراماتهم، هي إساءة بالغة للإنسان عموما، كوننا نتلقى هذه الصفعات المتوالية بحجج كثيرة، وربما اعترفنا ببعضها تحت أي مبرر حينما يكون الفاعل ديكتاتوراً أو إرهابياً تطارده العدالة، لكنها عندما تأتي بدوافع أخرى ومن مصادر تبنت ما سبق من إعلانات تحرير العالم من التخلف والتسلط والاستبداد فإنها تبدو وهماً آخر، وأن الإنسان مجرد وسيلة، وباسمه وباسم حريته وأمنه تتحرك الأساطيل البحرية والبوارج والجيوش، لا لتحرير الأرض ولا لتعليم الشعوب المتأخرة ماذا تعني الحرية، بل لإهانة هذه الحرية وأنها لألوان دون أخرى وأن عنصرية بغيضة تمارس تحت هذه الشعارات، فمن واقع ما رأينا، يبدو أن الحرية والكرامة البشرية تختار البشر وتصطفي العروق والدماء والألوان، وقدر هذا العالم الذي ننتمي إليه، أن تحكم عليه القبضة الأقوى والأكثر بشاعة لتدني حقه وتتمادى في إهانته وهو الشيء الذي رأيناه، رغم أن الحقيقة الأخرى تقول إن ما خفي أعظم تحت بنود الحرية والديموقراطية وتحرير الشعوب من كراماتها وإنسانيتها، حينما تصبح هذه الشعوب ليست أكثر من أداة لترفيه الجنود ووسيلة لتسليتهم حتى تنتهي مهماتهم طويلة الأجل!

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved